استخدم مصطلح "الحرب الباردة" كثيراً على مدار التاريخ، وقد زاد استخدامه مؤخراً مع اندلاع حرب روسيا على أوكرانيا، للإشارة إلى وجود حرب باردة مع دول داعمة لطرفي الصراع، وفيه روسيا من ناحية، والولايات المتحدة والدول الغربية من ناحية أخرى، لدرجة تصريح رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين بأنه "من الخطأ الحديث عن حرب باردة جديدة بين روسيا والغرب؛ لأن الوضع ساخن بالفعل".
ناريشكين انتقد استخدام الساسة مصطلح "الحرب الباردة" لوصف علاقة روسيا بدول الغرب، وقال إن المقارنات التاريخية تقول غير ذلك. ما يجعلنا نتساءل عن نشأة مصطلح الحرب الباردة وأبرز أمثلته؛ إذ تحضر الحرب الباردة في الذاكرة التاريخية المعاصرة، فقد شهد القرن الماضي عدة حروب باردة بين قطبي القوة العالمية المتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، وقد وصلت تبعات هذه الحرب الباردة إلى منطقتنا العربية.
تاريخ مصطلح الحرب الباردة.. هل البداية من جورج أورويل؟
لم يجمع المؤرخون على تاريخ محدد للحرب لبداية الحرب الباردة، فبعضهم يقول إنها بدأت نهاية الحرب العالمية الأولى، وبعضهم يرى أنها بدأت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية على الفور، فيما يرجعها آخرون إلى القرن التاسع عشر؛ حيث دارت بين الإمبراطورية الروسية والمملكة البريطانية والولايات المتحدة.
أما عن مصطلح الحرب الباردة، فأيضاً هناك اختلاف على أول من أطلقه، ولكن ما هو متفق عليه هو أن أول من استخدمه هو الكاتب الصحفي البريطاني جورج أورويل في مقال نُشر عام 1945 سماه "أنت والقنبلة الذرية" أشار فيه إلى توقعاته عن الأزمة التي سيتسبب فيها تملك النووي بين الدول العظمى، التي يمكن أن تمحي ملايين البشر في ثواني معدودة.
ثم استخدمه الممول الأمريكي والمستشار الرئاسي برنارد باروخ في خطاب ألقاه في مقر الولاية في كولومبيا، ساوث كارولينا، في العام 1947، ثم أصبح مصطلحاً سياسياً شائعاً في كتابات الصحفي الأمريكي والتر ليبمان، الذي كتب سلسلة مقالات جمعها لاحقاً في كتاب قصير سمّاه "الحرب الباردة".
لكن هناك من ذهب إلى تاريخ استخدام المصطلح أبعد من هذا التاريخ بكثير، أطلقها الكاتب الأرستقراطي القشتالي دون خوان مانويل في القرن الرابع عشر، لوصف الصراع الشامل بين الدول المسيحية والدول الإسلامية على أنها "حرب باردة".
فيما يُعتقد أن مانويل لم يستخدم المصطلح عينه، بل استخدم مصطلح "الحرب الفاترة"، وظهرت كلمة "باردة" عن طريق ترجمة خاطئة لمخطوطته في القرن التاسع عشر، وفقاً لموسوعة السياسة الخارجية الأمريكية.
ومع ذلك، فإن وصف مانويل للحرب الفاترة لا يخلو من الأهمية في السياق الحالي، إذ يقول إن الحرب المعتادة والمباشرة لها نتائج حقيقية في شكل إما الموت أو السلام، ولكن النقيض يحدث في الحرب الفاترة، فهي ليست شريفة بين أعداء متساوين ويبدو أنها لا تؤدي إلى أي سلام حقيقي.
"حالة من عدم الود الشديد القائمة بين الدول، وخاصة الدول ذات الأنظمة السياسية المتعارضة، والتي تعبر عن نفسها ليس من خلال القتال ولكن من خلال الضغط والتهديدات السياسية، فيما يستخدم التعبير عادة للعلاقة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي بعد الحرب العالمية الثانية" – قاموس "كامبردج"
تحالف لم يدُم طويلاً بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة ثم انطلاق "الحرب الباردة"
على الرغم من الاختلاف حول تاريخ المصطلح، فإن المتفق عليه هو أنها مواجهة سياسية وأيديولوجية وأحياناً عسكرية بشكل غير مباشر، وأبرز الحروب الباردة دارت أحداثها خلال 1947-1991 بين أكبر قوتين في العالم خرجتا بعد الحرب العالمية الثانية هما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي وحلفاؤهما.
كان من أبرز مظاهر هذه الحرب انقسام العالم إلى معسكرين: شيوعي يتزعمه الاتحاد السوفييتي وليبرالي تتزعمه الولايات المتحدة، وأحداث دولية أدت بالقوتين العظميين إلى حافة كارثة نووية.
رغم أن الحرب العالمية الثانية شهدت تحالف الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية بجانب بريطانيا وفرنسا، للتصدي للعدو النازي المشترك، ولكن هذا التحالف لم يدُم طويلاً، إذ كان واضحاً الخلاف السياسي والأيديولوجي بينهما، سرعان ما كُشف عنه فور انتهاء الحرب.
فبعد استسلام ألمانيا النازية في شهر مايو/أيار 1945 وبالقرب من نهاية الحرب العالمية الثانية، بدأ التحالف المضطرب بين الدول المنتصرة بالانهيار. ففي شهر فبراير/شباط 1945، تم عقد مؤتمر يالطا في شبه جزيرة القرم، جمع ثلاثة حلفاء في الحرب العالمية الثانية، هم: الرئيس الأمريكي فرانكلين دي روزفلت، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، ورئيس الوزراء السوفييتي جوزيف ستالين.
ناقش قادة الحلفاء "الثلاثة الكبار" مصير ما بعد الحرب لألمانيا المهزومة وبقية أوروبا، وتحديد مصير العالم، وشروط دخول السوفييت في الحرب الجارية في المحيط الهادئ ضد اليابان وتشكيل وتشغيل الأمم المتحدة الجديدة، لمنع تكرار ما حدث من دمار مرة أخرى.
لكن سرعان ما اتضحت حالة عدم الثقة السائدة بين الحلفاء الغربيين والسوفييت، فقد أرادت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي التعاون ولكن وفقاً لشروطهما، وتحقيق مصالح سياستهما التوسعية الخاصة، وبدأ ملامح التوتر بالوضوح للدخول في مرحلة جديدة من الحرب الطويلة، تعتمد على النفَس الطويل وتشمل كل رقعة في العالم، بالتأكيد هي الحرب الباردة.
كان أكبر تخوف لدى الولايات المتحدة وأوروبا الغربية هو التمدد الشيوعي وسعي الاتحاد السوفييتي إلى ضم بلدان من أوروبا الشرقية أو جعلها تحت وصايته، وتأكدت هذه المخاوف بانعقاد مؤتمر بوتسدام (يوليو/تموز – أغسطس/آب 1945)، حينما رفض ستالين تنظيم انتخابات ديمقراطية في بولندا، مما أجج خلافاً محتدماً بين الطرفين.
السياسة الأمريكية تبنت سياسة استراتيجية تسمى "الاحتواء" لصد المد السوفييتي، ومحاصرته في مناطق معينة ومد يد العون والدعم للبلدان التي تريد الابتعاد عن السوفييت، فأطلقت واشنطن "مشروع مارشال"، وهو مشروع اقتصادي انطلق بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لإعادة تعمير أوروبا، وقد وضعه الجنرال جورج مارشال رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي أثناء الحرب العالمية الثانية.
لكن عندما أدت المساعدة الأمريكية المقدمة بموجب خطة مارشال إلى أوروبا الغربية إلى وضع تلك البلدان تحت النفوذ الأمريكي، توطدت الحرب الباردة في عامي 1947-1948، وهنا؛ أقام السوفييت أنظمة شيوعية علانية في أوروبا الشرقية.
ذروة الحرب الباردة.. الصراع بين القوى العظمى
بلغت الحرب الباردة ذروتها بين عامَي 1948 و1953، عندما حاصر السوفييت القطاعات التي يسيطر عليها الغرب في برلين الغربية، فيما شكلت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو).
ففي العام 1949 أعلن السوفييت امتلاكهم أول قنبلة ذرية، أنهوا فيه الاحتكار الأمريكي لها، ثم وصل الشيوعيون الصينيون إلى السلطة في الصين في نفس العام، وبعدها حكومة كوريا الشمالية الشيوعية المدعومة من الاتحاد السوفييتي.
وقد صاحبت فترة الحرب الباردة عدة أزمات دولية مثل أزمة حصار برلين، والحرب الكورية، وحرب فيتنام، وغزو خليج الخنازير، والغزو السوفييتي لأفغانستان وأزمة الصواريخ الكوبية، وكذلك أزمات طالت الوطن العربي.
أزمة حصار برلين
بعد انهزام ألمانيا النازية في الحرب، تمكنت القوات السوفييتية من السيطرة على برلين بعد مقاومة عنيفة من الألمان، بينما تمكنت قوات الحُلفاء المُكونة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا من عبور نهر الراين بعد استسلام شُبه جَماعي من القوات الألمانية، فأصبحت ألمانيا وبرلين الشرقية تحت سيطرة السوفييت وألمانيا وبرلين الغربية تحت سيطرة الحُلفاء، وفي العام 1961 قامت حكومة ألمانيا الشرقية ببناء جِدار برلين لفصل عاصمتهم عن المدينة التابعة لألمانيا الغربية.
لكن خلال الحرب الباردة، نشأت أزمة عندما حاول الاتحاد السوفييتي (بين عامي 1948 و1949) إجبار قوى الحلفاء الغربية (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا) على التخلي عن سلطاتها القضائية بعد الحرب العالمية الثانية في برلين الغربية.
لذلك قررت قوات الحلفاء توحيد مناطق احتلالها المختلفة في ألمانيا في وحدة اقتصادية واحدة، فقام الممثل السوفييتي بالانسحاب من مجلس مراقبة الحلفاء، بالتزامن مع إدخال عملة جديدة في برلين الغربية والتي اعتبرها السوفييت انتهاكاً للاتفاقيات مع الحلفاء.
وقد أقامت القوات السوفييتية حصاراً مشدداً على جميع السكك الحديدية والطرق والمياه الاتصالات بين برلين والغرب، معلنة انتهاء حكم الغرب في ألمانيا، لكن الولايات المتحدة وبريطانيا قاموا بتزويد المدينة بالطعام والإمدادات الحيوية الأخرى عن طريق الجو، بتكلفة إجمالية قدرها 224 مليون دولار.
الحرب الكورية
اندلعت الحرب الكورية الأهلية في شبه الجزيرة الكورية بين عامي 1950-1953، حيث كانت مقسمة إلى جزئين شمالي وجنوبي، الجزء الشمالي يقع تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي، والجزء الجنوبي خاضع لسيطرة لجنة الأمم المتحدة المؤقتة لكوريا بقيادة الولايات المتحدة.
وفي منتصف العام 1950، هاجمت كوريا الشمالية كيم إيل سونغ كوريا الجنوبية بهدف توحيد الكوريتين، بمباركة من ستالين، ثم توسعت نطاق الحرب بعد أن أرسلت أمريكا والأمم المتحدة قواتها لشبه الجزيرة الكورية دعماً لكوريا الجنوبية، واستطاعت تحقيق نجاحٍ في مواجهة القوات الكورية الشمالية، ثم قررت غزو كوريا الشمالية لتوحيد شبه الجزيرة الكورية، تحت قيادة الجنوبيين الموالين لها.
لم يتدخل الاتحاد السوفييتي بشكل فعلي في الحرب، فرأت الصين الشيوعية أن عليها التدخل خوفاً من انتصار أمريكا التي ستكون حتماً عند حدودها، وفي منتصف العام 1953 انتهت الحرب القصيرة، ولكنها خلفت ملايين القتلى من جميع الأطراف لم يحدد عددهم الفعلي حتى اليوم، كما أنها لم تشهد أيّة مفاوضات سلمية بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، ولم يتحقق أبداً هدف الأمم المتحدة (هدف أمريكا) الأولي المتمثل في توحيد الدولتين الكوريتين.
وبعد مرور ما يزيد عن 6 عقود، ما زالت حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية تقلق العالم بأسره.
غزو خليج الخنازير
أزمة جديدة حدثت في 17 أبريل/نيسان عام 1961، عندما حاولت جماعة Brigade 2506 شبه العسكرية التي ترعاها المخابرات المركزية الأمريكية غزو كوبا، للإطاحة بحكومة كوبا الشيوعية التي يرأسها فيدل كاسترو.
القوات المسلحة الثورية الكوبية، استطاعت هزيمة الجنود الأمريكيين بشكل ساحق، أجبرتهم على الانسحاب في مدةٍ لم تتجاوز ثلاثة أيام فقط، لتشكل إحراجاً كبيراً للسياسة الأمريكية، وتبدأ الدولة الجارة لأمريكا، بزيادة نفوذ الحكم الشيوعي في البلاد وتعزيز الصلات مع الاتحاد السوفييتي أكثر.
وهكذا هدد التواجد السوفييتي في كوبا الواقعة على حدود أمريكا الأمن القومي الأمريكي. فقد قادت هذه الهزيمة التي جلبت السوفييت إلى أزمةٍ أخرى كادت تؤدي لنشوبِ حربٍ نووية بين البلدين، وتلك هي الأزمة المعروفة بأزمة الصواريخ الكوبية في العام اللاحق.
أزمة الصواريخ الكوبية
حيث بدأت أزمة الصواريخ الكوبية في 8 أكتوبر/تشرين الأول 1962، ووصلت ذروتها في 14 أكتوبر/تشرين الأول عندما أظهرت صور التُقطت من طائرة التجسس الأمريكية "لوكهيد U-2" وجود قواعد صواريخ سوفييتية نووية تحت الإنشاء في كوبا.
تُعتبر هذه الحادثة الصواريخ أول مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، بالإضافة لكونها الأساس لتدشين اتفاقيات كبرى من أجل الحدّ من الأسلحة النووية على مستوى العالم.
إذ فكّرت الولايات المتحدة في إطلاق حملة عسكرية واسعة على كوبا، وقصف مواقع الصواريخ وتدميرها وقتل الخبراء السوفييت، إلا أنّ الرئيس الأمريكي جون كينيدي كان متخوّفاً من الرد السوفييتي القاسي على الجبهة الألمانية، واحتلال العاصمة برلين، لذلك فضل فرض حصار بحري مشدد على كوبا.
انتهت الأزمة في 28 أكتوبر/تشرين الأول 1962، بعدما توصّل الطرفان إلى اتفاق يقضي بإزالة الصواريخ السوفييتية ومنصات إطلاق من الأراضي الكوبية شريطة أن تتعهد الولايات المتحدة بعدم غزو كوبا وأن تتخلص بشكل سري من صواريخ "ثور" و"جوبيتر" المنصوبة في بريطانيا وكلٍّ من إيطاليا وتركيا.
وتنفيذاً لشروط الاتفاق، أُزيلت الصواريخ السوفييتية ووُضعت على السفن من أجل إرسالها إلى الاتحاد السوفييتي في الفترة ما بين 5 و9 نوفمبر/تشرين الثاني 1962، لينتهي بعد ذلك الحظر البحري على كوبا بشكل رسمي يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام.
حرب فيتنام
تعد حرب فيتنام (1955-1975) واحدة من أسوأ الحروب في تاريخ الولايات المتحدة، حيث خسر الأمريكان أرواح بالآلاف في الحرب، كما منيت بهزيمةٍ نكراء وأُجبرت على الانسحاب في النهاية.
دارت الحرب في البداية بين القوات الشيوعية في شمال فيتنام بدعمٍ من الدول الشيوعية المتمثلة في الاتحاد السوفييتي والصين، وبين حكومة جنوب فيتنام بدعمٍ من الولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن تحالف العديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
الولايات المتحدة لم تتوقَّع أن تستغرق الحرب كل هذه المدة، كما أنها تسببت في قتل أكثر من مليون شخص من الجانبين، وخسائر مادية كبيرة لأمريكا التي كادت أن تفلس من هذه الحرب، بالإضافة إلى حالة الاستنكار الشعبي الأمريكي لهذه الحرب غير المنطقية، لذلك قرر الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون إنهاء تدخل الولايات المتحدة في الحرب، وجرى التفاوض بشأن وقف إطلاق النار في عام 1973.
بعدها بعامين، استسلمت فيتنام الجنوبية لحكومة الشمال الشيوعية، وبانقضاء الحرب عانت أمريكا من انتكاسة كبيرة في الحرب الباردة. وَحَّدت حكومة فيتنام الشمالية قطبَي البلاد ليصبحا دولة فيتنامية شيوعية واحدة، لتظل على ذلك الحال حتى يومنا هذا.
الحرب الباردة وصلت إلى منطقتنا: العدوان الثلاثي على مصر
في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1956 وصلت الحرب الباردة إلى منطقة الشرق الأوسط، وحدثت أزمة السويس أو ما عرف بـ"العدوان الثلاثي" البريطاني-الفرنسي-الإسرائيلي على مصر.
وقد اندلعت الأزمة في 26 يوليو/تموز من عام 1956 عندما قام الرئيس المصري حينها جمال عبد الناصر والصديق للاتحاد السوفييتي بتأميم شركة قناة السويس، التي كانت تسيطر عليها فرنسا وبريطانيا. وقد خشيت بريطانيا وفرنسا من أن يغلق عبد الناصر القناة، ويقطع شحنات النفط المتدفقة من الخليج العربي إلى أوروبا الغربية.
هنا؛ أعدت بريطانيا وفرنسا سرا لعمل عسكري لاستعادة السيطرة على القناة، وقاموا بالاتفاق مع إسرائيل التي تفاقم عدائها لمصر منذ تسلّم عبد الناصر الحكم، وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1956، وبعد حوالي ثلاثة أشهر، بدأ الهجوم الأنجلو-فرنسي على السويس، وقد سبقه قصف جوي أدى إلى تحطيم وتدمير القوات الجوية المصرية.
وفي 5 و6 نوفمبر/تشرين الثاني قامت القوات البريطانية والفرنسية بعمليتي إنزال في بورسعيد وبورفؤاد، وبدأت في احتلال منطقة القناة. وبعد أن تحرك الرأي العام العالمي، وخاصة في الولايات المتحدة، لوقف هذه الحرب خوفاً من التهديد بالتدخل السوفيتي لصالح مصر، أجربت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على سحب قواتها من مصر، ففي منتصف ليل 6 نوفمبر/تشرين الثاني، تمت الدعوة لوقف إطلاق النار بناء على طلب من الأمم المتحدة.
وفي 22 ديسمبر/كانون الأول قامت الأمم المتحدة بإجلاء القوات البريطانية والفرنسية، وانسحبت القوات الإسرائيلية في مارس/آذار من عام 1957، وقد شابت العلاقات الأنجلو- أمريكية التوتر بسبب أزمة السويس، ولكن مع استمرار حلفاء الحرب الباردة في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في التعاون.