سر نجاح محمد رمضان

ومع مرور الوقت تنطفئ ضراوة الانتقادات، ويتوهج بريق رمضان، فلم يحدث أبداً أن رأينا الناس على المقاهي تتابع مسلسلاً كما يتابعون مباريات الأهلي والزمالك بنفس الحماس، ويتحول الأسطورة من مجرد عنوان مسلسل، إلى أسطورة حقيقية في نسب المشاهدات وخطف الأضواء رغم ضعف التسويق والإعلان عن المسلسل قبل عرضه.

عربي بوست
تم النشر: 2016/08/01 الساعة 04:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/08/01 الساعة 04:02 بتوقيت غرينتش

كان واقفاً أمام شرفة بيته ينظر إلى السماء، تأخذه الآمال إلى بعيد حيث الشهرة والمال وبريق الأضواء يلمع من حوله، وإذ بجرس شقته يدق، فيذهب ليرى مَن بالباب، وحين فتح رأى النجاح أمامه يمد إليه يديه ليحتضنه بقوة كادت تحطم عظامه حتى استيقظ من نومه متأخراً على موعد الذهاب لعمله مثل كل يوم.

أيها الحالم على أعتاب النجاح، استيقظ من حلمك فليس إلى ذلك سبيل إلا بالعمل، وستظل تريد وتتمنى وتحلم، فتحقيق الأحلام ليس منك ببعيد، لكنك متمسك بالبقاء مكانك تخشى المحاولة والمغامرة.

رأيت كثيراً من منتقدي الفنان محمد رمضان وكأن لسان حالهم يقول "إن الله يجاملك"، لكن الحقيقة أن الله لا يجامل أحداً كما لا يظلم أحداً، ولا يبخس حق أحد من خلقه، ولكل مجتهد نصيب.

عندما ظهر محمد رمضان في مشهد صغير في فيلم "رامي الاعتصامي" في دور فرد أمن، لم يكن متكبراً على الدور رغم أن داخله يستشعر أنه صاحب موهبة حقيقية، ولكنه السعي نحو الفرص.

تلك الفرصة التي تجلب الأخرى، ومن يضيع الفرصة من بين يديه فلا يندم لفواتها، وبالفعل حصل على أدوار أكبر، وعندما ارتدى عباءة أحمد زكي بمسلسل السندريلا، سمعت وقتها من يقول إنه ممثل فاشل يقلد أحمد زكي ولن يستطيع الخروج من عباءته.

ولأن الله لا يحابي أحداً ولا يجامل أحداً، كان النجاح رفيق محمد رمضان منذ أول تجربة بطولة سينمائية في فيلم "الألماني"، حتى الأغنية التي على حد تعبيرنا "كسرت الدنيا" حينها، كانت من الفيلم أغنية "آه يا دنيا".

واستمر النقاد في نقدهم واستمر رمضان في نجاحه وانتشاره، وكلما قام بدور البلطجي قاموا بإلقاء التهم عليه، وكأن رمضان هو سبب وجود العشوائيات بمصر، وسبب انتشار الأمية والتخلف وتأخر التعليم، وسبب الفقر الذي يضطر كثيراً من الأسر إلى تسريح أبنائهم منذ الصغر، أو هو السبب في عدم تحكم الآباء وقدرتهم على تربية أبنائهم.

وفي حقيقة الأمر، فإن البسطاء وأهالي المناطق الشعبية بمصر قد شعرت بقيمة محمد رمضان الذي يلقي الضوء على فئة يتجاهلها المسؤولون والأغنياء، وقلما التفت إليهم أحد، كذلك فهل عندما قام الفنان خالد الصاوي بدور الشاذ في عمارة يعقوبيان سمعنا أحداً يتهم الصاوي بأنه ينشر الشذوذ بمصر؟! أو كلما ألقت الشرطة القبض على شواذ أحضروا خالد الصاوي ليستجوبوه مثلاً؟! وهل البلطجة والقتل وأي من مساوئ المجتمع أو الجرائم موجودة بسبب ظهورها على شاشات السينما أم أن السينما هي ما تقوم برصد الظاهرة الموجودة وتعالجها في قالب درامي فني.

ومع مرور الوقت تنطفئ ضراوة الانتقادات، ويتوهج بريق رمضان، فلم يحدث أبداً أن رأينا الناس على المقاهي تتابع مسلسلاً كما يتابعون مباريات الأهلي والزمالك بنفس الحماس، ويتحول الأسطورة من مجرد عنوان مسلسل، إلى أسطورة حقيقية في نسب المشاهدات وخطف الأضواء رغم ضعف التسويق والإعلان عن المسلسل قبل عرضه.

النجاح ليس وليد الصدفة أو الحظ، والله العدل الذي لا يجامل أحداً، وإن أراد الله التوفيق لأحد فلن يقدر مخلوق أن يمنعه، وكما نرى الناس يتفاوت جهدهم وسعيهم، فكذلك تتفاوت نجاحاتهم، وقد جعل الله بعض الناس لبعضهم فتنة ليختبر صبرهم، ولكن قليل مَن يفرح لغيره إذا رأى فرحته بتحقيق ما يحلم به.

محمد رمضان نموذج لإنسان يأخذ بأسباب النجاح وفق ما أعطاه الله ورزقه من قدرات ومواهب، ولم يستمع لأصوات المحبطين ولم يجعل لطموحه حداً يقف عنده، لكنه يستميت في عمله طمعاً في النجاح، وبداخله يقين بأن الأسباب كلها ليست سبب النجاح، وإنما الثقة المطلقة في الله وحده هي السر الحقيقي خلف كل نجاح يحققه، والذي يعبر عن ثقته بمقولته الشهيرة "ثقة في الله نجاح".

ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد