أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في 17 نوفمبر/تشرين الثاني، عن وفاة أسير إسرائيلي يدعى آريه زالمن زدمانوفتش، البالغ من العمر 86 عاماً، بسبب تأثره بنوبات هلع نتيجة القصف الإسرائيلي المتكرر في محيط مكان اعتقاله. هذا الأسير الهرم، كان قبل أكثر من 65 سنة أحد المؤسسين الرئيسيين لمستوطنة نير عوز الواقعة في غلاف غزة والتي أقيمت فوق أنقاض قرية معين أبو ستة، والتي كانت أحد المواقع التي سيطرت عليها المقاومة الفلسطينية لساعاتٍ أثناء هجومها المفاجئ في الـ7 من أكتوبر/تشرين الأوّل الماضي.
فبعد النكبة الفلسطينية وحملة التهجير القسري والدموي الذي شنّته الجماعات الصهيونية المتطرفة، قام آريه زالمن زدمانوفتش ورفاقه من جيش الاحتلال الصهيوني بإقامة مستوطنة نير عوز على دماء قرية معين أبو ستة التي تقطنها قبيلة الترابين البدوية الفلسطينية، وذلك بعد قتل وتهجير أهلها، فما قصة هذه القرية؟
تاريخها يعود إلى العهد الروماني
تقع قرية معين أبو ستة في قضاء مدينة بئر السبع وتحديداً في الجنوب الغربي من مدينة بئر السبع، وتحدّها من الجهة الغربية مدينة خان يونس، ومن الشمال فيحدها المغاصبة ومستوطنة كيسوفيم الحالية ومن الجنوب تحدها قرية خزاعة،
عمّرت القرية منذ العهد الروماني؛ إذ توجد بها آثار قديمة تعود للعهد الروماني ومن أبرز هذه الآثار أرضية من الفسيفساء لرسومات رومانية مشهورة، مما يوحي أنّ للقرية تاريخاً ممتداً من القرون الأولى للميلاد.
تبلغ مساحة القرية 60 ألف دونم وهي من أخصب الأراضي الزراعية في المنطقة؛ إذ تشتهر ببساتينها الخضراء، ومن أهم المحاصيل الزراعية التي زرعها أهل القرية قبل تهجيرها القمح والشعير والذرة والبطيخ والشمام والخضراوات بكل أصنافها فكانت بمثابة السلة الغذائية لمنطقة خان يونس وقضاء بئر السبع.
قرية معين أبو ستة التي قطنتها كبرى قبائل البدو الفلسطينية
تعتبر قرية معين أبو ستة من الأراضي التابعة لعشيرة الغوالي، أحد بطون قبيلة الترابين، وهي واحدة من أعرق وأكبر قبائل البدو في فلسطين والمنطقة.
كان بالقرية مدرسة تأسست في العام 1924، في وقتٍ لم يعرف فيه الكثير من القرى في البلدان الأخرى المدارس، كما كانت بها بئر للمياه وبيوت من الحجر وبيوت من الشعر.
كانت القرية ملتقى الطرق التجارية، الأمر الذي حوّلها في بداية القرن العشرين إلى مركزٍ تجاري مزدهر، فمنها يمر طريق رفح بئر السبع الحيوي ومنها أيضاً تمرّ السكة الحديد من سيناء إلى بئر السبع والتي أقامتها الدولة العثمانية قبل الحرب العالمية الأولى.
كان لقرية معين أبو ستة وزنٌ سياسي كبير بحكم علاقاتها الوطيدة مع العائلات والعشائر من حولها، خاصة من سكان خان يونس وعشائر الترابين.
تعرّضت لهجوم الاحتلال الصهيوني.
أقام الاحتلال مستوطنة نير عوز فوق دمائها
كانت قرية معين أبو ستة، من أولى القرى التي استهدفها المستوطنون الصهاينة، إذ هاجم الاحتلال الصهيوني قرية معين أبو ستة أول مرة في أواخر عام 1947، ولكن مقاومة الأهالي من أبناء عشيرة أبو ستة حالت دون احتلالها، مما دفع الاحتلال الصهيوني إلى التقهقر والتراجع، وذلك على وقع ضربات قائد الفرسان المقاومين من أبناء العشيرة الشهيد البطل عبد الله موسى أبو ستة.
وفي العام 1948، عادت القوات الصهيونية لمهاجمة معين أبو ستة من جديد، وبعد معارك عنيفة نجحت الجماعات الصهيونية في السيطرة على القرية.
ونتيجة لذلك، هاجر أهالي قرية معين أبو ستة إلى قطاع غزة وخاصة إلى مدينة خان يونس ودير البلح.
بينما بنى المستوطنون ومن بينهم الأسير بيد القسام والذي قُتل مؤخراً مستوطنة نير عوز على أنقاض القرية وفوق بساتينها.