ابتداء بإله الشمس، مروراً بإله العالم السفلي وانتهاء بإله الفوضى والظلام، أبدع المصريون القدماء في تخيل الآلهة المصرية وتصويرها على جدران المعابد ونسج قصص خيالية عن صراعاتها فيما بينها.. فيما يلي سنروي لكم 7 من هذه الأساطير عن الآلهة التي حكمت مصر القديمة والعالم السفلي:
الآلهة المصرية.. أوزوريس، إله العالم السفلي
كان أوزيريس إله البعث والحساب ورئيس محكمة الموتى وبالتالي فهو إله العالم السفلي عند قدماء المصريين. كذلك كان أوزوريس رمزاً للموت ودورة فيضانات النيل التي اعتمدت عليها مصر في الزراعة.
أما والد أوزوريس فهو "جب" إله الأرض وأمه نوت إلهة السماء، وله ثلاثة إخوة وأخوات هم: إيزيس ونيفتيس وست.
نشأت علاقة حب بين أوزوريس وإيزيس وتزوجا، حيث كان زواج الإخوة شائعاً ليس فقط في الميثولوجيا المصرية إنما في العائلات الحاكمة في مصر القديمة أيضاً.
لكن تقول الأسطورة إن سيث، وهو الأخ الشرير لأوزوريس كان يمقته كثيراً فقتله وقطع أوصاله ثم رمى كل أشلائه في أنحاء متفرقة من وادي النيل.
حزنت إيزيس على زوجها حزناً شديداً وراحت تبحث عن أشلائه وتجمعها، ومن الجدير بالذكر أن المصريين القدماء بنوا معابد في كل مكان قيل إنه ضم قطعة من جسد أوزوريس.
وفي نهاية المطاف بعد أن انتهت إيزيس من تجميع أشلاء زوجها، قامت بإعادة إحيائه من جديد، وهكذا أنجب الاثنان ابنهما الإله حورس الذي أخذ بثأر أبيه من عمه الشرير.
إيزيس.. مصدر إلهام للديانات الأخرى
تجسد إيزيس الفضائل المصرية التقليدية للزوجة والأم، فهي الزوجة المخلصة التي بحثت عن أشلاء زوجها أوزوريس وأعادت إحياءه، وهي الأم التي كرست حياتها لتربية ابنها الإله حورس.
وبصفتها زوجة إله العالم السفلي، كانت إيزيس أيضاً واحدة من الآلهة الرئيسية المعنية بطقوس الموتى، ويعتقد أنها كانت ترشدهم إلى العالم الآخر، وغالباً ما كانت تعتبر إيزيس الأم الإلهية للفرعون.
ومن الجدير بالذكر أن إيزيس بقيت معبودة في مصر القديمة فترة طويلة للغاية حتى إنها كانت واحدة من أواخر الآلهة القديمة التي توقّف المصريون عن عبادتها.
ويذكر أيضاً أنها كانت معبودة في العصر اليوناني والروماني، وانتشرت طقوس شبيهة بطقوس عبادة إيزيس في أقصى الغرب حتى بريطانيا العظمى وشرقاً حتى أفغانستان. ويُعتقد أن صورة إيزيس مع الرضيع حورس كانت مصدر إلهام للمسيحيين في نسج صورة مريم مع طفلها يسوع، وفقاً لما ورد في موقع britannica.
حورس.. إله السماء
يصور الإله حورس عادةً على هيئة صقر أو رجل برأس صقر. كان حورس إله السماء، وارتبط اسمه بشكل أساسي بالحرب والصيد. كان أيضاً تجسيداً للملكية الإلهية، وفي بعض العصور كان الملك الحاكم يُعتبر تجسيداً لحورس.
وكلما تولى ملك جديدٌ العرش يرسل حورس أبناءه الأربعة في أربعة اتجاهات مختلفة في الأرض؛ للتبشير بولاية الملك.
وتقول الأسطورة إن حورس ابن إيزيس وأوزوريس، وُلد بطريقة سحرية بعد مقتل أوزوريس على يد أخيه سيث. وتربى حورس على الانتقام لمقتل والده، وتبوأ عرش مصر ليصبح إله الدنيا، في حين أن والده هو إله الآخرة.
ووفقاً للأسطورة، فقد حورس عينه اليسرى في القتال مع سيث، لكن عينه شُفيت بطريقة سحرية من قبل الإله تحوت.
ست.. إله الفوضى
أما ست الشرير، فقد كان إله الفوضى والعنف والصحاري والعواصف.
وكما سبق أن ذكرنا فهو قاتل أوزوريس، وغالباً ما يتم تصويره كحيوان أو كإنسان برأس حيوان. لكن لم يتمكن علماء المصريات من تحديد نوع هذا الحيوان الذي يمثله ست.
وعادةً ما يكون لدى ست أنف طويل وأذنان طويلتان مربعتان عند الأطراف في شكله الإنساني. وفي شكله الحيواني لديه جسم يشبه الكلب وذيل مستقيم مع خصلة في النهاية. يعتقد العديد من العلماء الآن أنه لا يوجد مثل هذا الحيوان على الإطلاق، وأن الحيوان الذي يمثله ست ما هو إلا نوع من المخلوقات الأسطورية.
وتعتبر قصة صراع ست مع ابن أخيه حورس من أبرز القصص في الميثولوجيا المصرية، إذ لم يكن فقط صراعاً بهدف الانتقام لموت أوزوريس، بل كان كذلك صراعاً على عرش مصر، خسر فيه ست كما سبق أن ذكرنا.
رع.. الإله المسؤول عن إشراقة الشمس كل صباح
رع هو إله الشمس لدى المصريين القدماء، وكان يُرمز إليه بقرص الشمس وقت الظهيرة.
وعادةً ما يتم تصوير الإله رع بجسم بشري ورأس صقر. وكان يُعتقد أنه يبحر عبر السماء في قارب كل يوم، ثم يمر عبر العالم السفلي كل ليلة، حيث يتعين عليه هزيمة إله الثعبان أبوفيس؛ من أجل النهوض مرة أخرى.
ووفقاً للأسطورة فإن أبوفيس يهاجم قارب الشمس (الذي يقوده الإله رع) كل صباح، محاولاً منع شمس رع من الإشراق لكن رع يغلبه في كل مرة فيطلع ضوء الصباح على مصر القديمة.
وعلى الرغم من هزيمته في الصباح، لا ييأس أبوفيس من القتال مجدداً، فيعود "لينوم" إله الشمس وجميع أتباعه مساء، فتكون له اليد العليا على الكون ويحل الظلام الدامس، ووفقاً لبعض الأساطير يبتلع أبوفيس إله الشمس رع في أحشائه فيخيم الظلام، لكن أتباع رع يقومون بثقب أحشاء الثعبان الضخم ليخرج رع سالماً ويعود النور ليسطع من جديد.
وهكذا فإن صراع رع وأبوفيس يومي لا ينتهي.
من الجدير بالذكر أن عبادة رع تركزت في مصر الجديدة، وهي الآن إحدى ضواحي القاهرة. وبمرور الوقت، تم دمج عبادة رع مع آلهة الشمس الأخرى، خاصة آمون.
أبوفيس.. إله الشر الذي يسكن العالم السفلي
كان هذا الإله مكروهاً من المصريين القدماء؛ فهو إله الشر والظلام، لكن في الوقت نفسه هابه الملوك والعامة، لدرجة أنهم قدموا له القرابين؛ اتقاءً لغضبه. ويتم تصوير أبوفيس على هيئة ثعبان ضخم، وكان يُعتقد أنه يسكن العالم السفلي
وجود شخصية مثل أبوفيس في الميثولوجيا ليس مهماً فقط لتبرير الظواهر الشريرة التي تحدث في العالم، إنما هو مُهم لبروز دور الشخصيات التي تمثل القوة والخير، فلولا أبوفيس وأمثاله لما وجدت آلهة الخير من تتصارع معه.
ومن هذا المنطلق، لُقِّب أبوفيس بـ"عدو رع" وهو إله الشمس الشهير لدى المصريين القدماء، كذلك كان أبوفيس عدواً لدوداً لـ"ماعت"، إله الحق والعدل.
وعلى الرغم من أن آلهة الخير جميعها تتصدى لأبوفيس، فإنه قد يغلبهم جميعاً في بعض الحالات ويصبح من الصعوبة بمكانٍ درء غضبه.
وكان المصريون القدماء يعتقدون أنَّ غضب أبوفيس يتمثل بكوارث طبيعية، من ضمنها العواصف والزلازل والفيضانات التي كان يُعتقد أن أبوفيس يرسلها من العالم السفلي.
تحوت، إله الحكمة الذي يزن قلوب الموتى
تحوت هو إله الحكمة والكتابة عند المصريين القدماء، ويتم تصويره على شكل قرد البابون أو أبو منجل المقدس أو على هيئة رجل برأس أبو منجل.
كان يُعتقد أن تحوت هو من اخترع اللغة والكتابة الهيروغليفية ويعمل كاتباً ومستشاراً للآلهة. بصفته إله الحكمة، قيل إن تحوت يمتلك معرفة بالسحر والأسرار غير المكشوفة للآلهة الأخرى.
في مشاهد العالم السفلي التي تُظهر الحكم الذي يصدر على الأشخاص بعد وفاتهم، تم تصوير تحوت وهو يزن قلب الشخص الميت ليصدر الحكم النهائي في حقه، فإذا كان القلب أخف من الريشة فهذا دليل على أن الميت شخص صالح يستحق العبور إلى الجنة. أما إذا كان قلبه أثقل من الريشة فهذا يعني أنه إنسان مُثقل بالذنوب والخطايا ولا يستحق الخلود في النعيم.