عالم السينما ليس بعيداً عن دُنيانا وما نختبره فيها من مصاعب وأزمات نفسية، إلا أن تقديم الاضطرابات العقلية والنفسية بصورة دقيقة وواقعية تصبح تحدياً لدى فريق العمل لصعوبة تفاصيلها، سنستعرض معاً في هذا التقرير قائمة بأشهر الأفلام العالمية التي كانت نهاية بأبطالها نحو هاوية الجنون، مَن بدأوا رحلتهم عقلاء، ومتفائلين، غير أن ضغوط الصُنفت ضمن الأفضل في تاريخ السينما.. 10 أفلام رصدت الاضطرابات العقلية حياة اشتدت عليهم، فأوجعتهم ما تسبب لهم في هزيمة لم تَطُل فقط أرواحهم ولكن عقولهم كذلك.
1- Taxi Driver – 1976
فيلم دراما أميركي ينتمي لأفلام الرُعب النفسي، إنتاج عام 1976، من إخراج مارتن سكورسيزي وبطولة روبرت دي نيرو، وجودي فوستر. وقد رُشح العمل لأربع جوائز أوسكار، بينما حصل على "السعفة الذهبية" بمهرجان كان.
يُعتبر الفيلم أحد أفضل الأفلام بتاريخ السينما العالمية، إذ صنفه معهد الفيلم الأميركي كرقم 52 ضمن أفضل 100 فيلم أميركي، أما بقائمة الــIMDb لأفضل 250 فيلماً فقد احتلّ المرتبة الـــ80. وقد بلغت إيراداته -بالولايات المتحدة الأميركية وحدها- 28,262,574 دولاراً من أصل ميزانية لم تتجاوز الـ 1.3 مليوناً.
يحكي الفيلم قصة ترافيس بيكل، وهو شاب في السادسة والعشرين من عمره، يتم تسريحه من البحرية، فيلتحق بالعمل كسائق تاكسي -بأحد أسوأ الأحياء بنيويورك- للتغلب على معاناته من الأرق المزمن، وشعوره الدائم بالاكتئاب والوحدة، لكنه سرعان ما يشعر بالاشمئزاز تجاه الفساد، والعَجْز والدعارة المُنتشرين بالمدينة، ما يدفعه نحو الجنون، فيُقرر التخلص من إحباطه بالبدء في برنامج تأهيل بدني قاس.
بعدها يقوم بشراء بعض الأسلحة بشكل غير قانوني، ثم ذات ليلة يتعرض أحد المحلات التجارية للسرقة في وجوده، فيُخرج سلاحه ويقتل السارق! ليبدأ ترافيس في التصدي للفساد بطريقته الخاصة، والدموية قبل أن يتأزم الأمر حَد قراره الانتحار، إلا أن نفاذ ذخيرته يُعيقه عن تنفيذ ذلك، لينتهي الفيلم بالبطل في مواجهة مرآته يبدو عليه الاضطراب، ويُمارس أفعالاً تؤكد عدم اتزانه عقلياً.
2- Apocalypse Now – 1979
فيلم دراما أميركي، إنتاج 1979، وأحد أفضل الأفلام العالمية التي قُدمت عن الحروب، وهو مُقتبس عن رواية "قلب الظلام" لـ"جوزيف كونراد"، إخراج وإنتاج فرانسيس فورد كوبولا، أما البطولة فلــ: فريدريك فورست، روبرت دوفال، مارلون براندو، ومارتن شين.
يحتل الفيلم المرتبة الـ49 بقائمة أفضل 250 فيلماً على موقع الــIMDb، وقد ترشح لـ8 جوائز أوسكار حاز منها اثنتين، كذلك فاز بجائز السعفة الذهبية بمهرجان كان. أما عن إيراداته فبلغت 150 مليون دولار، في حين كانت ميزانيته 31 مليون دولار وهو رقم فلكي بالنسبة لأواخر السبعينيات.
تدور أحداث الفيلم أثناء حرب فيتنام حيث يتم إرسال "بنجامين إل. ويلارد" النقيب بالجيش الأميركي -والذي يُعاني من الكوابيس بسبب كَم العُنف الذي يشهده- إلى كمبوديا في مهمة صعبة للغاية، تهدف لاغتيال الكولونيل "كورتيز" الذي خرج عن رشده وتمرد على الجيش الأميركي مُعلناً انشقاقه عنه، قبل أن ينصب نفسه أقرب ما يكون إلى إله تتبعه قبيلة محلية ويُطيعون أوامره دون نقاش.
تلك المهمة التي يشترك بها ثلاثة أشخاص آخرين، خبرتهم العسكرية تكاد تكون منعدمة، ما يجعل الترتيب للتنفيذ أكثر صعوبة، ويحتاج الكثير من التمرين والمهارات، والأهم المساعدات الخارجية. وتكمن أهمية الفيلم فيه كونه يعكس الأجواء النفسية المُضطربة المُصاحبة للحروب، وتأثيرها السلبي على أرواح وإنسانيات مَن يخوضونها، موضحاَ كيف تُغلف القلوب بالقسوة، ويصبح العُنف هو اللغة الوحيدة المُتعارف عليها.
3- The Shining -1980
فيلم رعب نفسي أميركي-بريطاني، إنتاج 1980، مأخوذ عن رواية بنفس العنوان للكاتب ستيفن كينغ، إخراج ستانلي كوبريك، وبطولة جاك نيكلسون، وشيلي دوفال، وداني لويد. وقد تميز الفيلم بأداء جاك نيكلسون المُبهر، بالإضافة للإخراج الممتاز، وحِس التشويق والغموض الذي يتمتع به الفيلم، وهو ما جعله يُحقق نجاحاً هائلاً وقت صدوره على صعيد الجمهور والنقاد، حتى أنه احتل المرتبة الـ 59 بقائمة أفضل 250 فيلماً على موقع IMDB.
تدور أحداث الفيلم حول جاك تورانس، الكاتب الذي يقبل العمل كحارس بأحد الفنادق بجبال كولورادو التي تُغلق بفصل الشتاء، ليستغل العُزلة والهدوء من أجل الكتابة، ما يجعله يصطحب معه زوجته وابنه ليصبحوا النزلاء الوحيدين بالفندق.
لكن لا يلبث داني -الابن- أن يكتشف كَون الفندق مسكوناً بالأشباح، وحين تُحاول الأم إقناع زوجها بالمغادرة يُخالفها الرأي ويتهمها بالوقوف أمام مُستقبله، لتبدأ بعدها تلك الأرواح في التجلي لجاك، وتحريضه على قتل أفراد أسرته، ما يدفعه نحو الجنون وبينما هو يسعى للتخلص من زوجته وابنه، تُحاول الزوجة في المقابل حماية طفلها من والده، لتخرج الأمور عن السيطرة، وتتوالى الأحداث.
4- A Beautiful Mind – 2001
فيلم دراما أميركي، مُقتبس عن السيرة الذاتية للعالم جون فوربس ناش، إنتاج 2001، بطولة راسل كرو وجينيفر كونيلي، فاز بأربع جوائز أوسكار من أصل 8 ترشيحات، واحتل المرتبة الـ145 بقائمة الـIMDb، مُحققاً إيرادات وصلت 313,542,341 دولار. وقد تميز الفيلم بالسيناريو المُثير والتصاعدي في أحداثه، بشكل جعل المُشاهد يتعايش مع الأحداث ويتماهى معها.
تدور أحداث الفيلم حول رحلة جون ناش منذ أن كان طالباً بالجامعة، مروراً بتفوقه الدراسي، وتقدمه على أقرانه، والصداقات التي أنشأها مع بعض المقربين، وصولاً لوقوعه بالحُب وزواجه من فتاة أحلامه، ثم إنجازاته بعالم البحث الأكاديمي ومروره بتجربة مرض الفصام الذي جعله غير قادر على تمييز الواقع من الخيال بسبب الهلاوس السمعية والبصرية التي يُعاني منها. كل ذلك تزامناً مع اقتناعه التام بأنه قد تم تجنيده من قِبَل أحد جنود المخابرات الأميركية في الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، وانتهاءً بحصوله على جائزة نوبل بالاقتصاد.
5- Spider – 2002
فيلم دراما نفسية، إنتاج (كندي-بريطاني) مشترك، صدر عام 2002، إخراج المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ، وهو مُقتبس عن رواية بنفس العنوان للكاتب باتريك مكغراث، أما البطولة فلــ:رالف فيينس، وميراندا ريتشاردسون. وبالرغم من أن الفيلم أحدث نوعاً من الضجة حين عُرض لأول مرة بمهرجان كان، إلا أن توزيعه بالسينمات كان محدوداً، وعلى ذلك نجح في لفت أنظار النقاد، حتى أن مُخرجه حصل على جائزة أفضل مخرج بجوائز جيني الكندية.
يحكي الفيلم قصة "سبايدر" رجل مُختَل يُعاني من الهلاوس والاضطرابات الفكرية بسبب إصابته بالفصام، ما يجعله يعيش بشكل دائم في خوف وقلق، وقد خرج لتوه من مصحة عقلية ليبدأ في تَلَمُّس خطواته بالعالم الخارجي، يتزامن ذلك مع قيامه باسترجاع مشاهد من طفولته، وعلاقته بأهله. وبسبب مرضه الذي يوقفه على الخط الفاصل بين الوهم والحقيقة، يُقرر البطل تتبع ذكرياته من أجل معرفة الحقيقة كاملة، واكتشاف نفسه لعله يعرف ما الذي جعله رجلاً مُحطماً على شفا الجنون.
6- There Will Be Blood – 2007
فيلم أميركي، إنتاج 2007، تأليف وإخراج بول توماس أندرسون، وبطولة دانيال دي لويس وبول دانو، وقد ترشح العمل لـ8 جوائز أوسكار فاز منها باثنتين، بجانب احتلاله المرتبة الـ172 بقائمة الـIMDb. جدير بالذكر أن دانيال دي لويس فاز عن دوره بكل من (أوسكار، غولدن غلوب، والبافتا) كأفضل ممثل.
الفيلم يحكي قصة دانيال الذي يعمل بالتنقيب بأحد المناجم بحثاً عن الذهب، لكنه لا يجد سوى الفضة قبل أن يكتشف وجود النفط، ليبدأ بعدها في توسيع نشاطه ومحاولة تحقيق ثروة من خلال تجارة النفط. تلك الرحلة التي يخوضها كاملةً مهما كان حجم ما سيخسره بها معنوياً أو إنسانياً، فهو لا يهتم إن كان سيقوم بالقتل في سبيل ذلك، أو أن يتسبب في صمم ابنه بالتبني، أو حتى القيام بالادعاءات الدينية الكاذبة لتحقيق مسعاه، ومع كل خطوة يخطوها يزداد قلبه جفاءً، عاكساً اضطرابه النفسي، وروحه التي لا تعرف سوى الكراهية وحُب الذات.
7- Shutter Island – 2010
فيلم أميركي ينتمي لعالم الإثارة النفسية، والغموض، إنتاج 2010، وهو مأخوذ عن رواية بنفس الاسم لـ"دينيس ليهان"، الفيلم إخراج مارتن سكورسيزي وبطولة ليوناردو دي كابريو، مارك رافالو، وبن كينغسلي. وقد نجح الفيلم جماهيرياً بشكل ضخم بسبب الإخراج القوي والشخصيات المكتوبة بحرفية حتى أنه حقق إيرادات وصلت 294,804,195 دولاراً، أما على المستوى الفني فاحتل العمل المرتبة 181 بقائمة الـIMDb.
تدور أحداث الفيلم في 1954، حيث يحكي عن اثنين من الضباط الفيدراليين (دانيال وتشاك) اللذين يُسافران لمستشفى للأمراض العقلية -موجودة بجزيرة بالقرب من ميناء بوسطن، نُزلاؤها مجموعة من أخطر المجرمين المضطربين نفسياً- من أجل التحقيق في مسألة اختفاء إحدى المريضات.
تشاء الظروف بأن تهب عاصفة تحول دول رجوع الضباط ما يدفعهم للاستمرار في التحقيقات. غير أن "دانيال" سرعان ما يشك في أن بعض المعلومات يتم إخفائها عنهم عن عمد، في الوقت نفسه تبدأ تنتابه الهلاوس والكثير من الفلاش باك الذي يُهدد سلامته العقلية والنفسية، وتتوالى الأحداث.
وقد انقسمت الآراء حول الفيلم ففي حين اقتنع البعض بأن شخصية البطل سوية في الأساس لكن أصحاب المشفى دسوا له العقاقير للتأثير عليه والتخلص منه، هناك آخرون رأوا أنه مريض نفسي بالفعل وأحد نزلاء ذلك المشفى، خاصةً وأن المُخرج لم يمنح الجمهور إجابة صريحة حول هذه المسألة واكتفى بأن زرع الشك في نفوسهم ثم تركهم لقناعاتهم الخاصة.
8- Black Swan – 2010
فيلم أميركي إنتاج 2010، إخراج دارين أرنوفسكي، وبطولة ناتالي بورتمان التي فازت عن دورها بأوسكار أفضل ممثلة، في جائزة مُستحقة بسبب تمثيلها المتألق، حتى أنها تعلمت الباليه بالفعل لتُقدم كل مشاهدها دون الحاجة لبديل. وقد تميز العمل باهتمام مُخرجه بالتفاصيل.
الفيلم يُقدم معالجة معاصرة لباليه بحيرة البجع، من خلال عرض حكاية "نينا" راقصة الباليه التي تتميز بالرقة والهشاشة ما يؤهلها للعب دور البجعة البيضاء، لكنه لا يجعلها تملك ما يُميزها لتلعب دور البجعة السوداء أيضاً. وبسبب إصرارها على لعب الدورين وتحديها لنفسها، يحتدم الصراع بداخلها بين الجانب المُطيع، المُسالم منها والجانب الآخر الراغب في الحُرية رافضاً كل مظاهر الكَبت، ما يُعَرِّض سلامة البطلة النفسية والعقلية للخطر.
9- Take Shelter – 2011
فيلم دراما أميركي، تأليف وﺇﺧﺮاﺝ جيف نيكولز، وبطولة كاتي ميكسون، ومايكل شانون، ويتميز الفيلم بأن مُخرجه بالتعاون مع أبطاله كونوا فريقاً ناجحاً قدم فكرة جديدة ومعالجة مُلفتة بطريقة جذابة ومُحكمة فنياً.
تدور أحداث الفيلم حول "كيرتيس لافروش" الأب المهووس بتتبع الأعاصير، للدرجة التي تجعله يُصاب بالهلاوس والكوابيس التي تُخيِّل له اقتراب إعصار يُهدد حياته وحياة أسرته، ما يدفعه للقيام ببناء ملجأ يقيهم شر الإعصار وهو ما يُعَرِّض حياته الزوجية، والوظيفية والمادية للانهيار. ذلك لأنه ورغم ذكائه كشخص إلا أنه بسبب هواجسه، وقراءته المستمرة في علم النفس، بجانب انحداره من أسرة تظهر بها أعراض الفصام، كل ذلك يجعله مُعرضاً أكثر للإصابة بالذهان.
10- Martha Marcy May Marlene – 2011
فيلم رعب أميركي، إنتاج 2011، تأليف وإخراج شون داركين، وبطولة إليزابيث أولسن، وسارة بولسن، وهيو دانسي. تدور أحداثه حول "مارثا" التي نجحت في الهروب من طائفة تحيا بطرق بدائية وذات هوس خاص قد يصل إلى القتل. تذهب مارثا لأختها الكبرى وزوجها رغم العلاقات شبه المنقطعة بينهم، لكنها تعجز عن إخبارهم بالحقيقة حول عودتها للعائلة مرة أخرى.
وبرغم ابتعادها عن الطائفة التي كانت جزءاً منها، إلا أن زعيمها يظل بطريقة ما قادراً على التأثير روحياً وفكرياً على البطلة، خاصةً مع إصابتها بجنون الارتياب واقتناعها التام بأن أفراد الطائفة يُلاحقونها من أجل إلحاق الضرر بها، يتجلى ذلك بوضوح في سقوطها في فخ عالم ما بين الوهم والواقع.