منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، عملت منظمة "كارتل سينالوا" المعروفة أيضاً باسم منظمة "غوزمان لويرا" واتحاد وتحالف الدم، وهي منظمة دولية لتهريب المخدرات، وغسل الأموال، والجريمة المنظمة مقرها الأساسي في المكسيك، بغسل الأموال غير المشروعة وتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة، وانتهجت الرشوة والتعذيب والقتل وسيلةً للقضاء على كل من تراه خصماً لها.
ومن ثم آلت الأمور إلى القبض على زعيم المنظمة خواكين غوزمان لويرا، المعروف بـ"إل تشابو"، في عام 2016، إلا أن ابنه "أوفيديو غوزمان لوبيز"، لا يزال طليقاً، ولم يكن ذلك عن نقص أو تقصير في محاولات القبض عليه.
أوفيديو غوزمان لوبيز نجل إل تشابو دخل عالم المخدرات في الـ18!
تقول الأخبار الواردة وفقاً لما ذكره موقع All That's Interesting الأمريكي إن لوبيز وشقيقه، إيفان أرشيفالدو غوزمان، المعروفَين باسم "لوس تشابيتوس"، أصبحا من كبار القوم في الكارتل، وبات في أيديهم زمام السيطرة على شبكات توزيع القنب والكوكايين، حتى إنهما بدآ بالدخول إلى عالم الميثامفيتامين، بإنتاجٍ وصل إلى 2270 كيلوغراماً منه كل شهر.
برز نجل إل تشابو في عالم تجارة المخدرات، عندما بلغ الـ18 من عمره في عام 2008، وبرز زعيماً من زعماء الكارتل في الـ24 من عمره.
نشأة لوبيز في كنف إل تشابو
وفقاً لما ذكره موقع Historica، فقد وُلِد أوفيديو جوزمان لوبيز في مدينة سينالوا بالمكسيك عام 1990، ولا يُعرف حتى الآن عدد أشقائه، فقد تزوج والده أربع نساء، ووُلد له نحو 13 أو 15 طفلاً، وقد سُمِّي لوبيز باسم والدته غريسيلدا لوبيز بيريز، نسبة إلى جدِّه لأمه، أوفيديو لويرا كوبريت.
بعد إلقاء القبض على والده في العام 2016، انخرط أوفيديو جوزمان لوبيز رفقة إخوته إيفان أرشيفالدو جوزمان وجيسوس ألفريدو جوزمان وصديق والده إسماعيل زامبادا جارسيا لقيادة الكارتل.
وفي فبراير/شباط 2019، اتهمت الولايات المتحدة أوفيديو بالاتجار غير المشروع بالمخدرات.
ووفقاً لصحيفة صحيفة Milenio المكسيكية فإن أوفيديو كان في الخامسة من عمره حين ألحقه والداه بـ"مركز مدينة مكسيكو للتعليم والثقافة في أجوسكو" المنشأة على أساس المبادئ الكاثوليكية المسيحية.
ولكن الحكم على إل تشابو بالسجن 29 عاماً عام 1993، جعل أطفال المدرسة وأولياء أمورهم يعرفون أصله ونسبه؛ ما جعلهم يعترضون مشاركته في نشاطات المدرسة.
حتى إنه في إحدى المرات، رفضت المدرسة اصطحابه في رحلة مدرسيّة إلى مدينة الملاهي "ديزني" في الولايات المتحدة الأمريكية رغم أنه دفع كامل تكاليف الإقامة والرحلة.
كيف بسط لوبيز سيطرته على كارتل سينالوا؟
وفقاً لشبكة BBC البريطانيّة، فإنّ وزارة الخزانة الأمريكية قالت إن أوفيديو جوزمان يلعب دوراً مهماً في أنشطة تهريب المخدرات التي يقوم بها والده.
وقد تمّ ضم أوفيديو وشقيقه إيفان رفقة عضوين رئيسيين آخرين في الكارتل، وهما نويل سالغويرو نيفاريز وأوفيديو ليمون سانشيز إلى القائمة السوداء في عام 2012، وشمل ذلك تجميد أصولهم في الولايات المتحدة، ومنعهم من التجارة مع المواطنين الأمريكيين.
وتشمل عقوبات انتهاك القانون ما يصل إلى 30 عاماً في السجن وغرامات تصل إلى 10 ملايين دولار، كما عرضت الولايات المتحدة مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار أمريكي مقابل معلومات تؤدي إلى اعتقال أوفيديو.
ورغم تلك العقوبات فإن أوفيديو وغوزمان وأخاهما خيسوس وقائدهم الروحي وصديق والدهم إسماعيل زامبادا غارسيا لم يتوانوا أبداً في إحكام السيطرة على تجارة إل تشابو واستمروا في شراء المخدرات من كولومبيا وتهريبها إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
كما أنشأت العصابة بعد ذلك 11 مختبراً جديداً في جميع أنحاء مدينة سينالوا، لتحضير المادة المخدرة وتحويلها إلى "كريستال الميثامفيتامين"، وبدأوا في بيع المنتج النهائي إلى موزعين في المكسيك وكندا والولايات المتحدة.
اعتقال أوفيديو الذي حول مدينة كوليكان إلى جحيم
في الـ2 من أبريل/نيسان 2019، اتهمت هيئة محلفين فدرالية كبرى، في العاصمة الأمريكية واشنطن، أوفيديو غوزمان لوبيز، وأخاه إيفان، بالتآمر لبيع أكثر من 5 كيلوغرامات من الكوكايين، و500 غرام من الميثامفيتامين، وألف كيلوغرام من الحشيش.
وكانت محاكمتهم تستلزم تحديد مكانهم أولاً، ثم القبض عليهم سالمين، وتسليمهم إلى الولايات المتحدة.
تمكنت قوات الأمن المكسيكية من تحديد مكان الأخوين في أكتوبر/تشرين الأول، وتوجهت القوات في 17 أكتوبر/تشرين الأول لاعتقالهما، وكانت النية اعتقال إيفان أولاً.
تقول صحيفة The New York Times الأمريكية إنّ إيفان استطاع التغلب على القوات المكسيكية واستدعى المئات من رجال الكارتال لاقتحام مدينة كوليكان التي كان أوفيديو يقيم فيها من أجل حمايته.
لكن رغم ذلك استطاعت القوات المكسيكية اقتحام منزل أوفيديو بعد معركة عنيفة، واعتقاله.
وعلى الرغم من أنّ مقاطع الفيديو أظهرت لحظات اعتقاله لكنّها لم تكن سوى البداية، إذ ما لبث أن اقتحم مئات من رجال الكارتل شوارع المدينة في شاحنات محملة بالرشاشات العسكرية من عيار 50 ملم، وأمطروا مبانيها بالرصاص.
ثم أشعلوا النار في السيارات وأغلقوا ميادين التقاطع الرئيسية، وسيطروا على المباني الحكومية، وأغلقوا المطار، وداهموا سجن المدينة وهرَّبوا عشرات المسجونين منه.
أبدى رجال الكارتل عزمهم على استعادة لوبيز قبل تسليمه مهما كلف الأمر، وكشفوا معرفتهم بموقع المنزل الآمن الذي نُقل إليه، وهددوا بمواصلة قتل المدنيين حتى إطلاق سراحه.
وفي النهاية اضطرت الحكومة إلى الاستسلام بعد عدة ساعات، وأمرت جنودها بالكف عن القتال، وسلمت السلطات هاتفاً خلوياً لأوفيديو غوزمان لوبيز، وطلبوا منه أن يأمر بوقف الهجوم على المدينة.
حتى إنّ الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور أكد وفقاً لوكالة رويترز أنه أطلق سراح أولفيديو من أجل حماية المدنيين.
اعتقاله مجدداً في 2023!
وفي يوم الخميس 5 يناير/كانون الثاني 2023، ألقت الحكومة المكسيكية مجدداً، القبض على أوفيديو جوزمان، الأمر الذي أطلق العنان لرد فعل عنيف من جانب مسلحي العصابات التابعة له، الأمر الذي تسبب في إغلاق مطار مدينة كولياكان، حيث طلبت السلطات من السكان البقاء في منازلهم.
وأظهرت مقاطع مصورة قتالاً عنيفاً خلال الليل في كولياكان، المدينة الرئيسية في ولاية سينالوا بشمال المكسيك، حيث أضاءت نيران طائرات الهليكوبتر السماء.
وكان مطار المدينة هدفاً للعنف، إذ قالت شركة الطيران الحكومية إن إحدى طائراتها أُصيبت بنيران قبل رحلة مقررة إلى مكسيكو سيتي. وأضافت أنه لم يصَب أحد بأذى. وتم إغلاق المطار حتى ليل الخميس.
ويأتي أحدث اعتقال له قبل قمة قادة أمريكا الشمالية في مكسيكو سيتي الأسبوع المقبل، والتي سيحضرها الرئيس الأمريكي جو بايدن وتتضمن قضايا أمنية على جدول الأعمال.
وعرضت الولايات المتحدة مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار مقابل الإدلاء بمعلومات تؤدي إلى اعتقال أوفيديو أو إدانته.
ولم يتضح بعد ما إذا كان سيتم تسليمه للولايات المتحدة مثل والده، الذي يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة في سجن سوبرماكس بولاية كولورادو، وهو أكثر السجون الاتحادية الأمريكية تأميناً.