على الرغم من أنَّ لهجة الكسكسة واحدة من أقدم اللهجات العربية القديمة، فإن بعض العرب ما زالوا حتى يومنا هذا يستخدمونها في حياتهم اليومية، فما هو أصل هذه اللهجة، ما أبرز الاختلافات بينها وبين اللغة العربية، ما القبائل التي تستخدمها، ولماذا سُميت بهذا الاسم؟
الكسكسة.. إحدى أقدم وأغرب اللهجات العربية القديمة
ووفقاً لما ذكره معجم المعاني الجامع، فإنَّ الكسكسة هي لهجة عربية قديمة وظاهرة لغوية، تستخدم لدى العديد من القبائل العربية، لا سيما في الخليج العربي.
وقد ظهرت هذه اللهجة لأول من مرة من قبيلة هوازن المُنتشرة في كل من: "السعودية، سلطنة عُمان، البحرين، العراق، ليبيا، الجزائر، السودان، المغرب".
ووفقاً لما ورد في الجزء الأول صفحة 399 من كتاب الخصائص وهو أحد أشهر الكتب التي كتبت في فقه اللغة وفلسفتها للكاتب "ابن جني"، فإنّ كسكسة هوازن كانت تعتمد على إلحاق الكاف الساكنة في الضمير المؤنث، بحرف السين عند الوقف دون الوصل".
وهو ما ذكر أيضاً في العديد من المصادر الأخرى مثل كتاب مخطوطة موارد البصائر لفرائد الضرائر لمحمد سليم بن عبد الحليم وفي كتاب الصاحبي في فقه اللغة لأبي الحسين بن فارس النحوي.
في حين تذكر بعض المصادر التاريخية الأخرى أنّ لهجة الكسكسة جاءت من قبيلة بكر بن وائل التي تعود إلى عصر الجاهلية، أي قبل وصول الإسلام.
وقد ورد في كتاب البيان والتبيين للجاحظ أنّ معاوية بن أبي سفيان سادس الخلفاء في الإسلام ومؤسس الدولة الأموية في الشام وأوّل خلفائها قد سأل في يوم من الأيام من أفصح الناس؟ فأجابه أحدهم: "قوم ارتفعوا عن لخلخانيَّة الفرات، وتيامنوا على عَنعَنةِ تميمٍ، وتَياسَرُوا عن كسكَسةِ بكرٍ، ليست لهم غَمغَمةُ قُضاعة ولا طُمطُمانيَّة حِمْير".
هل الكسكسة لهجة حية حتى الآن؟ ومن القبائل التي تستخدمها؟
الكسكسة هي لهجة من لهجات اللغة العربية، وتحديداً تتبع إلى "اللهجة الخليجية" التي يتحدث بها سكان ساحل الخليج العربي.
هذه اللهجة لا تزال حية حتى يومنا هذا، وتنطق في بعض مناطق الخليج، لا سيما في منطقة نجد التي تعتبر أحد أقاليم شبه الجزيرة العربية التاريخية وأكبرها مساحة، والتي كانت موطناً تاريخياً لمملكة كندة وطسم وجديس وبني زيد وبني حنيفة وبني أسد وبني تميم وهوازن وغطفان ومملكة تنوخ وطيء وبني عامر ومحارب وباهلة وبني غنى وحضارة المقر.
كما أنّ الكثير من المناطق الوسطى والشمالية في المملكة العربية السعودية يستخدمون الكسكسة في كلامهم اليوم، وتحديداً القصيم، كما أنها مسموعة في اللهجات القصيمية والحائلية، ولهجات شمال نجد.
ومن بين القبائل العربية التي تستخدم الكسكسة أيضاً: "بنو تميم، عنزة، سبيع، بنو صخر، بني خالد، بنو زيد، عتيبة، سليلة، هوازن، والعديد من القبائل الأخرى".
وللهجة الكسكسة 3 صيغ هي:
1- إلحاق الكاف سيناً فيقال: مررت بكس، يقصد: مررت بكِ.
2- قلب الكاف سيناً فيقال: مررت بس، يقصد: مررت بكِ.
3- قلب الكاف إلى "تس مدغمة"، فيقال: مررت بتس، يقصد: مررت بكِ.
وبسبب استخدام حرفَي السين والكاف كثيراً، فقد أطلق عليها لهجة "الكسكسة".
الكسكسة ليست الوحيدة.. لهجات عربية قديمة وغريبة أخرى
الكسكسة ليست اللهجة العربية القديمة الوحيدة التي تبدو غريبة، فإنّ هناك العديد من اللهجات الغريبة الأخرى التي نستعرضها لكم من كتاب "تاريخ الأدب العربي" للأديب المصري مصطفى صادق الرافعي.
الكشكشة: على ذات مبدأ الكسكسة، يتم في الكشكشة إضافة حرف الشين إلى الكاف في آخر الفعل، وهي لهجة تكثر في العراق وبعض مناطق سوريا والأردن، فيما تعود أصولها إلى قبيلتي مضر وربيعة.
الشنشنة: من خلال استبدال حرف الكاف في آخر الكلمة إلى "ش"، سواء للمذكر أو المؤنث، وهذه ما زالت حية في اليمن وجنوب السعودية.
لبيش اللهم لبيش، المقصود "لبيك اللهم لبيك".
العنعنة: تحويل الهمزة في أول الكلمة إلى "عين"، لا تزال مستخدمة في شمال السعودية وجنوب الأردن، وبعض مناطق مصر، وأصولها تعود إلى قبيلتي تميم وقيس.
الفحفحة: تحويل الحاء عيناً، وأصلها يعود إلى قبيلة هذيل، ولا تزال مستخدمة في جنوب الجزيرة العربية.
العجعجة: تحويل الياء المشددة إلى "جيم" أو العكس، وأصل هذه اللهجة هي قبيلة قضاعة، ولا تزال مستخدمة في دولة الكويت.
التلتلة: وهي كسر حرف المضارعة في أول الفعل، وتعتبر من أكثر الظواهر الشائعة في الوطن العربي، حيث تنتشر، في مصر والشام والخليج والمغرب، وهي في الأصل لغة قبائل أسد وتميم وربيعة.