حققت الحضارة السومرية في بلاد وادي الرافدين القديمة (العراق حالياً) الكثير من التقدم الحضاري وعدداً من الاختراعات التكنولوجية، التي تعتبر متطورة جداً، مقارنةً بعلوم ذلك الزمان.
مثل اختراع الكتابة، واستخدام المحراث في الزراعة، والعلوم والرياضيات، والطب، وعلم الفلك، والنقل بعد استخدام العجلة في العربات التي تجرها الحيوانات، وطرق البناء، وتنظيم الجيش وتخطيط المدن.
وبينما تنسب بعض النصوص والرسومات القديمة في الآثار السومرية هذه الإنجازات إلى الآلهة المجنحة العملاقة، والتي أطلقوا عليها اسم "الأنوناكي".
واعتماداً على بعض الأدلة، يرى بعض المهتمين بالحضارات القديمة أن الأنوناكي ليسوا مجرد آلهة أسطورية، ولكنهم في الحقيقة مخلوقات فضائية زارت كوكب الأرض منذ 5000 سنة، وأن تلك المخلوقات ساعدت البشر في الحضارة السومرية، والجنس البشري بشكل عام، على التقدم الحضاري. ويذهب البعض إلى أكثر من ذلك، ويدعي أن الأنوناكي في الحقيقة هم من ساهموا في تطوير وتصميم الإنسان وراثياً في العصور القديمة لصنع جيش من العبيد، وأنهم سيعودون يوماً ما إلى الأرض.
الأنوناكي في النصوص السومرية
اعتقد سكان بلاد ما بين النهرين القدماء أن الآلهة كائنات عاشت في السماء، وبحسب بعض النصوص السومرية القديمة، فإن الأنوناكي هم الآلهةُ الذين يُقِرُّون المصائر ويحكمون العالم، وهناك اختلاف حول عددهم الحقيقي، لكن أغلب الآراء ترجح أنهم 7.
وكان يتم تصوير الآلهة دائماً في النصوص السومرية، وهم يرتدون قبعات ذات قرون، تتكون مما يصل إلى سبعة أزواج متراكبة من قرون الثور، كما تم تصويرهم أحياناً وهم يرتدون ملابس ذات زخارف ذهبية وفضية مزخرفة.
وبحسب الأساطير السومرية بدأ نشوء الكون من "نمو"، البحر الأول أو الإلهة الأولى، خلقت "نمو" إله السماء "آن"، وإلهة الأرض المؤنثة "كي"، في هيئة جبلٍ متحدٍ يفصل بينهما ابنهما "إنليل" أو إله الهواء.
قام "إنليل" بإقصاء الأب "آن" إلى الأعلى، فصار السماء، وانفرد الابن بأمه واتحد معها، فكان أب الآلهة، ورب وملك السماء والأرض، ومن يبارك ملك البلاد، ويُتوّجه، ويُسلمه صولجانه، ويُخرج النهار والزرع، ويُغدق الخير والمال على العباد.
الأنوناكي ليسوا آلهة ولكنهم مخلوقات فضائية!
يعتقد بعض المهتمين بالتاريخ، أن الأنوناكي ربما كانوا كائنات حقيقية، وكانوا في الواقع مخلوقات فضائية أتوا إلى الأرض من كوكب "نيبرو"، الذي يدَّعون أنه مر بالقرب من الأرض منذ آلاف السنين.
أما عن السبب الذي يدفع الأنوناكي للقدوم إلى الأرض والتظاهر بأنهم آلهة، كان لاستعباد الجنس البشري، يقول المؤمنون بهذه النظرية أن الأنوناكي أجبروا السومريين على استخراج الذهب من أجلهم. وفي المقابل منحوا السومريين بعض التقدم التكنولوجي، وعندما حصلوا على ما يحتاجون إليه، عاد الأنوناكي إلى كوكبهم.
من أشهر الأسماء التي روجت لهذه النظرية "إريك فون دانكن" من خلال سلسلة من الكتب المنشورة مثل كتاب "عربات الآلهة" عام 1968، ادعى "فون دانكن" أن رواد الفضاء القدامى "الأنوناكي" كانوا من خارج كوكب الأرض، وقد زاروا وادي الرافدين، ويقدم تفسيرات للنصوص السومرية والعهد القديم كدليل.
وادعى "زكريا سيتشين" في كتابه "The Twelfth Planet" عام 1976، أن الأنوناكي كانوا في الواقع نوعاً متقدماً من البشر من كوكب "نيبرو" غير المكتشف.
والذين جاء إلى الأرض منذ حوالي 500 ألف سنة، وشيدوا قاعدة عمليات على الأرض من أجل استخراج الذهب.
وفقاً لـ"سيتشين"، قام الأنوناكي بتهجين أنواعهم مع إنسان الكهف في المختبر؛ من أجل خلق البشر الحالي كنوع من العبيد لعمال المناجم.
ادعى سيتشين أن الأنوناكي أُجبِروا على مغادرة الأرض مؤقتاً والدوران حول الكوكب عندما ذابت الأنهار الجليدية في القطب الجنوبي، مما تسبب في حدوث الطوفان العظيم ،الذي دمر أيضًا قواعد الأنوناكي على الأرض.
واعتمد سيتشين في نظريته حول الأنوناكي على بعض النصوص السومرية القديمة التي تشير على ما يبدو إلى "آلات الطيران".
وفقاً لسيتشين، "بنى الأنوناكي الأهرامات وجميع الهياكل الأثرية الأخرى في جميع أنحاء العالم القديم، التي يرى المؤمنون بنظرية "رواد الفضاء القدامى" أنها مستحيلة البناء دون تقنيات متقدمة للغاية، وتنبأ سيتشين بأن الأنوناكي سيعودون إلى الأرض يوماً ما.
حتى أن البعض يذهبون إلى حد القول إن الأنوناكي كانوا نوعاً من الزواحف التي يمكنها التحول إلى بشر، ويعتقدون أن هذه الزواحف ساعدت السومريين على تطوير أنظمتهم في الكتابة والرياضيات، علاوة على ذلك يعتقدون أن الزواحف لا تزال موجودة اليوم وتحكم العالم في السر.
تم رفض كتابات "سيتشين" و"إريك فون دانكن" من قبل الأوساط العلمية المتخصصة بدراسة التاريخ، الذين وصفوا تلك الكتب بأنها علم آثار زائف، مؤكدين أنهما كانا يحرفان النصوص السومرية عن عمد من خلال اقتباسها خارج سياقها، وإساءة ترجمة الكلمات السومرية لمنحهم معاني مختلفة جذرياً عن التعريفات المقبولة.
ومع هذا يعترف المختصون، بأن النصوص السومرية القديمة قد تتضمن بعض المعتقدات غير العادية، إلا أنهم يعتقدون أن السبب في الغالب، هو أن السومريين عاشوا في وقت قبل أن يكون لدى الناس فهم متطور لأشياء مثل الفيضانات وعلم الفلك والحيوانات وأجزاء أخرى من الحياة.
ومع ذلك، لا يمكن إنكار شيء واحد: "كان شعب سومر متقدماً في وقتهم"، وأمثلة ذلك كثيرة، يُظهر لوح من الطين تُرجم عام 2015، أن علماء الفلك السومريين القدماء أجروا حسابات رياضية دقيقة للغاية لمدار كوكب المشتري، 1400 عام كاملة قبل الأوروبيين.
والبابليون الذين خلفوا السومريين ربما أنشأوا علم المثلثات قبل 1000 سنة من الإغريق القدماء.
وفي الوقت الحالي، لا يوجد دليل مؤكد على صحة النظريات التي تدعي أن الأنوناكي هم مخلوقات حقيقية، سواء كانو زواحف أو زوار من كوكب آخر.
ولا يزال أمام العلماء الكثير لتعلمه عن السومريين، لأن العديد من نصوصهم الطينية القديمة لا تزال قيد الترجمة حتى الآن.