في خضم الأزمة الروسية الأوكرانية، اتجهت أنظار الرأي العام العالمي إلى النساء في الجيش الأوكراني، لاسيما مع انتشار صور ومقاطع فيديو قيل إنها لمجندات أوكرانيات استُدعين للتدريبات العسكرية في إطار الحشد العسكري للدولتين.
وفي العام 2014، كان للنساء دور رئيسي في القوات المسلحة الأوكرانية عندما قامت روسيا بالعديد من العمليات العسكرية في الأراضي الأوكرانية، وسيطرت على مواقع حيوية في شبه جزيرة القرم، انتهت بضمها تحت السيادة الروسية.
سنسلط الضوء في هذا التقرير على بعض النساء البارزات اللواتي لعبن دوراً بارزاً في تاريخ أوكرانيا، فأصبحن مُلهمات، لنكتشف أن الشجاعة هي الصفة التي تُوحِّد كل النساء في هذه البلاد بغض النظر عن العصر.
الأميرة القدّيسة التي لم تكن "قدّيسة".. أول حاكمة لدولة كييف روس
أميرة كييف، ومعروفة أيضاً بـ"أولغا كييف"، وهي أول أميرة حكمت دولة كييف روس. تولت زمام السلطة في كييف روس بعد اغتيال زوجها الملك إيغور بن روريك، في كمينٍ نصبه الدريفليون وقتلوه بأسلوبٍ شنيع؛ بعد أن ثنوا شجرتين من خشب البتولا على قدميه ورُبطتا بساقيه، ثم تركوا الشجرتين تستقيمان مرة أخرى، ما أدى إلى تمزيق جسد الملك.
اشتهرت بشخصيتها القوية وتصميمها، كما بسياستها التنظيمية الضريبية، ومبادرات تخطيط المدن، وبإقامتها تحالفاً دولياً مع الإمبراطورية البيزنطية. وخلال فترة حكمها، أصبحت كييف روس دولة مزدهرة.
في نحو عام 955 تم تعميدها، وبذلك أصبحت أول حاكمة مسيحية لكييف روس. ورغم أن الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية قد منحتاها لقب "قديسة"، فإن كثيراً من الأحداث التاريخية تُثبت أن أميرة البلاد، الممتدة من بحر البلطيق شمالاً إلى البحر الأسود جنوباً، لم تكن مَلاكاً.
خُرَم سلطان.. المرأة الأكثر جدلاً في التاريخ العثماني
السلطانة هيام كما تذكرها المصادر العربية، واسمها روكسانة وروكسلانا بحسب المصادر الغربية، لكن "خُرَم سلطان" هو الاسم الأكثر شهرة في المصادر العثمانية.
اختلف المؤرخون حول نشأتها وموطنها الأصلي، إلا أن الرأي الراجح يُشير إلى أنها وُلدت في مدينة روهاتين الأوكرانية عام 1506، وأُسرت على يد تتار القرم الذين أهدوها إلى السلطان سليمان القانوني؛ فاتخذها جارية، ثم أُعجب بها وتزوجها وأنجب منها سليم الثاني.
زوجة السلطان سليمان هي شخصية بارزة في التاريخ الأوكراني، وهناك اختلاف حول ما إذا كانت امرأة شريرة أم خيّرة. فالأوروبيون يصوّرونها على أنها المرأة الأخطر التي تسببت في تقويض الدولة العثمانية وانهيارها.
كما أنها لعبت دوراً في تغيير سياق الحكم، من خلال قتل الصدر الأعظم إبراهيم باشا، بهدف تعيين صهرها رستم باشا الذي خططت معه لاحقاً للتخلص من ولي العهد الشرعي الأمير مصطفى -الابن الأكبر للسلطان "القانوني"- وتعيين ابنها سليم.
بعض المؤرخين الأوروبيين يلقبونها بـ"الأفعى اليهودية"، وانساق كثير من مؤرخي العرب خلف هذه الرواية، التي يُعتقد أنها تمادت في تشويه السلطانة.
ماريا زانكوفيتسكا.. أسطورة المسرح الأوكراني
ماريا زانكوفيتسكا التي لعبت خلال حياتها أكثر من 30 دوراً على خشبة المسرح، معظمها أدوار بطولة درامية. لُقبت بـ"فنانة الشعب"؛ اعترافاً بموهبتها العالية. وعلى الرغم من أنها غالباً ما كانت تُدعى إلى مسارح الإمبراطورية الروسية، فإنها بقيت وفيَّة لمسقط رأسها، وهذه معلومة يتفق عليها الأوكرانيون.
في أوقات الرقابة الصارمة، سعت جاهدة إلى ترويج الفن والأدب المحلي، وشاركت في إنشاء وتطوير المسرح في كييف. اليوم، هناك مسرح باسمها في لفيف يُعتبر من المعالم الرئيسية بالبلاد.
أولغا كوبيليانسكا.. مؤسسِّة الحركة النسوية في أوكرانيا
لم تكن الحركة النسوية في أوكرانيا لتتحقَّق لولا الكاتبة الأوكرانية أولغا كوبيليانسكا التي كانت أول من احتضن الأفكار النسوية في الأدب الأوكراني، وأثارت موضوع تحرير المرأة. تم تحويل المنزل الذي كانت تعيش فيه إلى متحف أدبي باسمها، يزوره السياح في أوكرانيا، حيث يوجد تمثال لها أيضاً.
كتبت أول أعمالها باللغة الألمانية، في عام 1880، واشتهرت بتصويرها مشاكل الفلاحين الأوكرانيين في رواياتها. كما طرحت وناقشت أفكاراً اعتُبرت تقدمية في عصرها، حول حرية المرأة والمساواة مع الرجل في الأسرة والمجتمع. وتأثرت كتاباتها بجورج ساند وفريدريك نيتشه.
وإلى جانب إتقانها اللغة الألمانية، كانت تتحدث الأوكرانية والبولندية رغم أنها تعلمت بشكلٍ ذاتي، ولم تتلقَ سوى 4 سنوات من التعليم الرسمي في اللغة الألمانية.
ليودميلا بافيلتشينكو.. سيدة الموت التي قنصت الجنود الألمان
ليودميلا بافيلتشينكو هي في أوكرانيا مثال على الشجاعة، ليس للنساء فقط ولكن للرجال أيضاً. عُرفت بـ"سيدة الموت"، وكان اسمها يثير الرعب في قلوب الجنود الألمان خلال الحرب العالمية الثانية. فقد تمكنت خلال أشهر، من قتل 309 جنود ألمان، وهو رقمٌ وضعها في مصافّ أعظم القناصين على مر التاريخ.
في سن الـ14، التحقت بدورة رماة في كييف، حيث حصلت على شارة Voroshilov Sharpshooter، وهي شهادة رماية مرموقة من الجيش السوفييتي؛ قبل أن تحصل على وظيفة في مصنع أسلحة محلي، وفقاً لما ذكره موقع المتحف الوطني الأمريكي للحرب العالمية الثانية.
في يونيو/حزيران 1941، أطلق أدولف هتلر عملية بربروسا، وبدأت القوات المسلحة الموحدة لألمانيا، المعروفة باسم "الفيرماخت"، بغزو الاتحاد السوفييتي. فاستطاعت بافيلتشينكو إثبات مهاراتها القتالية عندما قنصت اثنين من جنود الأعداء، فتم قبول طلبها للانتساب بفرقة البندقية الـ25 في الجيش الأحمر كقناصة، لتصبح واحدة من 2000 قناصة سوفييتية خدمت في الحرب العالمية الثانية، نجت منهن 500 فقط.
في العام 2015، أُنتج فيلم عن حياتها حمل عنوان Battle for Sevastopol والذي اعتُبر لاحقاً في 2017، من بين أفضل 100 فيلم شوهدت على Amazon.