سحبت إدارة دار كريستيز للأعمال الفنية لوحتين للفنان التشكيلي اللبناني أيمن بعلبكي، كان مقرراً بيعهما في مزادها لفنون الشرق الأوسط الحديثة والمعاصرة، في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني في لندن؛ وذلك بعد "سلسلة من الشكاوى حول هذين العملين".
إحدى اللوحتين اللتين سُحبتا تحمل عنوان "الملثم"، وهي بورتريه رسمها بعلبكي عام 2012، وتصور وجه رجلٍ مقنّع يغطي وجهه بكوفية حمراء، ولا يظهر منه سوى عينيه. ويتراوح سعرها بين 90 و150 ألف دولار.
هذه اللوحة جزءٌ من سلسلة صورٍ رسمها بعلبكي، وتظهر شخصية الفدائي الذي يعني "المقاتلون من أجل الحرية" باللغة العربية. وفي اتصالٍ مع موقع Artnet، أشار الفنان اللبناني إلى أنه "عندما رسمتُ الملثم الأول، كانت الحرب الأهلية اللبنانية في ذهني".
أما اللوحة الثانية التي سُحبت من العرض، فهي بعنوان "مجهول"، وقد رسمها أيمن بعلبكي على مدى 7 سنوات ما بين عامَي 2011 و2018. وهي عبارة عن بورتريه لوجهٍ مغطى بقناعٍ أسود ضد الغاز، وعلى جبهته شريطٌ أحمر مكتوب عليه بالأبيض عبارة "ثائرون".
يُقدّر سعر بيع اللوحة بين 15 و22 ألف دولار، ووفقاً لبعلبكي، فقد بدأ برسم اللوحة خلال "الفترة التي انطلقت فيها ثورة 25 يناير/كانون الثاني بمصر أثناء الربيع العربي عام 2011″؛ وفق ما قاله الفنان اللبناني.
أسباب سحب لوحتي أيمن بعلبكي
ونشر موقع "آرت نت" رسائل متبادلة بين دار كريستيز وصاحب إحدى اللوحتين توضح أن سبب سحبها مرتبطٌ بـ"شكاوى"، من دون الكشف عن طبيعة هذه الشكاوى. لكن في بيانٍ عقب السحب، صرّحت الدار بأن "القرارات المتعلقة بالمبيعات تبقى سرية بين كريستيز والوسطاء".
وصاحب اللوحة، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، قال إن ممثل دار كريستيز اتصل به وأقنعه بإدراج العمل في المزاد. لكن "أحد كبار الموظفين في دار المزاد طلب إزالة لوحتي الفنان اللبناني أيمن بعلبكي".
ورداً على مالك اللوحة، أوضحت كريستيز أنها "تلقت الكثير من الشكاوى التي بإمكانها التأثير على عمليات البيع، لذا فضّلنا سحب العمل".
وفي الرسائل المتبادلة، يوضح مالك اللوحة: "لقد أجبتهم بأني أشعر بحزنٍ شديد بسبب القرار، وأني لا أعتقد أن دار مزادات مثل كريستيز ستحظر عملاً فنياً لمجرد دلالته، التي لا تعتبر انعكاساً حقيقياً للعمل الفني. فاللوحة تصوّر إنساناً عربياً يرتدي كوفية، وهي ما يرتديه الناس من شمال إفريقيا إلى الجزيرة العربية، لأنها تحميهم من الحر والرمال". وقد أعلن أنه بعد سحب اللوحة، أحالته دار كريستيز إلى قسم هواة جمع اللوحات، لوجود شخصٍ مستعد لدفع "مبلغ جيد جداً" مقابل اللوحة.
لكن صاحب اللوحة رفض الأمر، وقال: "بعد كلّ ما جرى، أصبحت للوحة قيمة عاطفية أكبر بالنسبة لي، ولن أبيعها".
من جهته، يقر أحد مسؤولي الدار بأن ثمة "سوء فهم لموضوع اللوحتين في ظل الحرب الجارية بين إسرائيل وحماس"، لكنه يضيف: "يُمكن أن تُفهم وكأنها تصوّر مقاتلي المقاومة الإسلامية، من قِبل أي شخص ليس على دراية بتاريخ المنطقة".
تجدر الإشارة هنا إلى أن لوحة مماثلة لأيمن بعلبكي بعنوان "الملثم"، بيعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 بسعرٍ وصل إلى 201.600 ألف دولار، وهي أيضاً عبارة عن بورتريه لوجه رجلٍ مغطى بالكوفية الحمراء، ولا يظهر منه سوى عينيه.
وهناك لوحة أخرى من دون عنوان، تصوّر أيضاً رجلاً ملثماً بكوفية حمراء، كانت قد بيعت في أكتوبر/تشرين الأول 2018 بسعر 200 ألف دولار، مع أن تقديرات الدار كان تشير إلى أنها قد تباع بسعرٍ يتراوح ما بين 70 و90 ألف دولار.
كما تجدر الإشارة أخيراً إلى أنه، وفي الموسم الـ18 لمزادات دار كريستيز للأعمال الفنية الذي عُقد في دبي عام 2015، حققت لوحة "برج بابل" للفنان أيمن بعلبكي سعراً قياسياً. فقد بيعت مقابل 485 ألف دولار، وهو سعر أعلى بثلاثة أضعاف تقييمها من قِبل الدار نفسها.
لكن، مثلها مثل عددٍ كبير من الشركات، خضعت دار المزادات الشهيرة في لندن إلى "شكاوى" لم تعلن عن نوعها أو مصدرها، فقررت سحب اللوحتين من مزادها السنوي الخاص بالفن العربي خوفاً على مصالحها.
من جهته، يبدو أن بعلبكي نفسه خائف على عمله. فتعليقه على هذه الرقابة جاء تبريرياً من الإحالة إلى فلسطين أو الكفاح المسلح، من دون أي تعليقٍ على الحرب التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على غزة.