عبر استفتاء شعبي كبير في إيران، صوَّت فيه 98.2% من الشعب، أُعلن نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الأول من أبريل/نيسان 1979. جاءت نتيجة هذا الاستفتاء لتؤكد رغبة الشعب في تأسيس نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ورفض النظام الملكي الذي قضت عليه ثورة إيران أو "الثورة الإيرانية الإسلامية".
نظام الحكم قبل الثورة في إيران
توالت العديد من الأسر الحاكمة على بلاد فارس منها السلالة الأخمينية، والسلالة الصفوية، والأسرة القاجارية. وفي عام 1921، أُطيح بآخر قاجار شاه عبر انقلابٍ عسكري، وكان "رضا خان" مؤسس الأسرة البهلوية، أحد أهم قادة هذا الانقلاب، وأصبح في عام 1925 شاه إيران.
كان رضا شاه بهلوي ديكتاتوراً استغل منصبه لجمع ثروات كبيرة له ولأسرته. لكنه بنى أمة قوية، هزمت القبائل المتمردة. واعتمد مدونات القانون الغربية، وأنشأ نظام تعليمي حديث. وفي عام 1935، غيّر رضا شاه اسم البلد رسمياً من بلاد فارس إلى إيران.
وفي عام 1941 كانت إيران على أعتاب قصةٍ أخرى، فقد أجبرت بريطانيا والاتحاد السوفيتي الشاه على التخلي عن العرش – بسبب ميوله لتأييد هتلر – لابنه محمد رضا.
خبأت الأيام لمحمد رضا بهلوي مصيراً أسوأ من أبيه، فقد أصبح بكرور الأيّام والأحداث آخر شاه في إيران، وحكم لمدة 37 عاماً بنى خلالها منظومة عسكرية وأمنيّة قوية.
نجا الشاه من تحدٍ خطير لسلطته من قبل رئيس الوزراء الشعبي محمد مصدق في أوائل الخمسينيات، ولكن بحلول أوائل سبعينيات القرن العشرين، ظهرت معارضة قويّة لحكمه بين الإيرانيين في جميع مناحي الحياة تقريباً.
الثورة الإسلامية
انتقد الطلاب والمهنيون حكم الشاه المطلق والمعاملة القاسية لمعارضيه من قبل الشرطة السرية. كان من بين أقوى منتقدي الشاه الزعماء الدينيين الشيعة الذين أصبحوا المنظمين الرئيسيين للمعارضة. أدت المواجهة مع الشاه إلى سنة كاملة من العنف (1978 – 1979) قتل فيها أكثر من 10 آلاف إيراني.
فقد بدأت التظاهرات يوم 9 يناير/كانون الثاني عام 1978 في مدينة "قُم"، وأدت هجمات قوات الأمن إلى مقتل 5 شخص على الأقل. وفي 18 فبراير/شباط اشتعلت الاحتجاجات في عدد من المدن لإحياء ذكرى الأربعين للمتوفين يوم 9 يناير/كانون الثاني.
في 10 و11 ديسمبر/كانون الأول 1978 احتفل الملايين من الإيرانيين بعطلة دينية في جميع أنحاء البلاد مطالبين بإسقاط الشاه. وقد طُرد الشاه من بلاده بالفعل في 16 يناير 1979، ووُضع دستور عام 1906 جانباً، وأصبحت إيران جمهورية إسلامية بمباركة روح الله الخميني (آية الله الخميني).
إعلان نظام الجمهورية الإسلامية في إيران
دعا الإمام الخميني إلى إجراء استفتاء شعبي لإعلان نظام الجمهورية الإسلامية، واستجاب 98.2% من الشعب، وكان إعلان إيران جمهورية إسلامية في الأول من أبريل/نيسان 1979. وعلى غير السائد فإنّ الخميني لم يحكم بنفسه وإنما اكتفى باعتباره "مرشداً أعلى للثورة".
كانت السنوات الأولى للجمهورية الإسلامية عاصفة وعنيفة؛ فقد عارض معظم الناس الشاه، لكنهم لم يتّفقوا على نوع المجتمع أو الدولة الذي يجب أن تصبح عليه إيران. واجهت الحكومة الجديدة معارضة من المقاتلين اليساريين والمعتدلين على السواء كما واجهت أيضاً أنصار نظام بهلوي القديم.
تغيير علم إيران بعد الثورة
في يوليو/تموز 1980، تغيّر علم إيران عقب قيام الجمهورية الإسلامية، بإحداث بعض التغييرات على العلم السابق له. فظلّ العلم 3 أشرطة بألوان أخضر وأبيض وأحمر على التوالي، ولكن أزيل من المنتصف رمز الأسد والشمس باللون الأصفر، ووضع مكانهما لفظ الجلالة "الله" باللون الأحمر.
ومن ينظر إلى لفظ الجلالة يرى أنه يتكون من خمسة أجزاء، كل منها يمثل ركناً من أركان الإسلام. كما أضيف إطار للمستطيل الأبيض مكتوب عليه "الله أكبر" بالخط الكوفي.
لكن دعونا الآن نتعرّف على المكونات الرئيسية لنظام الحكم في إيران
النظام السياسي في إيران معقّد من نواحٍٍ كثيرة، فهو يجمع بين عناصر ثيوقراطية (حكومة دينية) مع الديمقراطية الحديثة.
1- المرشد الأعلى للثورة الإسلامية
هو أعلى سلطة في إيران، ويتمتّع بالعديد من الصلاحيات التنفيذية، ويحدِّد سياسة الدولة العامة، ويختار رؤساء القضاء والجيش والإعلام، كما يؤكِّد انتخاب الرئيس. والمرشد هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات والأمن، كما بيده إعلان حالة الحرب.
كما يمكن للمرشد الأعلى أن يبادر بعمل تعديلات دستورية، كما يُعيِّن مديري شبكات التلفزة والإذاعة الوطنية ورؤساء المؤسسات الدينية والاقتصادية الرئيسية الذين يقدمون تقاريرهم إليه مباشرة. يشغل منصب المرشد الأعلى في الوقت الحالي آية الله علي خامنئي.
تم تعيين آية الله علي خامنئي خلفاً لآية الله الخميني مدى الحياة في يونيو 1989. كان خامنئي قد خدم سابقاً فترتين متتاليتين رئيساً لإيران في الثمانينيات.
2- رئيس إيران
يتولى رئيس إيران السلطة التنفيذية، ويُنتخب بالاقتراع العام لمدة 4 سنوات، ويقتصر حكمه على فترتين متتاليتين، ويعتبر أعلى سلطة بعد المرشد الأعلى.
وفقاً للدستور، يجب أن يكون رئيس إيران مواطناً إيرانياً وشيعياً. على الرغم من أنّ الدستور لا يحدد جنس الرئيس، فقد مُنعت المرشّحات حتى الآن من الترشُّح في الانتخابات الرئاسية.
يختار الرئيس عدداً من نواب الرئيس، ومجلس الوزراء المكوَّن من 21 وزيراً، ويجب أن يحوز الوزراء ثقة البرلمان بتأكيد حكومة الرئيس.
الرئيس هو المسؤول عن تنفيذ الدستور وممارسة الصلاحيات التنفيذية، باستثناء المسائل التي تخضع لسلطة المرشد الأعلى. ويمكن للمرشد الأعلى إقالة الرئيس إذا صوَّت ثلثا أعضاء البرلمان على عزله.
يشغل منصب رئيس إيران في الوقت الحالي الرئيس الإصلاحي حسن روحاني الذي فاز بالانتخابات في عام 2013، وفاز بأغلبية ساحقة في عام 2017 لدورة ثانية.
3- مجلس خبراء القيادة
هيئة تضم 86 من كبار رجال الدين، ينتخبهم الشعب كل 8 سنوات. وفقاً للدستور، ينتخب المجلس المرشد الأعلى، الذي يُعين بعد ذلك بالتصويت الشعبي. كما يمكن للمجلس مراجعة عمل المرشد، كما يمكنه إقالته، لكن هذا لم يحدث أبداً.
فعملياً، لم تستجوب الجمعية مطلقاً المرشد الأعلى، ومن غير الواضح كذلك مدى مراقبة الجمعية بعناية لأنشطة القائد الأعلى؛ فجميع ملاحظات الاجتماعات نصف السنوية للمجموعة سرية. وتتكون الهيئة من مجلس قيادة وست لجان تجتمع مرتين في السنة.
على الرغم من أن الدستور يكلف مجلس الخبراء بمهمة مراقبة المرشد الأعلى، إلا أنه لا توجد آليات رسمية مصادق عليها دستورياً أو غير ذلك يمكن للمجلس من خلالها تحدي أو مساءلة القائد الأعلى.
تأسست الجمعية لأول مرة بعد الثورة الإيرانية عام 1979 لصياغة دستور جديد. بعد الانتهاء من هذه المهمة، تم حلها حتى إعادة تأسيسها في عام 1982. واستناداً إلى دورة الاقتراع التي استمرت ثماني سنوات، كان من المقرر انتخاب الجمعية الخامسة في عام 2015، لكن قانون عام 2009 أرجأ الاقتراع ليتزامن مع الانتخابات البرلمانية لعام 2016.
رئيس مجلس خبراء القيادة الحالي هو أحمد جنتي منذ مايو/أيار 2016.
4- مجلس الشورى الإسلامي "البرلمان"
يتكون هذا المجلس من 290 عضواً يتم انتخابهم لمدة 4 سنوات، ويُعيّن خمسة مقاعد للأقليات الدينية، بما في ذلك اليهود والمسيحيون والزرادشت. من اختصاصات مجلس الشورى الإسلامي الموافقة على الميزانية الوطنية، ويصوغ التشريعات، ويصدِّق على المعاهدات الدولية، ويوافق على القروض الأجنبية، ويعتمد إعلانات حالة الطوارئ.
كما أن إحدى مهامه هي التوصية إلى المرشد الأعلى بإقالة الرئيس على أساس عدم الكفاءة السياسية.
ولكن من الناحية العملية، يواجه البرلمان العديد من القيود. لم يعد المجلس يتمتع بسلطة التحقيق في المؤسسات غير المنتخبة، مثل مجلس صيانة الدستور. كذلك التحقيق في أي مؤسسة خاضعة لسيطرة المرشد الأعلى، مثل وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة.
يحد الدستور أيضاً من سلطة البرلمان من خلال مطالبة مجلس صيانة الدستور بتأكيد دستورية الطبيعة الإسلامية لأي قانون جديد.
رئيس المجلس الحالي هو علي لاريجاني منذ مايو/أيار 2008.
5- مجلس صيانة الدستور
هيئة تنظيمية للإشراف على مجلس الشورى الإسلامي، ويجب أن يوافق على جميع مرشحيه والتشريعات الصادرة عنه.
يتكون المجلس من 12 من رجال القانون، من بينهم ستة رجال دين خبراء في الشريعة يعيِّنهم المرشد الأعلى، وستة من رجال القانون المدني الذين ينتخبهم البرلمان. يفحص المجلس جميع المرشحين لمنصب منتخب (أي الرئاسة والبرلمان وجمعية خبراء القيادة).
يستعرض المجلس كذلك جميع التشريعات لتحديد دستوريتها، فإذا وجد أغلبية المجلس أن هناك تشريعاً لا يتوافق مع الدستور، أو إذا وجد أغلبية محامي الشريعة الإسلامية بالمجلس أن الوثيقة تتعارض مع معايير الشريعة الإسلامية، فيجوز للمجلس إلغاؤها أو إرجاعها مع مراجعات المجلس لإعادة النظر.
يتولى رئاسة مجلس صيانة الدستور أحمد جنتي منذ يوليو/تموز 1992.
6- مجلس تشخيص مصلحة النظام
حينما يعترض مجلس صيانة الدستور على أحد قرارات مجلس الشورى الإسلامي لمخالفتها الشريعة، ولا يوافق الشورى على اعتراض مجلس صيانة الدستور، حينئذ يظهر دور مجلس تشخيص مصلحة النظام.
فيمكن لمجلس تشخيص مصلحة النظام إما تأييد أو إلغاء حق النقض في مجلس صيانة الدستور، أو إعادة التشريعات إلى مجلس الشورى بتعليمات تفيد بأن مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور يعملان على التوصل إلى حل وسط مقبول.
كما أن المجلس بمثابة هيئة استشارية للمرشد الأعلى، مما يجعلها واحدة من أكثر الهيئات نفوذاً في البلاد.
ترأس هذا المجمع منذ إنشائه عام 1988 هاشمي رفسنجاني، وبعد وفاته في يناير/كانون الثاني 2017، تولى منصب الرئيس المؤقت لمجلس تشخيص مصلحة النظام آية الله محمد علي موحدي كرماني في فبراير/شباط 2017.
7- القضاء في إيران
يعيِّن المرشد الأعلى لإيران رئيس السلطة القضائية كلَّ خمس سنوات. ويعيِّن رئيس السلطة القضائية أعضاء المحكمة العليا، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، ويوافق على قائمة المرشحين التي يمكن للرئيس أن يختار من خلالها وزير العدل.
يعتمد النظام القانوني على الشريعة الإسلامية، فيجب أن يكون قضاة جميع المحاكم خبراء في الشريعة الإسلامية.
هناك محاكم عامة تنظر في القضايا المدنية والجنائية التقليدية، ومحاكم ثورية تنظر في القضايا التي تنطوي على جرائم سياسية والأمن القومي، ومحاكم خاصة لأفراد قوات الأمن والمسؤولين الحكوميين، ومحكمة رجال الدين، التي تتعامل مع الجرائم التي يرتكبها أعضاء من رجال الدين.
8- مجلس الأمن القومي الأعلى
تشكِّل المادة 176 من الدستور الإيراني المجلس الأعلى للأمن القومي، ومهمّته الحفاظ على الثورة الإسلامية والسلامة الإقليمية والسيادة الوطنية.
وأعضاء المجلس هم الرئيس، ورئيس البرلمان، ورئيس السلطة القضائية، ورئيس الأركان العامة المشتركة للقوات المسلحة، ووزراء الخارجية والداخلية والاستخبارات، وقادة الحرس الثوري الإسلامي والجيش النظامي.
القوات المسلحة في إيران
تتكوّن القوات المسلحة لإيران من الجيش الإيراني النظامي (جيش الجمهورية الإيرانية) والحرس الثوري الإيراني IRGC.
ووفقاً للدستور الإيراني، فإنّ الجيش النظامي لدولة إيران مسؤول عن حماية الاستقلال والسلامة الإقليمية للبلاد والحفاظ على النظام. يجب أن يلتزم الجيش، الذي يقع تحت سيطرة المرشد الأعلى، بأيديولوجية إسلامية.
بينما يحافظ الحرس الثوري الإيراني على الثورة وإنجازاتها وحماية نظام الجمهورية الإسلامية في الداخل والخارج، ويمنع التدخل الأجنبي، ويمنع الانقلابات العسكرية.
وسائل الإعلام في إيران
تخضع جميع عمليات البث من الأراضي الإيرانية لسيطرة الدولة وتعكس الإيديولوجية الرسمية.
أمّا مواقع الإنترنت والصحف المطبوعة فيمكنها عكس مجموعة واسعة من الآراء. ومع ذلك، تم إغلاق العديد من المنافذ المؤيدة للإصلاح وسجن كتابها ومحرريها. كما وصف العديد من المدافعين عن حرية وسائل الإعلام إيران بأنها من بين أكبر خمسة سجون في العالم للصحفيين.