إذا كنت من محبي السينما وداعمي الفن الجميل، فلا بدك أنك تؤمن أن فيلم "روما Roma" يستحق الفوز بجائزة الأوسكار 2019 كأفضل فيلم.
العمل الذي أخرجه ألفونسو كوارون مستوحى من نشأته الشخصية أوائل سبعينيات القرن الماضي في العاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي، ويروي تفاصيل علاقة عائلته المُعقَّدة بخادمتهم.
لماذا يستحق فيلم "روما Roma" جائزة الأوسكار؟
يتطرُّق "روما Roma" إلى القضايا العرقية والثقافية والطبقية مع مشاهده المُصمَّمة بفخامة، والمستوحاة من حياة المخرج، ليُنتج عملاً رائعاً بفضل دور البطولة الرائع الذي أدَّته ياليتزا أباريسيو.
في العادة، تظهر الكثير من الأفلام كنتاجٍ لعصفٍ ذهنيٍ وورش كتابة مضنية، إذ يظهر فيها: تقسيم الفيلم إلى ثلاث فصول، وتقنية الإبداء بدل الإفصاح، ومنحنى الشخصية، وتخطي العقبات، والدروس الحياتية المستفادة.
أما في "روما Roma"، فيبدو فيه أسلوب كوارون واضحاً؛ إذ يتمتَّع الفيلم بطلاقةٍ رائعةٍ وعفويةٍ وطبيعيةٍ وأريحيةٍ.
يقول محرر الشؤون الفنية في صحيفة The Guardian البريطانية، إن الفيلم يُعَدُّ روائياً من الدرجة الأولى، بفضل تفاصيله التي تشعرك وكأنك تتابع رواية أدبية.
بطلة الفيلم كليو تقوم بدور امرأةٌ شابةٌ تمثّل تراث وسط أمريكا، تعمل خادمةً مُقيمةً لصالح عائلةٍ مُحاصرةٍ من الطبقة الوسطى العليا في مكسيكو سيتي. وتبدأ حياة كليو في الانهيار بالتزامن مع حياة ربَّة الأسرة، صوفيا (مارينا دي تافيرا) والدة أربع أطفالٍ – رغم أن كليو هي من تتولَّى أصعب مهام رعاية الأطفال.
مشاهد رائعة تكشف كيف عاش كوارون طفولته
ويُظهِر المخرج من خلال مساته الصغيرة، طريقة عائلته الخاصة في التعامل مع التعاسة، رغم أنها تبدو مرتاحةً للغاية ظاهرياً بمظهرها الأنيق.
ويعود الوالد، أنطونيو (فرناندو غريدياغا)، إلى المنزل في وقتٍ متأخِّر عادةً ليُوقِف سيارته بدقةٍ مجنونةٍ على الممرِّ بطريقةٍ تُوحي بالخلل النفسي والقلق المكبوت.
قبل أن يُسافر الأب بعيداً في رحلة عمل – بحسبما تقول صوفيا للأطفال -، وتطلُب منها باكيةً أن يكتبوا خطاباتٍ لوالدهم يطلبون منه العودة إلى المنزل.
يحتوي "روما Roma" مشاهدٌ رائعةٌ، فضلاً عن المغامرات غير المتوقعة التي تبدو طبيعية، لكنها أقرب للأشياء التي تحدث في الحياة الحقيقية وليس السريالية: رحلةٌ عائليةٌ للأصدقاء في الريف تشمل رحلة رمايةٍ تقشعر لها الأبدان، وحفلة رأس السنة التي تنتهي بحريقٍ في الغابة يُغنِّي على إثره أحد الضيوف ترنيمة إسكندنافية.
وتناول المخرج كوارون مذبحة كوربوس كريستي التي قتل فيها الجيش 120 شخصاً خلال تظاهرةٍ طُلَّابية، بطريقة رائعة تبيّن أن للحادثة وقعٌ كبيرٌ على شخصيته وفيلمه، إذ أن شوارع مكسيكو سيتي التي ينتمي إليها مُثيرةٌ ومُفعمةٌ بالحياة وتستحق فيلماً على طراز أفلام مارتن سكورسيزي.
ويتَّجه سير الأحداث بالكامل إلى لحظة الحقيقة الشخصية المرعبة الخاصة بكليو، وهي لحظة اكتشافها للحب الذي تُكنُّه للأطفال الأربعة الذين ترعاهم: كل ما فعلته من أجلهم، وكل ما ضحَّت به من أجلهم، وكل ما أخذته منها الحياة وكل ما منحتها لها.
كل هذه المشاعر والمشاهد الملحمية تجعل من "روما Roma" أفضل مرشحٍ للفوز بجائزة الأوسكار 2019 كأفضل فيلم.