سعد لمجرد.. “طحن مّها”

سعد يوجد الآن رهن التحقيق، القضاء الفرنسي سيصدر حكمه، إذا كان سعد بريئاً، فهو حينها سيستحق كل تضامننا ليس لأنه مغربي، أو لأن فنه يعجبنا، بل لأنه سيكون حينها مظلوماً وضحية تهمة ملفقة، أما إذا كان سعد مذنباً، فالشخص الوحيد الذي سيستحق تضامننا هو الفتاة الضحية.

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/02 الساعة 04:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/02 الساعة 04:18 بتوقيت غرينتش

أعزائي.. لنتفق على بعض الأبجديات: الشخص الذي يتعرض للسرقة ليس مسؤولاً عن سرقته؛ لأنه "هو اللي خرج معاه البزطام أو التليفون"، على نفس المنوال، فإن الفتاة التي تتعرض للاغتصاب ليست مسؤولة عنه مهما كانت ملابسها، مهما كانت الساعة ومهما كان المكان اللذين تعرضت فيهما للاغتصاب.. في جميع الأحوال، يكون المسؤول الوحيد والمذنب الحقيقي هو الفاعل؛ لذلك يصعب عليَّ وعلى أي شخص مؤمن بالحقوق، أن يفهم حملة التضامن الواسعة مع سعد لمجرد قبل أن يصدر القضاء قراره.

سعد يوجد الآن رهن التحقيق، القضاء الفرنسي سيصدر حكمه، إذا كان سعد بريئاً، فهو حينها سيستحق كل تضامننا ليس لأنه مغربي، أو لأن فنه يعجبنا، بل لأنه سيكون حينها مظلوماً وضحية تهمة ملفقة، أما إذا كان سعد مذنباً، فالشخص الوحيد الذي سيستحق تضامننا هو الفتاة الضحية.

ما دون ذلك، فمهما بلغ إعجابنا بنجاحه، وحتى حين تربطنا به نفس الجنسية، لا يمكن أن نتضامن معه وهو متابع بجريمة اغتصاب وعنف جسدي، إلا إذا ثبتت براءته.
كل أولئك الذين يصرخون في وجهنا اليوم: "أنا سعد لمجرد"، أو "كل التضامن مع سعد"، هل فكروا للحظة ماذا سيكون موقفهم إذا ثبتت الجريمة في حق سعد؟ هل سيعني هذا أنهم يشجعون الاغتصاب؟ هل سيعني هذا أننا حين نحب شخصاً نكون مستعدين أن نغمض أعيننا عن كل ممارساته، بل أن ندعمها لمجرد أنه منا أو لمجرد أنه ناجح؟

أكثر ردود الفعل الصادمة كانت من أولئك (وخصوصاً منهم النساء) الذين اعتبروا أن الفتاة مسؤولة؛ لأنها رافقته إلى غرفته، هل كونها رافقته إلى غرفته يعطيه الحق في اغتصابها؟ حين يكون المرء مؤمناً بمبدأ الحقوق والمساواة، عليه أن يعي أن مرافقة الفتاة شاباً إلى غرفته لا تعطيه الحق في اغتصابها، بل إن العلاقة الجنسية قد تبدأ بين الطرفين، وإذا رغب أحدهما في وضع حد لها، يكون من واجب الآخر احترام رغبة الطرف الأول، هناك عينة أخرى من النساء اعتبرت أن الضحية محظوظة؛ لأن شخصاً بشهرة ونجاح سعد لمجرد اهتم بها، كيف يعقل أن نبرر، ليس فقط كنساء، بل كأشخاص أسوياء، فكرة العنف والاغتصاب لمجرد أن المتهم جميل أو غني أو مشهور؟ هل تدرك كل هؤلاء النساء أنهن يرسخن بكلامهن حق الرجل في اغتصابهن وممارسة العنف عليهن حين يكون غنياً ومشهوراً؟

ثم ماذا لو لم يكن المتهم هو سعد لمجرد، بشهرته ونجاحه، هل كنا سنتضامن بهذا الشكل مع مواطن لنا متابع بتهمة اغتصاب؟ هل هو إذن دفاع عن الشخص بعينه -لمركزه وثروته ونجاحه- أم دفاع عن قضية ومبدأ؟ فلو كنا ندافع عن القضية وعن مبدأ الحرية واحترام المرأة وحمايتها من العنف، لا يمكننا أن نتضامن مع سعد لمجرد إلا إذا ثبتت براءته، أما إن كنا ندافع عن الشخص مهما كانت التهم الموجهة إليه، فهذا عليه أن يتساءل عن مواقفنا الحقيقية بل أن يعرضها لرجة عنيفة.

وأخيراً، لنتأمل كيف أننا نحتج ضد ممثلة مغربية تمثل دوراً لا يعجبنا، رغم أن الأمر لا يتعدى دوراً تؤديه في عمل فني، ننتفض حينها دفاعاً عن الشرف، لكننا ندافع بشدة عن شخص متهم فعلياً بالاغتصاب.

هناك شيء ليس على ما يرام في علاقتنا بالمرأة.. وبالشرف.

هذه التدوينة مأخوذة عن موقع أحداث.أنفو

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد