اعتمدت منظمة اليونسكو، التابعة للأمم المتحدة، السبت 25 مايو/أيار 2024 محافظة الإسكندرية، كأول مدينة في أفريقيا ومصر تطبق معايير للحد من مخاطر موجات تسونامي. جاء ذلك بناءً على الإنجازات التي قام بها المعهد القومي المصري لعلوم البحار والمصايد، في مجال التوعية من مخاطر موجات التسونامي القادمة نتيجة تغير المناخ وفوران البحر المتوسط.
وعلى مرّ تاريخها فُقد جزء كبير من هذه المدينة المصرية القديمة بسبب البحر، حيثُ تعرضت للغرق نتيجة موجات التسونامى مرتين في عام 365م و1303م.
كارثة التسونامي.. يوم كاد البحر أن يبتلع الإسكندرية
في 21 يوليو/تموز عام 365م ، تسبب زلزال قوي قبالة سواحل اليونان في حدوث تسونامي مدمر اجتاح مدينة الإسكندرية بمصر، وعلى الرغم من عدم وجود أدوات قياس في ذلك الوقت، يقدر العلماء الآن أن الزلزال كان في الواقع هزتين متتاليتين، ويعتقد أن أقواهما بلغت قوته 8.0 درجة.
وكان مركز الزلزال بالقرب من حدود الصفائح المعروفة بالقوس الهيليني، وهو سلسلة جبال مقوسة في جنوب بحر إيجة، وسرعان ما قذف الزلزال جداراً من المياه عبر البحر الأبيض المتوسط باتجاه الساحل المصري، ما تسّبب في انقلاب السفن في ميناء الإسكندرية عندما انحسرت المياه بشكل مفاجئ عن الساحل، وقد أدى ذلك إلى سقوط العديد منها فوق المباني، وهو ما أفقد حوالي 5000 شخص حياتهم ودُمر 50000 منزل، وفقاً لما ذكره لنا موقع HISTORY EXTRA.
كما تعرضت القرى والبلدات المحيطة إلى دمار أكبر، حيث تم محو العديد منها تقريباً من الخريطة، ولقي حوالي 45 ألف شخص حتفه بسبب الزلزال.
بالإضافة إلى ذلك، أدى غمر المياه المالحة للمدينة إلى جعل الأراضي الزراعية غير صالحة للاستخدام لسنوات عديدة، وتشير الأدلة إلى أن الخط الساحلي للمنطقة قد تغير بشكل دائم بسبب الزلزال، كما اجتاح البحر مباني الحي الملكي بالإسكندرية بعد التسونامي، ولم يكتشف علماء الآثار أنقاض المدينة القديمة قبالة ساحل المدينة الحالية إلا في عام 1995.
زلزال عام 1303 م.. عندما اجتاح البحر نصف المدينة
في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وتحديداً في فجر يوم 24 ذي الحجة 702هـ/ 8 أغسطس 1303م، هزّ زلزال عنيف المدينة.
استمرت الهزة الأرضية لبضع ساعات، وتوالت توابعها لأربعين يوماً، متسللة إلى أرجاء المشرق، حيث تجاوزت حدود مصر والشام، ووصلت إلى برقة وتونس وصقلية وقابس، وحتى قبرص، وكانت الإسكندرية، التي "ذهب تحت الردم بها خلق كثير" كما يُعرف عند المُؤرخين، من أكثر المدن تضرراً.
بحسب ما جاء في موقع ARGOPHILIA فقد جرفت موجة تسونامي التي يبلغ ارتفاعها 9 أمتار السفن الكبيرة إلى مسافة تصل إلى ميلين داخلياً، وتهدمت جرّاءها الأبراج والأسوار في المدينة، كما تعرضت منارة المدينة لأضرار قسمتها إلى نصفين، وسقطت أجزاء كبيرة من السور الشمالي، وتشققت صهاريج المياه التي كانت تُرْوِي المدينة، فأغرقت التجارة وأفنت أموال التُجّار وبضائعهم.
الموقع الاستراتيجي وهبوط الأرض من أسباب انحدار الإسكندرية القديمة
لموقع المدينة دور محوري في سيناريوهات غرقها، ففي عام 331 قبل الميلاد، اختار الإسكندر الأكبر تأسيس المدينة بين كتلتين مائيتين: البحر الأبيض المتوسط شمالاً ليكون مركزاً تجارياً، وبحيرة مريوط جنوباً، بذلك شيد "ميناء الإسكندر"، ونفذ هذا المشروع المهندس اليوناني دينوقراط.
وكان الموقع المختار أرضاً جرداء، فقرر دينوقراط إنشاء نظام ذكي ومعقد لإمداد الأرض بالماء عبر قنوات قادمة من نهر النيل، وتوزيعها عبر شبكة من الأنابيب المتفرعة، وتخزينها داخل خزانات تحت الأرض.
لا تزال بعض أجزاء هذه الشبكات موجودة حتى اليوم، لكنها لا تؤدي أي وظيفة، حيثُ بُنيت المدينة الحالية فوق أنقاض عدة مدن قديمة، وهو سبب آخر لهبوط الأرض.
هبوط الأرض
تقع المدينة بالقرب من صفائح تكتونية نشطة، وهي التي تسببت في العديد من الزلازل والأضرار للمدينة في العصور التاريخية والحديثة، ويذكر أن أحد آثار هذه التحركات الأرضية هو هبوط الأرض، وهو ما توليه الدراسات الجيولوجية أهمية خاصة، حيث تعتبر مفتاحاً لتوقع مخاطر الزلازل في المناطق الساحلية الحالية كما ذكر لنا موقع UNBIATHENEWS.