في عام 1121، وصل المهدي ابن تومرت، مؤسس الحركة الموحدية الإصلاحية ومهديها، إلى مراكش للدعوة إلى أفكاره، حتى أنه التقى بأمير المرابطين علي بن يوسف في أثناء الصلاة بالمسجد وواجهه في طرقه، وبعد سنتين من ذلك بدأ الصراع المسلح بين الموحدين والمرابطين،من خلال مجموعة من المعارك، كان أبرزها معركة البحيرة.
كانت معركة البحيرة إحدى أعنف المعارك التي حدثت في المغرب الأقصى، والتي وقعت بين أتباع محمد بن تومرت والدولة المرابطية، وهي الدولة الحاكمة في الأندلس والمغرب، خلال هذه المواجهة المسلحة الدامية قُتل أكثر من 40 ألف شخص في يوم واحد.
معركة البحيرة.. عندما أراد الموحدون إسقاط مراكش
بعد أن اشتد عود الدعوة الموحدية، أمر المهدي بن تومرت أتباعه بالزحف نحو مراكش للقضاء على دولة المرابطين، ووضع عبد المؤمن بن علي على رأس جيشه الضخم الذي بلغ 40 ألف رجل، حسب "نظم الجمان" للمؤرخ ابن القطان.
وبالفعل نجح الموحدون في الانتصار على المرابطين في عدة معارك قوية، ووصلوا سريعاً إلى مشارف مدينة مراكش، عاصمة المرابطين في المغرب الأقصى.
حشد أمير المرابطين جيشاً ضخماً يفوق حجم جيش الموحدين بأضعاف، جمعهم من جميع جهات نفوذهم، من أجل حماية مراكش من الموحدين، وسرعان ما التقى الجيشان، الموحدون والمرابطون، على تخوم مدينة مراكش، في موقع يسمى البحيرة، وهو المكان الذي أخذت على أثره المعركة اسمها.
قبل معركة البحيرة، خاض الموحدون عدة مواجهات في الطريق ضد المرابطين الذين حاولوا عرقلة وصول أتباع بن تومرت إلى مدينة مراكش، لعلّ أبرزها موقعة تاغزوت ومكدار وأهل أغمات، لكن الخسائر الكبيرة التي كبدها المرابطين، جعلت الموحدين يتقدمون إلى مراكش ويقومون بحصارها.
معركة البحيرة.. الموقعة التي كادت تبيد الموحدين
في 11 أبريل/نيسان 1130، التقى الجيشان المرابطي والموحدي في معركة البحيرة، وذلك بعد أن قاد أمير المرابطين، علي بن يوسف بن تاشفين، جيشه الجرار من أجل صد الموحدين الذين ضاق بهم ذرعاً.
كانت قيادة جيش الموحدين بيد أهل العشرة الذين كان على رأسهم عبد المؤمن بن علي الكومي، وفي المعركة أبلى المرابطون البلاء الحسن، ونجحوا في التغلب على الموحدين والفتك بهم، وإجبار القوات الموحدية على الانسحاب إلى تينملل.
تذكر بعض المصادر أنّ جيش الموحدين أُبيد بشكلٍ كبير خلال معركة البحيرة، إذ لم ينجُ سوى 400 مقاتل من جيش ابن تومرت الكبير، ويقدّر البعض عدد القتلى في المعركة بنحو 40 ألف رجل.
في البحيرة قتل أكبر قادة الموحدين، ومن بينهم البشير الذي قام عبد المؤمن بن علي بإخفاء جثته خلال المعركة، والإدعاء لأتباعه أن قائدهم البشير قد رفع إلى السماء.
بعد الهزيمة المدوية للموحدين، كان مهدي ابن تومرت مريضاً، فزاد سماع خبر الهزيمة من وضعه الصحي، فلم يلبث أن توفى بعد 3 أشهر من تلك المعركة، وهكذا انتهت انتصارات الموحدين على المرابطين بهزيمة ساحقة بعد 7 سنوات من الانتصارات.