كانت محافظة أديامان، الموجودة في جنوب شرق تركيا، من بين المناطق المتضررة بفعل الزلزال المدمر، الذي ضرب كلاً من تركيا وسوريا، في الثاني من فبراير/شباط 2023.
وقد تعرّضت عدة مدن مجاورة لكهرمان مرعش، المدينة التي ضرب بها الزلزال، لمجموعة هزات أرضية أخرى، من بينها مدينة أديامان، عاصمة المحافظة التي تحمل نفس الاسم، بقوة 5.3 درجة على مقياس ريختر.
ويعود السبب وراء تعرض مدن المحافظة للزلزال إلى أنها موجودة في خط زلازل الألب، وهذا ما يفسر وقوع الهزات الأرضية العديدة التي تعرضت لها في فترات زمنية مختلفة.
وتعتبر محافظة أديامان واحدة من بين المناطق الشهيرة في تركيا بمعالمها التاريخية، أبرزها جبل النمرود، وهو أعلى متحف مفتوح في العالم، به مجموعة من الآثار والتماثيل التي تعود إلى آلاف السنين، خلال استيطان العديد من الحضارات مدن هذه المحافظة.
تاريخ محافظة أديامان
كانت محافظة أديامان، والتي عُرفت باسم "حصن منصور" قديماً، تابعة لمحافظة ملاطية، الموجودة في الجنوب التركي، والتي يعود تاريخ تأسيسها إلى أزيد من 5 آلاف سنة، وكانت من بين أقدم المناطق المعمرة في الأناضول قديماً.
وكانت المدن الموجودة في الجنوب الشرقي لتركيا، من بينها أديامان، معبراً مهماً بين أوروبا وآسيا، وهناك وُلدت العديد من الحضارات، من بينها الحيثيون، الذين عاشوا فيها خلال القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وكذا السريان، والفرس، والرومان، والبيزنطيون، والسلاجقة، والمماليك، ثم العثمانيون.
وأصبحت أديامان محافظة مستقلة عن ملاطية ابتداء من سنة 1954، وذلك بعد أن فاز حزب الديمقراطية التركي في الانتخابات الرئاسية، وأصبح جلال بيار الرئيس الثالث للبلاد، بعد أن تحولت إلى جمهورية سنة 1923، على يد مصطفى كمال أتاتورك.
أبرز المعالم التاريخية التي تمتاز بها أديامان
تتضمن محافظة أديامان مجموعة من المدن الصغيرة، وهي أديامان العاصمة، وبيسني، وسيليخان، وجرجر، وكاهاتا، ويقع مركزها في منطقة الفرات الأوسط، بين منطقتي شمال شرق الأناضول، وغرب البحر الأبيض المتوسط.
تبلغ مساحة أديامان 7614 كيلومتراً مربعاً، ويحدها كل من محافظات ملاطية في الشمال، وكهرمان مرعش في الغرب، وغازي عنتاب في الجنوب الغربي، وشانلي أورفا في الجنوب الشرقي، وديار بكر في الشرق.
تمتاز أديامان، التي يعيش بها غالبية كردية، بعدد الجبال المهم الذي يحيط بها، من أبرزها أكداغ، ديبك، أولوبابا، غوردوك، نمرود، وهذا الأخير يعتبر أعلى جبل ، به متحف مفتوح في العالم، ويبلغ ارتفاعه 2134 متراً.
يوجد بهذا الجبل مجموعة من التماثيل التي تعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، وتم اكتشافها في القرن الـ19 من طرف عالم الآثار العثماني عثمان حمدي بيك.
أما نهر الفرات، فيعتبر أهم نهر في هذه المحافظة، وذلك لأنه يشكل الحدود الإقليمية مع محافظتي شانلي أورفا وديار بكر.
كما أن المحافظة تشتهر بالعديد من الآثار القديمة، التي يعود أصلها إلى الحضارات التي تعاقبت عليها، من أبرزها قلعة أديامان التي شيدها الخليفة الأموي المنصور على تلة صناعية في وسط المدينة التي تحمل نفس الاسم.
وكذلك مسجد جارسي، والمسجد الكبير الذي بُني في القرن الـ14، وجسر جوكسو الأثري، وجسر الشيطان الذي يعود إلى العصر الروماني، إضافة إلى جسر أتاتورك الذي يعتبر رابع أكبر جسر في العالم.
وتشتهر المدينة كذلك بأنشطتها الشتوية، لأنها من بين الأماكن التي تتساقط بها الثلوج بشكل مستمر في فصل الشتاء، زيادة على أنها تعتبر ثاني أكبر منتج للتبغ في تركيا.
زلازل ضربت محافظة أديامان
وحسب المؤرخين الجغرافيين القدماء، نقلاً عن موقع جمعية "adiyamanlilarvakfi" الخاصة بمحافظة أديامان، فإن الأراضِ الموجودة عند سفح سلسلة جبال طوروس خصبة، وسميت قديماً بـ"القمر الخصيب".
إذ كانت بها مدن تجارية وصناعية كبرى، نمت في مرحلة معينة، لكنها دمرت فيما بعد، وأنشئت مكانها مدينة أديامان، لكنها دائماً ما كنت منطقة مفضلة للعيش، بفضل الخصائص الجغرافية التي تمتاز بها.
وبالرغم مما تمتاز به من أراض خصبة، فإن هذه المحافظة موجودة على خط زلازل الألب، ومنطقة الانتقال التكتوني، الشيء الذي يجعلها منطقة معرضة للزلازل بشكل مستمر.
إذ تعرضت المحافظة للتدمير، ووفاة المئات من الأشخاص خلال الزلزال الذي ضرب المنطقة سنة 1889، بقوة 7 درجات على مقياس ريختر، وتمت إعادة بناء منازلها بعد سنة من تاريخ وقوع الزلزال.
فيما ضرب زلزالان آخران خلال شهرين متتاليين سنة 1986، الأول بقوة 5 درجات، والثاني بقوة 6 درجات، تسببا في أضرار جسيمة في مدن المحافظة، ووفاة عدد كبير من الأشخاص.
فيما يعتبر الزلزال الذي ضرب كهرمان مرعش، وتأثرت به جميع المحافظات المجاورة، من بينها أديامان، من بين الزلازل المدمرة التي مرت على المنطقة، إذ وصلت حصيلة الوفاة، يوم 8 فبراير/شباط 2023 إلى 8574 شخصاً، إضافة إلى أكثر من 40 ألف جريح، كحصيلة في جميع المحافظات.