كذب المنجمون ولو صدقوا.. تخبرنا هذه الحكمة بأن المنجمين يمتهنون الكذب والخداع وبيع الأوهام، لكنها لا تنكر أيضاً أنهم قد يصدقون في بعض الأحيان، فقد تصيب تنبؤاتهم بفعل الصدفة أو الحظ مرات والحدس أو المعرفة الواسعة مرات أخرى.
تعرفوا على أشهر تلك النبوءات التي تحققت على نحو غريب.
تنبؤات نوستراداموس
لقد عاش نوستراداموس في القرن السادس عشر، وكان من الرجال البارزين في عصر النهضة، فقد عمل منجماً بالبلاط الفرنسي الملكي وأصبح فيما بعدُ طبيب البلاط.
اليوم ينظر إلى ذلك المنجم على أنه صوفي ملتحٍ قضى حياته في علبة مظلمة، حيث كان يحمل ريشة في يده وينظر إلى وعاء من الماء ويتنبأ بالمستقبل.
وفي كتاباته تنبأ نوستراداموس بالعديد من الأحداث التاريخية التي وقعت لاحقاً بالفعل مثل صعود قادة مثل نابليون وهتلر وسقوط جدار برلين.
وعلى الرغم من أن تنبؤاته تلك محل خلاف بين المؤرخين، إذ ينظر إليها على أنها موضوعة في العصر الحديث ونسبت إليه كذباً، فإن صورة الرجل العراف ما زالت تسيطر على المخيلة الشعبية في العديد من البلدان.
نبي شيشاير
وُلد روبرت نيكسون، المعروف باسم "نبي شيشاير"، لعائلة فقيرة تعمل بالزراعة في عام 1467. ذات يوم أشار روبرت الشاب إلى ثور، ارتسمت على وجهه علامات مخيفة ثم قال إن الثور سيموت… كان سكان قريته مذهولين تماماً عندما تلوى الثور بعد دقائق وسقط أرضاً بعد أن فارقت روحه جسده.
ومنذ ذلك الحين اكتسب نيكسون لقب نبي شيشاير وراح يحدّث الرجال في الحانات عن نبوءاته، وقد كانت الثورة الفرنسية إحداها.
لكن أشهر نبوءات نيكسون كانت متعلقة بالملك جيمس الثاني. فقد صرح نبي شيشاير في الحانة:
"عندما يبني الغراب عشه في فم أسد حجري على قمة كنيسة في شيشاير ، يجب طرد ملك إنجلترا من مملكته إلى الأبد".
بعد مئتي عام من تلك النبوءة وتحديداً في عام 1688، قام غراب ببناء عش على قمة كنيسة شيشاير وكان في اليوم السابق لعزل الملك جيمس الثاني عن عرشه ونفيه إلى فرنسا ، حيث مات.
حتى إن نيكسون تنبأ بموته القاسي- من "العطش والجوع"- فقد حدث هذا فعلاً بعد حبسه داخل صندوق خشبي ونسيانه، عندما كان ضيفاً على الملك هنري السابع.
حريق لندن العظيم
كان ويليام ليلي (1602-1681)، نجل مزارع من قرية صغيرة، سار إلى لندن في سن الثامنة عشرة؛ بحثاً عن الشهرة والثروة.
في عام 1647 نشر كتابه "علم التنجيم المسيحي" الذي يعتبر من أهم الأعمال في علم التنجيم الغربي. واحتوت فصوله الـ36 على كل أنواع النبوءات.
في كتابه "ملكية أو لا ملكية" الذي نشر عام 1651، رسم ليلي صوراً تبدو كأنها تتنبأ بدقة بحريق لندن العظيم الذي التهم المدينة عام 1666. بعد الحريق الكبير، فُسرت هذه الصور على أنها توقعات دقيقة، وتم عرض "ليلي" وقتها أمام لجنة تحقيق بتهمة تسببه في الحريق. لكن تمت تبرئته من التهمة وعاش أيامه بسلام حتى توفي في سن التاسعة والسبعين.
المقصلة والثورة الفرنسية
كان جاك كازوت (1719-1792)، كاتباً فرنسياً مشهوراً بين أوساط النبلاء. في إحدى حفلات العشاء بباريس عام 1788، صدم الضيوف بالتنبؤ بإعدام الملك لويس السادس عشر في الثورة القادمة، إضافة إلى العديد من الأرستقراطيين، وضمن ذلك بعض الحاضرين في ذلك العشاء.
في مايو/أيار 1789، اندلعت الثورة الفرنسية، وفقد العديد من النبلاء رؤوسهم، كما توقع كازوت. بعد بضع سنوات، في يناير/كانون الثاني 1793، تحققت أعظم نبوءة لكازوت وقُتل الملك لويس الرابع عشر بالمقصلة أمام حشد ضخم في وسط باريس.
كازوت، أيضاً، لم ينج من المقصلة التي توقعها لرفاقه، فقد قبضت عليه السلطات الثورية وأطاحت برأسه في سبتمبر/أيلول 1792.
تنبأ بتاريخ موته
قضى العالم الموسوعي السويدي الغامض إيمانويل سويدنبورج (1688-1772)، حياته المبكرة في السفر والدراسة بجميع أنحاء أوروبا.
ادعى سويدنبورج أن يسوع المسيح قد زاره في إحدى الليالي عندما كان في الخمسينيات من عمره، وأخبره بأن باستطاعته الآن الولوج إلى عالم الأرواح.
ومنذ ذلك الحين قدم سويدنبورج العديد من النبوءات، على سبيل المثال، أثناء وجوده بحفل عشاء في جوتنبرع، ادعى أنه يرى ستوكهولم تحترق، وبالفعل في تلك الليلة التهم المدينة حريق كارثي عام 1759، وقد ادعى العالم السويدي رؤيته رغم أنه كان على بعد 250 ميلاً.
في عام 1772، كتب سويدنبورج إلى جون ويسلي، مؤسس الكنيسة الميثودية، وطلب مقابلته لكن ويسلي عرض تأجيل اللقاء بضعة أسابيع. لكن سويدنبورج رد بأن ذلك سيكون مستحيلاً، لأنه سينضم إلى "عالم الأرواح" في 29 مارس/آذار. وبالفعل توفي سويدنبورج في ذلك التاريخ، ليكون تاريخ موته أعظم نبوءاته.
حملة هتلر ضد روسيا
سافر الساحر وولف ميسينغ (1899-1974)، المولود في وارسو، حول العالم وهو بسن المراهقة؛ لتقديم عروض تبرز قواه الخفية.
وقد استطاع هذا الساحر الغامض إثارة إعجاب ستالين بنبوءاته التي تحقق معظمها. فقبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، وفي مسرح وارسو المكتظ، قال الساحر لجمهوره: "إذا خاض هتلر الحرب ضد الشرق، فإن موته في انتظاره". اشتهر أيضاً بأنه تنبأ بموعد بدء الحرب وبرؤيته دبابات سوفييتية تدخل برلين.
فهل كان الرجل ساحراً حقاً أم مجرد رجل يتمتع بإلمام جيد بالتاريخ والعلاقات الدولية؟
وفاة جون كينيدي
زعمت عالمة الفلك الأمريكية جين ديكسون (1904-1997)، أنها تستطيع التنبؤ بكثير من الأحداث المستقبلية. وكانت غزيرة الإنتاج في هذا الخصوص حتى أطلق عليها لقب "الرائي الوطني" من قبل الصحافة.
في وقت مبكر من عام 1952، توقعت ديكسون أن يكون "ديمقراطي أزرق العينين" في البيت الأبيض في عام 1960، و"سيتم اغتياله أو موته وهو لا يزال في منصبه". وهذا يصف بدقةٍ الرئيس الأمريكي الشهير جون ف. كينيدي الذي تم اغتياله لاحقاً .
لكن أشار النقاد إلى أن ديكسون أخطأت في العديد من التنبؤات، ونشرت توقعات عرضية بعد سنوات من "النبوءة"، مما يعني أنها لم تتنبأ بها أساساً.