يُعتبر الشاي في تركيا من المشروبات الأساسية التي لا تغيب في كل الأماكن والمناسبات؛ إذ يعتبر من ثقافة الأتراك وهويتهم وتاريخهم. اكتُشف لأول مرة في جبال الهيمالايا في القرن الرابع قبل الميلاد ثم انتقل إلى الصين باعتباره عشبة مهدئة للأعصاب، ثم بدأت العشبة في الانتشار في جميع أنحاء العالم وصولاً إلى أوروبا وتركيا.
تقول الأسطورة إن الملك "شينوق" الصيني قبل نحو 5 آلاف سنة هو من اكتشف الشاي؛ إذ كان في الغابة يجمع بعض الأعشاب العلاجية، كما كان من عادته شرب الماء الساخن، إلى أن حملت الرياح ورقة من الشاي الجافة إلى الماء الساخن فانتبه إلى تغير لونه ليقوم بتذوقه فأعجب بعدها بطعمه، ومنذ ذلك اليوم أصبح المشروب الأساسي للملك ورعيته.
الشاي من الصين إلى العالم
مع مرور السنوات، خاصة خلال القرن العاشر ميلادي، أصبح الناس يستخدمون هذه العشبة كمشروب أساسي؛ إذ يقومون بتحميصالأوراق ثم يضيفونها إلى المياه الساخنة لتعطي مشروباً، أما خلال القرن الثاني عشر فبدأت السلطنة العثمانية باستخدام الشاي لكن لم يكن استخدامه بشكل كبير كما هو الحال عند الأتراك اليوم.
استمر الحال على ما هو عليه إلى حدود القرن التاسع عشر إذ أمر السلطان العثماني حينها بزراعة نوعية منه مستوردة من الصين في ولاية بورصة القريبة من اسطنبول، إلا أن عملية الزراعة لم تنجح بسبب المناخ غير المناسب في المنطقة.
بسبب ذلك عاد أغلبية الناس في السلطنة العثمانية إلى استهلاك القهوة التي كانت تعتبر المشروب الأول والأساسي حينها.
حسب موقع "sobider" التركي بعد الحرب العالمية الأولى وخسارة الدولة العثمانية قسماً كبيراً من أراضيها ارتفع سعر البن، ليصبح بعدها الشاي المشروب الأساسي والأكثر استهلاكاً في جميع المنازل، وأصبحت بعدها منطقة ريزا الواقعة في الساحل الشمالي الشرقي لتركيا في المدينة المنتجة له؛ إذ تتميز بالأراضي الخصبة والمناخ الملائم لها.
قيمة الشاي في الثقافة التركية
حسب بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، تتصدر تركيا المرتبة الثالثة عالمياً من حيث الاستهلاك بمعدل 24 ألف طن سنوياً، كما تعتبر خامس دولة عالمياً من حيث إنتاجه بمعدل 22 ألف طن في السنة.
يعتبر الشاي في تركيا جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي، إذ يعتبر رمزاً للسلام والصلح، فالأتراك والشاي قصة حب لا تنتهي؛ إذ يشتهر بين الجميع مثل يصف قوة العلاقة بين هذا الشعب والمشروب "لا تثق في أحد لا يشرب الشاي بأنه تركي".
كان هذا المشروب ولا يزال من الأصول والعادات التركية، وهو ليس مشروباً فقط بل يمثل كرم الضيافة والصداقة.
يمكن تلخيص مدى الارتباط الوثيق للأتراك بالشاي من خلال المثل التركي الذي يقول "مُحادثة دون شاي كسماء الليل دون قمر"، لاسيما أن تركيا تزرع عشرات الأصناف منه وتُصدره لأكثر من 100 دولة حول العالم كمُنتج وطني رئيسي وتختلف قيمته بالتأكيد من صنفٍ لآخر.
تركيا وأنواع الشاي المنتجة
من أبرز الأنواع الذي يتم إنتاجها في تركيا هو الشاي الأسود المُتخمّر وهو الأكثر استخداماً في الأماكن العامة ويستهلكه غالبية الأتراك ويتفننون في طريقة إعداده باستخدام إبريقين فوق بعضهما البعض.
بعد ملء الإبريق الصغير بالماء يُضاف إليه كيس من الشاي ويوضع فوق الإبريق الكبير الذي يحوي الماء وبهذا الشكل يتركان على الموقد بعد تشغيله لتسخين الماء في الإبريق الكبير وعبر البخار الصادر من الإبريق السفلي يتم تخمير الشاي الموجود في الإبريق العلوي.
وبالنسبة لصناعة الشاي الأخضر غير المُتخمر فتجرى له مُعالجة عالية حيث تُعلق أوراقه أولاً على "خطاطيف" وتُجفف بالهواء الساخن ثم تدخل عن طريق الضغط على الأوراق في مكانٍ رطب وبارد وبعد ذلك تسودّ الأوراق وُتلتقط من جذورها.
أما الأبيض فقد بدأت تركيا بإنتاجه مؤخراً بالإضافة لأنواع أخرى تُنتج من الأعشاب ومن أوراق شجر الزيتون وثالثة مُختلطة بنكهات الفواكه.