تُعد الحكومة الصينية واحدةً من أكثر الحكومات تشدداً في مراقبة مواطنيها، والحرص على تطبيقهم القوانين التي تنظم الحياة اليومية، والتي قد تدخل في أدق التفاصيل.
من شراء المنزل والملكية الخاصة للعقارات، وصولاً لما هو مسموح ومحظور من المواقع الإلكترونية، وحتى القوانين التي تحدد ما يُسمح لك بمشاهدته وفعله على الإنترنت، بالإضافة الى حظر كل ما تعتبره الحكومة الصينية تهديداً "للثقافة الصينية"، وكثير من تلك القوانين والقرارات الحكومية قد تبدو غريبة.
1- مكان إقامتك يُحدده مكان ولادتك
تستخدم الصين نظام هوكو، وهو سجلّ حكومي لكل مواطن في البلاد، بدأ تطبيق النظام عام 1958، باعتباره وسيلة لتسجيل السكان، وجزءاً من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في السنوات الأولى من النظام الشيوعي.
يقيّد النظام التنقل بين المناطق الصينية؛ ما يعني أنك مُلزَم بالعيش في المقاطعة التي وُلدت فيها، وإذا قررت السفر والانتقال للعيش في مكان آخر، فأنت مُلزَم بتقديم طلب للحكومة للحصول على تصريح إقامة مؤقتة.
كان تشريع القانون، بحسب تبرير الحكومة حينها، يهدف للسيطرة على الهجرة الداخلية ومنع سكان الريف من الهجرة إلى المدن والتسبب في "نقص الغذاء"، وكانت هناك الكثير من الدعوات بالتزامن مع ظهور العديد من الإصلاحات في السنوات الأخيرة لإيقافه والسماح للمواطنين الصينيين بمزيد من التحكم في حياتهم.
2- الموظفون يدخنون أكثر لمساعدة الاقتصاد المحلي
الصين هي أكبر منتج للسجائر في العالم، ومع سوق متنامٍ يبلغ حوالي 320 مليوناً سنوياً، مما يجعلها نقطة جذب وساحة منافسة للشركات المصنّعة للسجائر المحلية والعالمية.
فكانت بعض الحكومات المحلية للمقاطعات الصينية تحاول تحقيق أكبر رقم من مبيعات السجائر للشركات المنتجة في مقاطعتهم، فأصدر المسؤولون في مقاطعة قونغان في مقاطعة هوبي الريفية لائحة توصيات للموظفين، تأمرهم بتدخين ما لا يقل عن 23 ألف علبة سجائر سنوياً للموظفين جميعاً، بقيمة حوالي 586 ألف دولار أمريكي، لدعم الاقتصاد المحلي.
وبحسب وكالة رويترز، نقلاً عن وثيقة حكومية صدرت عام 2009، فإن أولئك الذين فشلوا في تحقيق "أهداف التدخين: أو تم القبض عليهم وهم يدخنون علامات تجارية من مقاطعات أخرى، سيتم تغريمهم".
لكن الحكومة المحلية تراجعت عن قرارها بعد ضجة في الصحافة المحلية انتقدت السياسة باعتبارها مضرة بالصحة، ومضيعة للمال العام.
3- على الأبناء زيارة والديهم أو مواجهة عقوبة السجن والغرامة المالية
مثل العديد من الثقافات الآسيوية، تركز الثقافة الصينية بشكل كبير على احترام كبار السن، لكن الحكومة الصينة أخذت الموضوع خطوة أكثر نحو تطبيق الموضوع عملياً، وأصدرت في عام 2013 قانوناً جديداً لحقوق المسنين.
وينص القانون على أنه يتعين على الأبناء زيارة والديهم، أو من المحتمل أن يواجهوا غرامات أو السجن، وينص القانون على أن البالغين يجب أن يهتموا بـ"الاحتياجات الروحية" لوالديهم و"عدم إهمال كبار السن".
وكانت من بين الاعتراضات على القانون، كيفية تطبيق القانون؛ لأنه فشل في تحديد عدد مرات زيارة الوالدين، ولا المدة الزمنية بين تلك الزيارات التي تعفيك من المساءلة القانونية.
وتعد مسألة التعامل مع الآباء المسنين مشكلة متفاقمة في الصين، وفقاً لإحصاءات الحكومة الصينية عام 2010، كان هناك أكثر من 178 مليون شخص في الصين يبلغون من العمر 60 عاماً، ومن المتوقع أن يتضاعف الرقم بحلول عام 2030، وتمتلئ وسائل الإعلام الصينية بقصص كبار السن المهملين.
4- لا يمكنك شراء زهور الياسمين أو تداول صورها أو الكتابة عنها على الإنترنت
بعد نجاح "ثورة الياسمين" في تونس عام 2011 وإسقاط نظام "زين العابدين بن علي"، بدأت تظهر دعوات مجهولة لـ"ثورة الياسمين" الصينية على الإنترنت، فكان رد الحكومة الصينية حظر الأحرف الصينية الخاصة بالياسمين بشكل متقطع في الرسائل النصية.
حتى مقاطع الفيديو القديمة التي يظهر فيها الرئيس الصيني السابق "هو جينتاو"، يغني أغنية عن الياسمين، حُذفت من الإنترنت، ومن بعدها صدر قرار إلغاء مهرجان الصين الدولي للياسمين الثقافي، وأصدرت الشرطة حظراً مفتوحاً على بيع الياسمين، في عدد من أسواق البيع بالتجزئة والجملة للزهور في جميع أنحاء العاصمة بكين.
5- قتل أحد المشاة بسيارتك أرخص من نجاته!
تنص قوانين تعويض الضحايا على أنك إذا دهست أحد المشاة بسيارتك وتسببت بوفاته، فيمكن أن تدفع تعويضاً لمرة واحدة لعائلة الضحية تتراوح بين 30 إلى 50 ألف دولار، ويمكن بعدها الترافع للحصول على حكم مخفف تحت أي عذر.
ولكن، إذا دهست أحد المشاة ونجا من الحادث ولم تكن إصابته مميتة، ولكن تسببت له بإعاقة، بموجب القانون الصيني، أنت مطالب برعايته وتكفل مصاريفه طوال حياته، هذا يعني أن مسؤوليتك قد تصل إلى مبالغ ضخمة على مدار سنوات طويلة.
في ضوء هذه القوانين، أصبح من المتكرر في الصين أحياناً أن السائقين الذين يدهسون المشاة سيحاولون قتلهم بالعودة مرة أُخرى ودهسهم مراراً للتأكد من موتهم، ثم يطالبون بحكم مخفف، تحت أي ذريعة مثل عدم الانتباه أو غيرها.
6- أنت تمتلك منزلك ولكنك لا تمتلك الأرض التي بُني عليها
في حين أن المواطن الصيني قد يمتلك منزله، إلا أنه لا يمتلك الأرض التي بُني عليها، وفقاً للدستور الصيني، فإن جميع الأراضي مملوكة للدولة، ولكن يمكن للأفراد الحصول على حقوق استخدام الأراضي لعدد من السنوات.
تمنح الدولة حقوق استخدام الأراضي للمواطنين مقابل رسوم، ولعدد معين من السنوات، مثلاً يجوز استخدام الأرض للأغراض السكنية لمدة تصل إلى 70 عاماً، و50 عاماً للأغراض الصناعية، أو لأغراض التعليم والعلوم والثقافة والصحة العامة والتربية البدنية، ولمدة 40 عاماً لأغراض تجارية وسياحية وترفيهية.
ولحسن الحظ، تلك المدة الزمنية لجميع رخص استخدام الأرض قابلة للتجديد بعد انتهاء المدة.
ولكن هناك شرط، إذا حصلت على رخصة استخدام الأرض من الحكومة، فيجب عليك بناء مبنى على تلك الأرض في غضون عامين، أو تخسر الأرض.
وهو الأمر الذي يفسر انتشار "مدن الأشباح" ومراكز تسوق فارغة، فإذا كنت تعتقد أن الأرض ستكون ذات قيمة في يوم من الأيام، فمن مصلحتك بناء أي مبنى حتى لو كان فارغاً فوقها؛ لأنه من المسموح لك بيع رخصة استخدام الأرض لشخص آخر.
ولهذا السبب تجد الكثير من المدن والأبراج السكنية الجديدة الفارغة في الصين؛ لأن من يحصل على رخصة استخدام الأرض مضطر لبناء المباني عليها حتى لا يفقد حق استخدام الأرض، وعلى أمل أن يبيعها في المستقبل.
7- السيارات لا تتوقف عند خطوط عبور المشاة، وهناك غرامة على السائق إذا توقف
في العادة عندما تريد عبور الشارع فأنت تتجه لمنطقة عبور المشاة التي تكون خطوطاً مرسومة على الأرض؛ لأنك تضمن أن حق العبور من تلك المناطق هو للمشاة، وهو ما يجعل أي شخص يقود سيارة يتوقف ليسمح لك بالعبور، لكن الأمر مختلف قليلاً في العاصمة الصينية.
المادة 40 من قوانين المرور في العاصمة بكين تنص على أنه "يُحظر على سائقي المركبات التوقف عند معابر المشاة، والمخاطرة بغرامة قدرها 5 يوان أو تحذير إذا فعلوا ذلك"، والسبب أن توقف السيارة قد يسبب ازدحامات خانقة.
بسبب الكثافة السكانية العالية في الصين، إذا توقف السائق وسمح للمشاة بالعبور، فإن الأعداد الكبيرة للمشاة قد تستمر بالعبور ولن تتوقف، ما يعني تكدس الكثير من السيارات والتسبب بازدحامات خانقة؛ لذا عليك أن تكون حذراً وأنت تعبر الشارع ولا تتوقع أن تتوقف السيارات للسماح لك بالعبور.