"في فيلم الرسالة كان وجود الأصنام لغايات درامية، ولم نعبد الأصنام في النهاية، بل على العكس خدمت القصة، وأصبح واحداً من أيقونات الدراما التاريخية العربية"، هذا ما شبَّه به منتج المسلسل الذي تنفذه شبكة نتفليكس الأميركية ما تم تصويره في المسلسل.
المسلسل المذكور أثار ضجَّة وعاصفة من الاحتجاجات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بعد ظهور سيارات تحمل لوحات إسرائيلية، وتغيير أسماء بعض الشوارع والحارات إلى اللغة العبرية، وهو ما تم لغايات درامية بحتة، وفقاً للمنتج شريف المجالي في حديثه لـ "عربي بوست".
اتهامات بالخيانة
المجالي، أشار إلى أن بعض ناشطي السوشيال ميديا تلقَّفوا صور السيارات باللوحات الإسرائيلية، لتبدأ بعدها الاتهامات بالخيانة والتطبيع، وأن هذا العمل يتم بالشراكة مع شركات ومعدات إسرائيلية، علماً أن كافة المعدات والممثلين هم أردنيون وعراقيون، ولا يوجد أي ممثل إسرائيلي.
وذكر المجالي أنه كان يعمل في الهيئة الملكية للأفلام، وهي الجهة المسؤولة عن منح تصاريح التصوير السينمائي والدرامي، ثم فتح شركته الخاصة، مما فتح باب التعاون مع الشبكة الأميركية الأكثر شهرة في عالم الفن والتمثيل حالياً، بهدف الترويج للأردن، والاستفادة من تشابه الطبيعة مع مدن عربية.
وقال إن الأردن سيكون مركزاً للتصوير، وكأنه مجموعة من المدن العربية العراقية والسورية والفلسطينية بسبب تشابه الطبيعة والمناخ.
وكان ناشطو شبكات التواصل الاجتماعي تداولوا مقتطفات لفيلم سينمائي من إنتاج الهيئة الملكية، تظهر به مناطق في العاصمة عمان على أنها من تل أبيب، بالإضافة إلى لوحات مركبات إسرائيلية داخل الأردن.
تطبيع في قلب العاصمة عمان.. مركبات بلوحات "إسرائيلية" لتصويرمشاهد من فيلم "إسرائيلي" في #الأردن.#التطبيع_خيانة pic.twitter.com/4y59FWcjFD
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) November 17, 2018
النقابة لا تعلم شيئاً والهيئة الملكية تنفي
نقيب الفنانين حسين الخطيب، قال في تصريحات صحافية إن النقابة لا علم لها بتنفيذ هذا الفيلم، مؤكداً في الوقت ذاته أن موقف النقابة سيكون حازماً في حال ثبت ذلك.
بدورها نفت الهيئة الملكية للأفلام في بيان حصل "عربي بوست" على نسخة منه، أن يكون المسلسل الذي يتم تصويره حالياً في عمان إنتاجاً إسرائيلياً، مؤكدة أنه إنتاج وإخراج أميركي.
وأضافت الهيئة أنها على دراية بتصوير مسلسل تلفزيوني من إنتاج شركة Netflix في الأردن، الذي يتضمن مشاهد يفترض أنها تجري في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة "ومن هنا كان سبب وجود ممثلين يرتدون زي جنود إسرائيليين".
وقالت الهيئة إنه وفقاً للإجراءات المتعارف عليها لا تتدخل الهيئة الملكية الأردنية للأفلام في محتوى فيلم يُصوّر في الأردن، ولا لها رأي فيه، فالهيئة لا تطلع على السيناريو.
وبيَّنت أن سياسة عدم التدخل في المحتوى لا تعني أن الهيئة الملكية للأفلام تؤيد المضمون، أو توافق على الرسالة التي يحملها أي إنتاج يتم تصويره في المملكة، وأن دور الهيئة مثل أي هيئة أفلام في العالم، يكمن في تسهيل الإنتاج، أي إنتاج يتم تصويره في الأردن، مضيفة أن دور الهيئة يكمن في تسهيل إنتاج الأفلام في الأردن. وتجدر الإشارة هنا إلى المنافع التي يولدها القطاع السمعي البصري.
تحركات ضد التطبيع
أما تجمع "اتحرك لدعم المقاومة ومجابهة التطبيع" فقد قال في بيان، إن إحدى شركات الإنتاج تقوم بتصوير مقاطع لفيلم سينمائي في عدد من مناطق العاصمة عمان، وبعض المناطق الأردنية، لتظهرها خلال الفيلم على أنها مصورة في تل أبيب.
واستهجن التجمع في كتاب موجّه إلى الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، السماح بتصوير مثل هذا الفيلم وغياب الرقابة عن محتواه، وما يتم تصويره.
وعقد التجمع لقاءً مع القائمين على المسلسل الذي يتم تصويره في عمان، ويظهرها على أنها "تل أبيب"، وهم مدير الإنتاج، أسترالي الجنسية، ومنسق العمليات الإنتاجية الأردني.
وخلص اللقاء إلى أن المسلسل الذي يحمل اسم "القصة القديمة" من إنتاج شبكة نتفليكس الأميركية، هو عبارة عن قصة خيالية، وأن الممثلين هم من الجنسيتين الأميركية والأسترالية كأدوار رئيسية، وما تبقَّى هم من الأردنيين والأردنيات يقومون بأدوار ثانوية، ولا يوجد ممثلون أو طاقم أو معدات إنتاج من "إسرائيل".
تل أبيب في الأردن!
ولم يحصل التجمّع على توضيح فيما يتعلق برمزية وجود "تل أبيب" في المسلسل، وامتنع القائمون عليه عن الإجابة عن مضمون العمل، فيما أفاد القائمون على العمل بأن الهدف النهائي من المسلسل هو "وقف الحروب".
وذكر البيان: "وبناء على ما سبق، فإننا نؤكد على التالي: نحمّل الهيئة الملكية الأردنية للأفلام المسؤولية، بصفتها الجهة المخولة بإجازة التصريح للتصوير دون الاطلاع على محتوى العمل، وذلك حسب تصريحاتها، ونستغرب كيف لها أن تمنح تصريحاً لجهة أجنبية بأن تقوم بالتصوير دون الاطلاع على المحتوى، ودون وضع نقابة الفنانين بالصورة؟! وبالتالي غياب الرقابة على ما تم تصويره".
"نؤكد دعمنا لصناعة الأفلام، شريطة عدم الإساءة، سواء أكان بقصد أو عن غير قصد للأردن أو القضية الفلسطينية ، ودون أن يستغل العمل لتجميل وتبييض جرائم العدو الصهيوني".
"فيما يتعلق بما يرمي إليه هذا المسلسل وكما فهمناه من سياق حديثهم وهو إشاعة السلام والتعايش، فإن هذا يأتي في سياق من شأنه أن يساوي بين المعتدي والمعتدَى عليه، وإظهار أطراف الصراع بنفس المستوى، ومن دون الإشارة إلى المستعمِر والمستعمَر، وكأنها دعوة لقبول المحتل والتعامل معه على أنه "دولة طبيعية" وليس كياناً استعمارياً، وهو ما يشوِّه حقيقة الصراع العربي الصهيوني، ويجعلنا نرفضه جملة وتفصيلاً".
وكانت الجهات الموقّعة على ذلك، اللجنة التنفيذية العليا لحماية الوطن ومجابهة التطبيع، وشبيبة القومي العربي، وتجمع اتحرّك لدعم المقاومة ومجابهة التطبيع.
تحركات كبيرة
وكان تجمع "اتحرك" أرسل كتاباً للهيئة يقول: "وصلتنا معلومات عن بدء شبكة نتفليكس الأميركية بتصوير فيلم جديد في عمان، يظهرها على أنها تل أبيب، ومن خلال متابعتنا وصلتنا معلومات أن الشركة تطلب ممن يرغبن في التمثيل أن يلبسن لباس المجندات "الإسرائيليات"، وأن التصوير سيكون في 53 موقعاً".
و"نحيطكم أن نتفليكس التي اشترت مؤخراً حقوقَ بث مسلسل "فوضى" الإسرائيلي من شركة "يس" الإسرائيلية، وعلى الرغم من دعوات المقاطعة لها فإنها تجاهلت ذلك وبثته".
وأضافت الحركة: "إننا كحركة مقاومة للتطبيع مع الكيان الصهيوني على جميع الأصعدة، ومنها الثقافي، لاعتبارات عدة، أهمها أنه الأخطر؛ لأن الكيان الصهيوني يحاول تجميل جرائمه وإرهابه، واستيطانه عبر تلك البوابات، فكلما زاد التطبيع معه أحس أنه اقترب من هدفه، المتمثل في مشروعية وجوده وقبوله".
"ولنا في أواخر 2015 مثال، حينما سمح للصهاينة بالقيام بفعاليات فنية وتمثيلية في مدينة البتراء ووادي رم، أخذوا بعدها يروجون في مواقعهم الإخبارية وشبكات التواصل، أن البتراء تعد أحد المعالم الأثرية الإسرائيلية".
"لذا نأمل من هيئتكم الموقّرة بحكم أنكم الجهة التي تجيز تصوير الأفلام والمسؤولة بشكل مباشر إفادتنا بطبيعة هذا الفيلم وكافة المعلومات المتعلقة بمحتواه، آملين منكم اتخاذ القرار المناسب، وألا تزج عمان وغيرها من المناطق الأردنية في تلك الأفلام، التي لا تخدم إلا الكيانَ الصهيوني، وألّا تستخدم عمان للتطبيع وتبييض جرائم العدو".