بسببها وقع أسيراً ونُفي إلى الأبد.. “حرب المئة يوم”، المعارك التي قضت نهائياً على نابليون

عربي بوست
تم النشر: 2023/06/01 الساعة 16:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/06/02 الساعة 04:54 بتوقيت غرينتش
لوحة تجسد معركة واترلو، أبرز معارك حرب المئة يوم/ Wikipedia

حرب المئة يوم هي الفترة الممتدة من عودة نابليون بونابرت إلى باريس، من منفاه في إلبا الإيطالية، إلى منفاه الثاني والدائم في جزيرة سانت هيلينا البريطانية، حيث توفي بعدها بـ6 سنوات. 

ولكن الأحداث الكثيرة التي عرفتها فرنسا، خلال حرب المئة يوم، جعلتها حرباً تاريخية؛ فقد شهدت هذه الفترة ما يُعرف بـ"حرب التحالف السابع"، ومعركة واترلو، إضافةً إلى الحرب النابولية. 

لكن قبل الدخول في تفاصيل حرب المئة يوم، لا بدّ من التطرق أولاً إلى السياق التاريخي الذي مهّد لحصولها، حتى نفهم بقية القصة. 

كيف صعد نابليون إلى السلطة؟ 

قد تُفاجأ حين تعرف أن نابليون بونابرت ليس فرنسياً، وأن أصوله تعود إلى جنوة الإيطالية. فقد وُلد في جزيرة كورسيكا بالبحر المتوسط، التي لا تُعتبر فرنسية "بالكامل". 

ارتقى بونابرت سريعاً في صفوف الجيش الفرنسي، وأثبت أنه قائدٌ موهوب وشجاع. التحق بالأكاديمية العسكرية عام 1779 عندما كان عمره 19 عاماً فقط، ثم انتقل إلى المدرسة العسكرية في باريس، وتخرج منها ملازماً أول في سلاح المدفعية.  

أولى المحطات التي أثبت فيها نابليون قيادته، عندما انتصر في معركة تولون على المتمردين المدعومين من بريطانيا، حين حاولوا القضاء على الثورة الفرنسية الناشئة.

وهكذا ترقّى بونابرت وصعد نجمه ليصبح في فترةٍ قصيرة أحد قادة فرنسا الثلاث. وبعد اتهامٍ قصيرٍ بالخيانة بعد تغيُّر الحكومة (خرج منه بريئاً) صعد في سلّم القيادة العسكرية، إلى أن سيطر على السلطة السياسية في فرنسا خلال انقلاب عام 1799، وحصل على لقب القنصل الأول وصار الشخصية السياسية الأبرز في فرنسا.

بعدها بسنوات قليلة نصّب نفسه إمبراطوراً على فرنسا في حفلٍ ضخم عام 1804؛ وتحت قيادته، دخلت فرنسا سلسلةً من المعارك الناجحة ضدّ مختلف تحالفات الدول الأوروبية، فتوسّعت الإمبراطورية الفرنسية في غالبية أنحاء أوروبا الغربية والوسطى.

أنشأ بونابرت ولاياتٍ جديدة في المناطق الأوروبية الجديدة التي سيطر عليها، فأنشأ مثلاً الاتحاد الألماني -الذي بُني على أنقاض الإمبراطورية الرومانية– ومنح أعضاء عائلته مناصب ذات نفوذ عالٍ في "الإمبراطورية الجديدة"، التي أسّسها بعد أقلّ من عقدين من إطاحة الثورة الفرنسية بالملك الفرنسي.

برز ذكاء بونابرت في سنّ صغيرة
برز ذكاء بونابرت في سنّ صغيرة

بداية السقوط إلى الهاوية

عام 1812 قاد الإمبراطور الفرنسي غزواً كارثياً لروسيا، حيث أُجبرت قواته على الانسحاب، وعانت خسائر فادحة. وفي الوقت ذاته تحالفت إسبانيا والبرتغال، بمساعدةٍ بريطانية، لإخراج قوات نابليون من شبه جزيرة أيبيريا تماماً في حرب شبه الجزيرة الأيبيرية.

وهكذا أصبح نابليون محاصراً؛ فقد ثارت عليه دول غرب أوروبا، حين كان معلّقاً في الشرق مع الجليد الروسي الكثيف، الذي قضى على أعدادٍ ضخمة من الجيش الفرنسي. فانتهت معركة "لايبزغ" في روسيا عام 1813، وهي معروفة أيضاً باسم "حرب الأمم". 

هُزِمَ جيش نابليون على يد تحالفٍ قويّ، ضمّ القوات النمساوية والبروسية والروسية والسويدية معاً. وبعدها تراجع عائداً إلى فرنسا، حيث استولت قوات التحالف على عاصمتها باريس في مارس/آذار 1814.

وفي 6 أبريل/نيسان 1814، أُجبِرَ -وهو في منتصف الأربعينيات من عمره- على التنازل عن العرش. وبموجب معاهدة "فونتينبلو"، نُفِيَ نابليون إلى جزيرة إلبا في البحر المتوسط، قبالة شواطئ إيطاليا.

وبعد أقل من عامٍ واحد فرَّ نابليون من جزيرة إلبا، وأبحر إلى البر الرئيسي في فرنسا. ووفقاً لكتاب فرانك ماكلين عن نابليون، عاد الإمبراطوري إلى باريس في 20 مارس/آذار، حيث رحّبت به الحشود المبتهجة.

هرب الملك الجديد لويس الثامن عشر، الذي نصّبته الجيوش الأوروبية الغازية، ثم انطلق نابليون فيما بات يُعرف لاحقاً بـ"حرب المئة يوم"، لاستعادة ما أُخذ منه. ولكنه في الحقيقة كان يتّجه إلى الهاوية أكثر، لاسيما أن معركة واترلو كانت في انتظاره.

لوحة تمثل انسحاب بونابرت من روسيا/ Wikipedia
لوحة تمثل انسحاب بونابرت من روسيا/ Wikipedia

حرب المئة يوم 

دخل نابليون باريس بجيشٍ قوامه 10 آلاف جندي، في 10 مارس/آذار 1815، ونصَّب نفسه إمبراطوراً خلال هذه الفترة التي صارت تُعرف بـ"حرب المئة يوم". حينها، هرب الملك لويس الثامن عشر وأصدر نابليون عفواً عن الأفراد الملكيين الذين وقفوا ضدّه.

لم يستطع التحالف الأجنبي تحمّل ضياع جهوده ونفوذه على يد نابليون بهذه السرعة. فاجتمعت 4 قوى عظمى -النمسا، وبريطانيا، وروسيا، وبروسيا- ووافقت على المساهمة بـ150 ألف جندي، لمواجهة الصحوة غير المسبوقة لنابليون بونابرت خلال حرب المئة يوم. 

بسبب اتخاذها موقف عدواني، استهدفت فرنسا بلجيكا، من خلال إثارة التمرد في بروكسل، وتقسيم الجيوش المفككة وهزيمتها. فقوبل التقدم الفرنسي في ضواحي بروكسل، بمقاومة في قرية واترلو يوم 16 يونيو/حزيران 1815. 

وقد كشفت الأيام الأولى من المعارك عن هشاشة الانتصارات الفرنسية، حين سمحت الأمطار الغزيرة لقوات التحالف بإعادة تموضعها وهزيمة نابليون في 18 يونيو/حزيران خلال معركة واترلو التي دارت رحاها خلال حرب المئة يوم. 

أسفرت تلك المواجهة عن مقتل وتشويه أكثر من 60 ألف جندي، وكانت تلك الحملة الفرنسية الفاشلة بداية النهاية لطموحات نابليون، الذي تنازل عن العرش في 22 يونيو/حزيران بعد أن طاردته قوات التحالف إلى باريس. بذلك، تكون قد انتهت حرب المئة يوم بخسارة فادحة لنابليون. 

بعد خسارته في حرب المئة يوم.. نابليون إلى المنفى

كانت تداعيات حرب المئة يوم حاسمة. في 22 يونيو/حزيران عام 1815، تنازل نابليون عن العرش مرةً أخرى. وفي 7 يوليو/تموز، سقطت باريس بأيدي التحالف، قبل أن يسلّم بونابرت نفسه في 15 يوليو/تموز على ظهر سفينة "بلروفون"، التي أبحرت به إلى بريطانيا.

في كتابه "الصراع بين البرجوازية والإقطاع"، يشير محمد شكري إلى أن بونابرت وصل إلى بريطانيا يوم 24 يوليو/تموز، ليجد أن الحكومة الإنجليزية لا تبيح له النزول إلى البر، ثم صَدَرَ قرارها بإرساله إلى المنفى في جزيرة سانت هيلينا في المحيط الأطلسي.

أذِنَت له الحكومة الإنجليزية باختيار رفاقه في المنفى، فقرر أن يصطحب معه كلاً من: القائد مونثولون، والقائد برتران، والقائد جورجو، ثم الكونت لاس كاسيس. 

نقلته إحدى سفن الحرب الإنجليزية إلى سانت هيلينا، التي وصلها يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول 1815، وقد بقي في المنفى حتى وفاته يوم 5 مايو/أيار 1821. ولم تُنقل رفاته إلى باريس إلا بعد نحو 20 سنة.

تحميل المزيد