تعتبر الأعاصير من أكبر وأقوى الكوارث الطبيعيّة التي تضرب الأرض، إذ بإمكانها قتل آلاف الأشخاص أو محو مدن بأكملها، بل حتى قد يصل الأمر إلى أسوأ من ذلك مثلما حصل في إعصار "بولا" الذي تسبب باندلاع حرب شرسة انتهت بتأسيس دولة جديدة في العالم.
أقوى الأعاصير التي ضربت العالم في العصر الحديث
لذلك سنتوقف لحظة للتعرف على أسوأ وأقوى الأعاصير التي ضربت العالم في العصر الحديث من بينها أعاصير كان لها تأثيرات كبيرة في العالم، وفقاً لما ذكره موقع History Collection الأمريكي.
1- إعصار كاترينا 2005
عدد القتلى: 1836 شخصاً
يُعتبر إعصار كاترينا الذي ضرب الولايات المتحدة الأمريكية هو الأفدح في التاريخ، إذ تسبب بخسائر وأضرار زادت قيمتها عن 100 مليار دولار.
كاترينا هو إعصار مداري من الدرجة الخامسة ضرب جنوب شرق الولايات المتحدة، وتحديداً ولاية لويزيانا، وكان عبارة عن منخفض استوائي تشكّل فوق جزر البهاما في 23 أغسطس/آب 2005، واستمر قرابة 8 أيام.
بدأ الإعصار بضرب ولاية فلوريدا كإعصار ضعيف من الفئة الأولى، ثم في خليج المكسيك، اكتسبت العاصفة قوتها واتجهت شمالاً.
ولفترة قصيرة، اشتد الإعصار إلى الفئة الخامسة وحثت الحكومة في لويزيانا المواطنين على الفرار أو اللجوء إلى ملاذ آخر.
ضعفت العاصفة إلى الفئة 3 بحلول الوقت، حيث أحدثت تأثيراً في لويزيانا، لكن أمطارها الغزيرة تسببت في دمار واسع النطاق على الإطلاق.
أسوأ ما كان في إعصار كاترينا هو أنه كان من الصعب التعرف على مساره، مما يعني أنه لم يتح الوقت للكثيرين للإخلاء.
2- إعصار جالفستون العظيم 1900
عدد القتلى: 12 ألف شخص
عندما ترى اسماً مثل "جالفستون العظيم"، ستدرك على الفور أنه إعصار عنيف تسبب بدمار واسع خلفه، وهو ما حدث بالفعل.
يعد جالفستون العظيم أحد أكثر الأعاصير دموية في تاريخ الولايات المتحدة، وأسفر عن مقتل ما بين 8000-12000 ألف شخص، وعندما وصل الإعصار إلى ولاية تكساس أصبح إعصاراً من الدرجة الخامسة.
ضرب الإعصار بشكل أساسي منطقة البحر الكاريبي وفلوريدا وأخيراً تكساس، أسوأ الأضرار وقعت في جزيرة جالفستون، قبالة البر الرئيسي لولاية تكساس.
في ذلك الوقت، كانت جالفستون واحدة من أكبر الموانئ وأكثرها ازدحاماً في الولايات المتحدة، ومركزاً رئيسياً للتجارة.
فشل معظم مواطني الجزيرة في الإخلاء، بعد أن سمعوا تقارير متضاربة عن الطقس واعتقدوا أنهم بأمان.
في ذلك الوقت، كانت مدينة جالفستون على ارتفاع 2.7 متر فقط فوق مستوى سطح البحر، بينما جلب الإعصار معه عاصفة ارتفاعها 4.5 متر.
اجتاح الإعصار جزءاً كبير من الجزيرة بسرعة قياسيّة، ودُمر ما لا يقل عن 3700 منزل بسرعة، فيما قُتل الآلاف، ولقي الكثيرون حتفهم خلال عملية الإنزال الأولى.
علاوة على ذلك، تم تدمير الجسور وخطوط السكك الحديدية المؤدية إلى الجزيرة أو تضررت بشدة، مما أعاق جهود الإنقاذ والمساعدات.
كما انقطعت خطوط التلغراف أيضاً، وفقط بعد العثور على قارب يعمل، تمكنت المدينة من إرسال رسائل إلى البر الرئيسي لطلب المساعدة.
في الأيام التي أعقبت الإعصار، لقي آلاف الأشخاص حتفهم بسبب نقص العلاج والإمدادات الحيوية.
في المجموع، تشير التقديرات إلى مقتل ما يصل إلى 12000 شخص.
إلى جانب الأضرار التي لحقت بالأرواح ومئات الملايين من الدولارات، قضى الإعصار بشكل أساسي على "العصر الذهبي" للجزيرة التي كانت مرفأ أساسياً في البلاد ووجهة ساخنة للمستثمرين والشركات التي نقلت أعمالها إلى هيوستن القريبة.
وفي محاولة لحماية المدينة من مأساة مستقبلية، تم رفع المدينة بأكملها بالفعل بمقدار 5 أمتار كما تم بناء جدار بحري ضخم.
3- إعصار بولا 1970
عدد القتلى: 500 ألف شخص
إعصار بولا 1970 هو إعصار استوائي مدمر ضرب باكستان الشرقية "بنغلاديش الآن" وبنغال الغربية الهندية في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 1970.
كما يعد أعنف الأعاصير الاستوائية التي سجلت على الإطلاق وإحدى الكوارث الطبيعية المميتة في الوقت الحاضر.
في حين أودى الإعصار بحياة نحو 500 ألف شخص، نتيجة غمر المياه الكثير من الجزر المنخفضة في دلتا نهر الغانج، وهو ما يعادل 50% من نسبة سكان منطقة تازوم الدين في بنغلاديش.
أما الوجه الآخر للإعصار فكان تسببه بحرب بين باكستان والهند وظهور دولة جديدة هي "بنغلادش".
في ذلك الوقت، كانت بنغلادش الحديثة جزءاً من باكستان، كما تم فصل ما يسمى باكستان الشرقية عن غرب باكستان بحوالي 1200 ميل من الأراضي الهندية.
في غضون ذلك، كانت العلاقات بين الهند وباكستان ضعيفة منذ الاستقلال في عام 1947.
وفي الوقت نفسه، تركزت معظم موارد باكستان ومقر الحكومة في غرب باكستان، لذلك شعر الكثيرون في شرق باكستان أن منطقتهم تعامل على أنها من الدرجة الثانية.
عندما ضرب إعصار بولا شرق باكستان، كانت المنطقة معزولة عملياً عن المساعدات والموارد، فيما حاولت الحكومة الباكستانية التدخل لتخفيف أضرار الكارثة، لكن الرد كان بطيئاً.
تُرك العديد من الأشخاص دون مساعدة ورعاية طبية وإمدادات وموارد حيوية أخرى، في غضون ذلك، تم تقييد المساعدات الدولية وتوزيعها بشكل سيئ.
أدى الاستياء الناجم عن استجابة الحكومة إلى تفاقم التوترات المتزايدة بين شرق باكستان وغربها.
في مارس/آذار 1971 اندلعت حرب تحرير "بنغلادش" بين شرق باكستان (بنغلادش الآن) وغرب باكستان، لتقرر الأخيرة شن ضربات استباقية على الهند التي تؤيد فصل الشرق وإنشاء دولة حديثة فيه، وذلك من خلال مهاجمة 11 قاعدة جوية.
هذا الهجوم دفع الهند إلى الحرب التي شنت هجمات مضادة هائلة سرَّعت من استقلال بنغلادش في العام 1971.
وهكذا لم يكن إعصار بولا مسؤولاً عن قتل مئات الآلاف من الناس، بل كان مسؤولاً جزئياً أيضاً عن إشعال الحرب وإنشاء دولة جديدة في العالم.
4- إعصار نينا 1975
عدد القتلى: 229 ألف شخص
تسبب إعصار نينا الذي ضرب الصين وتايوان في العام 1975 بأضرار تجاوزت قيمتها المليار دولار، كما أودى بحياة ما لا يقل عن 229 ألف شخص، قضى معظمهم بسبب انهداد أحد السدود بسبب الإعصار.
ومن المثير للاهتمام أن إعصار نينا قد ضعف إلى عاصفة استوائية بحلول الوقت الذي وصل فيه إلى البر الرئيسي للصين، فكان الضرر عند نقطة التأثير الأولية ضئيلاً، لكن العاصفة اصطدمت بجبهة باردة واستمرت في مكانها لمدة يومين.
نتيجة لذلك، غمرت العاصفة الكثير من شرق الصين بأمطار غزيرة، مما عرض سد بانكياو إلى الانهيار.
وسرعان ما غمر انهياره المدن والقرى، وتسبب التدفق الهائل للمياه في انهيار أكثر من 60 سداً أصغر أسفل النهر، ففقد أكثر من 11 مليون شخص منازلهم.
أعيد بناء سد بانكياو بميزات أمان إضافية، ومن المحتمل أن يصمد أمام عاصفة مماثلة في حالة حدوثها.
ومع ذلك، بالنسبة لمئات الآلاف من الأشخاص الذين فقدوا أرواحهم، والملايين الذين فقدوا منازلهم، جاءت هذه التعزيزات بعد فوات الأوان.
5- إعصار تيفون 1979
عدد القتلى: 100 شخص
يعتبر تيفون من أقوى الأعاصير المداريّة التي ضربت اليابان، وحدث ذلك في عام 1979، وكان على هيئة دائرة يبلغ قطرها ما يقارب 1380 ميلاً، ولوضع ذلك في المنظور الصحيح، كانت العاصفة قد امتدت من مدينة نيويورك إلى هيوستن، لتبتلع كل شيء بينهما، فيما بلغت سرعة الرياح فيه ما يقارب 305 كم في الساعة.
ونتج عنه مقتل قرابة 100 شخص، بالإضافة إلى أنه ألحق خسائر كبيرة وعظيمة بالقطاعات الصناعيّة، والزراعيّة، وصيد الأسماك.
ضعف الإعصار أثناء سيره عبر المحيط الهادئ واقترب من اليابان، ليتسبب في فيضانات هائلة وأدى بشكل غير مباشر إلى اندلاع حريق تسبب في مقتل 13 من مشاة البحرية الأمريكية في كامب فوجي.
بينما قتل العديد من الأشخاص الآخرين أثناء وجودهم في البحر وقتل ما مجموعه 100 شخص.
6- إعصار ساندي 2012
عدد القتلى: 253 شخصاً
كان إعصار ساندي بعيداً عن أقوى إعصار يضرب الشواطئ الأمريكية، ومع ذلك، فإن الأضرار والخسائر غالباً ما تعتمد بدرجة أقل على قوة الإعصار وأكثر على مكان حصوله ومدى استعداد الناس.
ما يجعل إعصار ساندي فريداً للغاية بسبب أنه ضرب مدينتي نيويورك ونيوجيرسي، وهي منطقة تقع شمالاً تماماً حيث تهبط الأعاصير عادةً إلى اليابسة.
كانت هذه المنطقة غير مستعدة بشكل مؤسف لعاصفة من حجم ساندي، فغمرت المياه المناطق المنخفضة وأنفاق المترو.
كما تضررت مناطق أخرى بشدة، بما في ذلك جبال وسط المحيط الأطلسي وجبال الأبلاش.
في المجموع، تأثرت 24 ولاية مختلفة بالعاصفة. في النهاية، تسببت الخسائر بنحو 75 مليار دولار، بشكل أساسي في الولايات المتحدة.
7- إعصار أندرو 1992
عدد القتلى: 65 شخصاً
واحد من أكثر الأعاصير شهرة هو إعصار أندرو، الذي تسبب بأضرار أكثر من 26 مليار دولار في العام 1992.
أندرو هو واحد من عدد قليل من الأعاصير التي وصلت إلى اليابسة كإعصار من الفئة الخامسة، وقد تسبب بتسوية مجمعات سكنية بأكملها في جنوب فلوريدا بفعل الرياح التي وصلت إلى 165 ميلاً في الساعة. في جميع أنحاء فلوريدا، تم تدمير أكثر من 60.000 منزل بالكامل وتشريد ما يقرب من 175000 شخص.
ومع ذلك، لم يؤثر أندرو على فلوريدا فقط، إذ شق طريقه إلى خليج المكسيك، مما تسبب في أضرار بمئات الملايين من الدولارات في آبار النفط.
على الرغم من ضعفها إلى حد كبير عند هذه النقطة، فقد ضرب الإعصار لويزيانا أيضاً؛ مما تسبب بفيضانات وخسائر تجاوزت المليار دولار.