اكتسبت كتيبة آزوف شهرة ونفوذاً كبيرَين، ليس فقط في موطنها الأصلي أوكرانيا، ولكن في جميع أنحاء العالم بوصفهم النازيين الجدد في أوكرانيا.
فالمجموعة، التي بدأت كمنظمة شبه عسكرية تطوعية، تطورت وتوسعت منذ إنشائها في عام 2014، حتى أصبح قادتها الآن جزءاً لا يتجزأ من القوات العسكرية الرسمية لأوكرانيا، كما باتت لاحقاً حركة سياسية تسعى لقيادة الدولة.
كيف تشكلت كتيبة آزوف؟
نشأت كتيبة آزوف الأوكرانية في مايو/أيار 2014، رداً على تقدُّم الانفصاليين المدعومين من روسيا والذين بدأوا اجتياح شرق أوكرانيا.
تشكلت الكتيبة في مدينة ماريوبول على ساحل بحر آزوف، وتألفت من مجموعة كبيرة من مشجعي كرة القدم المتعصبين اليمينيين، وضمنهم الجمهور الذي يفتعل أعمال الشغب في كل مناسبة والمعروف في أوروبا الشرقية باسم "الألتراس".
مع ضعف الجيش الأوكراني في ذلك الوقت، خاضت كتيبة آزوف معارك عنيفة في الأيام الأولى من حرب 2014، التي أودت بحياة أكثر من 10300 شخص. أما أبرز المعارك التي خاضتها "آزوف" فكانت قتال القوات الانفصالية خلال الحرب في دونباس، وتمكنت من استعادة مدينة ماريوبول من الانفصاليين الموالين لروسيا في يونيو/حزيران 2014.
أهداف كتيبة آزوف
وفقاً لما ذكره موقع Geohistory التاريخي، فقد وصفت "آزوف" نفسها بأنها منظمة قومية متطرفة، تركز بشكل عام على الصراع المستمر بين أوكرانيا وروسيا، فضلاً عن استقلال الأمة وكرامتها.
وأضاف الموقع أن العدو الخارجي المباشر لهؤلاء القوميين هو روسيا، التي تهدد وتقوّض الاستقلال الذاتي لبلادهم على حد وصفهم.
رمز كتيبة آزوف وعلاقته بالنازية
تتباهى كتيبة آزوف برمز مشابه لرمز النازي السابق "ولفسانجيل"، وقد اتهمتها جماعات حقوق الإنسان الدولية، مثل مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان (OHCHR)، بارتكاب والسماح بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وضمن ذلك التعذيب، وفقاً لما ذكره راديو أوروبا الحرة "Radio Free Europe/Radio Liberty".
وفي يناير/كانون الثاني 2018، قدَّمت كتيبة آزوف قوة شبه عسكرية جديدة أطلِقَ عليها اسم "الميليشيا الوطنية" من خلال أمسية ثلجية، سار فيها نحو 600 من الشباب يرتدون ملابس متناسقة، من ساحة الاستقلال في وسط كييف إلى قلعة مُضاءة على منحدر تل بالعاصمة الأوكرانية، حيث أقسموا على تنظيف الشوارع من الكحول غير القانوني وتجار المخدرات وغير القانونيين ومؤسسات القمار.
وفي كثير من الحالات قامت تلك الميليشيا بمهاجمة تجمعات الغجر، ولم تتم مقاضاة أي من أعضاء المجموعة بسببها.
اندماج الكتيبة في الجيش الأوكراني ودخولها المُعترك السياسي
بعد اتفاق عام 2015 المعروف باسم اتفاقيات مينسك التي كان من المفترض أن تكون خارطة طريق لإنهاء القتال بين روسيا وأوكرانيا ولكنها لم تفعل أكثر من خفض حدة القتال، تم دمج كتيبة آزوف رسمياً في الحرس الوطني الأوكراني وحُولت قيادتها تركيزها من ساحة المعركة إلى الساحة السياسية.
دخل فيلق آزوف الوطني المعركة السياسية في أكتوبر/تشرين الأول 2016، وعُيِّن قائد الكتيبة أندريه بيلتسكي لقيادتها، لكنه فشل في انتخابات العام 2019.
ضم الحزب منظمتين يمينيتين متطرفتين أخريين، وضمن ذلك منظمة باتريوت الأوكرانية، التي وفقاً لمجموعة خاركيف لحقوق الإنسان، "تبنت أفكاراً تنمُّ عن كراهية الأجانب والنازيين الجدد وتشارك في هجمات عنيفة ضد المهاجرين والطلاب الأجانب في خاركيف وأولئك الذين يعارضون آراءها".
وتُعرف هذه المجموعات مجتمعة باسم "حركة آزوف" التي تضم أكثر من 10000 عضو نشط، بحسب أولينا سيمينياكا السكرتيرة الدولية للجناح السياسي في "آزوف".
دولة داخل الدولة!
قالت سيمينياكا، لراديو أوروبا الحرة: "إن نجاح آزوف في تنمية الحركة حتى الآن لم يُترجم إلى نجاح سياسي كبير في الداخل".
لكن في الوقت نفسه، تعتقد حركة آزوف أن نفوذها قد نما في البلاد، إذ تقول سيمينياكا إنه في غضون 4 سنوات من تأسيسها فقط أصبحت حركة آزوف دولة صغيرة في الولاية.
كما استفادت الحركة من انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، لاسيما Facebook وTelegram، حيث تقوم المجموعة بتجنيد وتعزيز أفكارها اليمينية المتطرفة من خلال أسلوب الحياة الذي يركز على الرياضة.
يُذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية في ما بعد حرب عام 2014، سلحت أوكرانيا بأنظمة صواريخ جافلين المضادة للدبابات ودربت قواتها المسلحة في قتال الانفصاليين المدعومين من روسيا بالشرق، لكنها منعت وصول الأسلحة إلى أعضاء "آزوف" ومنعتهم من المشاركة في التدريبات العسكرية، بسبب أيديولوجيتهم اليمينية المتطرفة.
ما موقف كتيبة آزوف من الهجوم الروسي الحالي على أوكرانيا؟
صحيفة The New York Times الأمريكية أوضحت أن الهجوم الروسي على أوكرانيا أثار موجة من النشاط بين قادة الميليشيات الأوروبية اليمينية المتطرفة، الذين لجأوا إلى الإنترنت لجمع الأموال وتجنيد المقاتلين والتخطيط للسفر إلى الخطوط الأمامية؛ لمواجهة روسيا.
وأضافت الصحيفة أن بعض الأنشطة تركزت على دعم كتيبة آزوف، التي باتت تستقطب مقاتلين من اليمين المتطرف من جميع أنحاء العالم.
كما أكدت أن إعلاناً نُشر على "تليغرام" قبل وقت قصير من الهجوم الروسي على أوكرانيا، دعا فيه زعيم الجناح السياسي لكتيبة آزوف إلى "تعبئة كاملة" للمجموعة، ووجَّه المتطوعين نحو موارد التوظيف عبر الإنترنت.
ووفقاً لمقطع فيديو مصوَّر نشره موقع "الجزيرة الإنجليزية"، أظهر استعداد النازيين الجدد الأوكرانيين لقتال الجنود الشيشان الذين يشاركون القوات الروسية في هجومها، من خلال غمس الرصاص في دهن الخنزير؛ تحضيراً للمعركة.
قد يهمك أيضاً: بإمكانه محو منطقة بمساحة فرنسا.. "RS-28 Sarmat" صاروخ روسي جديد يُلقّب بـ"الشيطان الثاني"