بعد 23 عاماً من وقوع زلزال تركيا الكبير المعروف باسم "زلزال إزميت"، رصدت عدسات المصورين الغواصين جانباً من "المدينة الغارقة" مقابل سواحل مدينة غولجوك بولاية قوجه إيلي شمال غربي تركيا التي غرقت بعد وقوع زلزال بقوة 7.6 على مقياس ريختر في يوم 17 أغسطس/آب 1999.
فما قصّة المدينة الغارقة، وكيف حدث زلزال تركيا المدمر؟
زلزال تركيا إزميت 1999
عادةً ما يكون شهر أغسطس/آب في تركيا حاراً جداً؛ مما يدفع العديد من سكان المُدن إلى التجول ليلاً في الحدائق والشوارع.
في ليلة الـ17 أغسطس/آب 1999، سار بعض الناس بمدينة غولجوك على طول الواجهة البحرية على خليج إزميت، أقصى الذراع الشرقية لبحر مرمرة.
وخلال سيرهم هناك شاهدوا العديد من الأسماك التي تقفز من الماء على نحو مخيف، كما رأوا مشاهد غريبة لسرطانات البحر والقناديل الميتة على طول الشاطئ.
من بين هؤلاء الناس كان عصمت كويون و6 أعضاء آخرين من فريق كرة قدم محلي جالسين على المقاعد العامة في حديقة واقعة مقابل سواحل مدينة غولجوك.
ويتذكر عصمت عن ذلك اليوم أنه وقف وقال لأصدقائه إن عليهم العودة للمنزل، فالوقت كان متأخراً، قبل أن يدوي انفجار قوي فوق الخليج عند الساعة الـ03:01 صباحاً.
وأضاف وفقاً لما ذكرته صحيفة National Geographic الأمريكية: "بدأت الأرض بالاهتزاز، تحولت السماء إلى اللون الأحمر، وظهر النور من البحر، واندفعت نحونا موجة بارتفاع سفينة".
وتابع: "حاولت الركض مثل رجل مخمور، لأن الأرض كانت تهتز حولي، بينما قام 3 من أصدقائي بتسلق الأشجار القريبة منا".
وأضاف: "هبَّت عاصفة من الغبار من المباني المنهارة فوق المدينة واجتاحتنا نحو الشاطئ، وعندما هدأ الغبار، وجدت نفسي في الماء بعمق ركبتي".
كما أكّد أنه رأى جزءاً كبيراً من الواجهة البحرية والحديقة قد انحدرت في الماء، كما انهارت الطوابق السفلية لمبنيين من 7 طوابق وسقطت بالماء؛ مما أسفر عن مقتل 50 رجلاً كانوا في مقهى بالطابق الأرضي.
المدينة الغارقة في تركيا
وفقاً لما ذكرته وكالة أنباء الأناضول، فإنّ الزلزال الذي يوصف بأنه "كارثة القرن"، وقع عند الساعة الـ03:01:40 صباحاً، واستمر 37 ثانية، وأدى إلى سحب المناطق الساحلية في مدينة غولجوك باتجاه عرض البحر، لتتشكل مدينة بحد ذاتها في قاعه.
وتضم "المدينة الغارقة" فندقاً، ومرسى سفن، ومقهى، ومنازل، كلها تجمعت في قاع البحر بفعل الزلزال.
وفي الذكرى الـ23 لوقوع الزلزال المدمر، قام التركي تحسين جيلان، المصور ومنتج الأفلام الوثائقية، برفقة غواص احترافي، بالغوص في "المدينة الغارقة" وتصوير أجزاء من ميدان "تشنارليق" الذي كان من أشد المناطق تضرراً خلال الزلزال الذي وقع قبل 23 عاماً.
كما تمكنا أيضاً من تصوير الفنادق والمنازل والمقاهي المدمرة، التي باتت اليوم موطناً للأحياء المائية.
كيف حدث زلزال إزميت المدمر؟ وما هي الأضرار؟
حدث زلزال إزميت على طول الجهة الغربية لفالق شمال الأناضول، إذ كانت صفيحة الأناضول التي تقوم دولة تركيا عليها، تقوم بالدفع باتجاه الغرب (اليونان) بنحو 2 إلى 2.5 سم سنوياً.
وبسبب الدفع، قامت بتحريك الصفيحة الأوراسية في الشمال والصفيحة العربية إلى الجنوب، مما أدى إلى تشقق بطول 150 كيلومتراً بداية من مدينة دوزجة إلى بحر مرمرة وخليج إزميت، فيما وصل ارتداد الزلزال إلى العديد من الولايات، من بينها كوجالي ويالوفا وبورصا وصقاريا حتى مدينة إسطنبول التي تبعد نحو 80 كيلومتراً عن مركزه.
أما الأضرار فقد كانت في عدّة مناطق، الأكثر تضرراً كانت مدينتي إزميت وغولجوك، فيما اقتصرت الأضرار في مدينة إسطنبول على المنطقة الساحلية في افجيلار التي تدمرت بشكل شبه كامل؛ لكونها مبنية على صخور رسوبية ضعيفة.
وفق تقدير رسمي حكومي نُشر بتاريخ 19 أكتوبر/تشرين الأول 1999، فإن عدد القتلى بلغ 17 ألفاً و127 شخصاً، أما الجرحى فكانوا 43 ألفاً و953، فيما تشير مصادر غير رسمية إلى أن أعداد القتلى وصلت إلى نحو 45 ألف شخص.
إضافة إلى تضرر 365 ألف مبنى، انهار أكثر من 112 ألف منها، وفقاً لما ذكرته صحيفة Daily Sabah التركيّة، بينما تشرد أكثر من 250 ألف شخص، بتكلفة أضرار مباشرة بلغت نحو 6.5 مليار دولار أمريكي، بينما التكاليف الثانوية تجاوزت الـ20 مليار دولار.