أصلها من الفايكنغ من سلالة ملك أسطوري اسمه “روريك”.. قصّة تأسيس روسيا القيصرية

عربي بوست
تم النشر: 2022/03/03 الساعة 16:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/04 الساعة 10:59 بتوقيت غرينتش
iStock - صورة تعبيرية/ الأمير روريك الذي مهد للأسرة تأسيس كييف روس
كان روريك قائداً فارانجياً

الفارانجيون

الفارانجيون هو الاسم الذي أطلقه الرومان الشرقيون على الفايكينغ، ومعظمهم من السويديين.

بين القرنين الـ9 والـ11، عاش الفارانجيون بين العديد من أراضي بيلاروسيا وروسيا وأوكرانيا الحديثة، وشكلوا الحرس الفارانجي البيزنطي الذي شمل لاحقاً أيضًا الأنجلو-ساكسون.

كما استقرت مجموعة من الفارانجيين تُعرف باسم الروس في نوفغورود عام 862 تحت قيادة روريك الذي يعتبر مؤسس الإمارة الروسيّة.

وصل إلى منطقة لادوجا (في روسيا الحديثة) في العام 862، وبنى فيها مستوطنة قرب مدينة نوفغورود في ستينيات القرن الـ9، وانطلاقاً منها أسس أول سلالة حاكمة مهمّة في التاريخ الروسي تسمى "سلالة روريك".

الأمير روريك الذي مهد للأسرة تأسيس كييف روس

لا تزال هوية الزعيم الأسطوري الوثني روريك غامضة وغير معروفة، لاسيما المعلومات الأساسية مثل مسقط رأسه الأصلي وتاريخ عائلته وألقابه.

بعض المؤرخين يرون، وفقاً لما ذكره موقع OER Services، أن روريك أتى من أرض الفايكينغ في السويد والدنمارك واحتل مدينة لادوغا، وبعد بنائه معقلاً هناك اتجه جنوباً واحتل نوفغورود (حالياً مدينة في شمال غربي روسيا).

بينما يؤكد موقع Russia Beyond الروسي أنّ روريك كان قد دخل إلى مدينة نوفغورود بدعوة من أهلها الذين أرادوا منه أن يوقف الاقتتال فيها بين القبائل السلافية، ليصبح حاكماً لها.

جنباً إلى جنب مع روريك، جاء حلفاؤه المعروفون تاريخياً باسم "الإخوة" وهما سينوس وتروفور، فأسسا لأنفسهما قرب صديقهما روريك مدناً لهما ولحاشيتهما.

فأصبح لهؤلاء الإخوة المناطق التالية:

روريك: مدينتي لادوجا ونوفغورود

سينوس: بيلوزيرو

تروفور: إيزبورسك

بعد فترة وجيزة توفي كل من سينوس وتروفور، فقام روريك بتوحيد أراضيهم مع أراضيه تحت اسم "نوفغورود"، ومن هنا كانت نقطة انطلاق الدولة الروسية.

"أوليغ النبوي" الذي احتل كييف ونقل عاصمة أسرة روريك إليها

توفي روريك عام 879، وخلفه قريبه أوليغ النبوي الذي كان وصياً على نجله إيغور قبل بلوغه سن الرشد.

بقي أوليغ النبوي (أو المتنبِّئ) أو كما يعرف أيضاً "أوليغ العراف"، بعد وفاة روريك في نوفغورود لمدة 3 سنوات.

كان اقتصاد نوفغورود يعتمد بشكل كبير على تبادل البضائع، ومن أجل تحسين الوضع الاقتصادي الضعيف، قرر أوليغ الوصول إلى طريق التجارة الكبير والاستراتيجي المعروف باسم "من الفارانجيين إلى الإغريق"، والذي يربط بين الدول الاسكندنافية وروسيا والإمبراطورية البيزنطية.

في عام 882، بدأ حملة عسكرية واحتل مدينتين، سمولينسك وليوبيك، بعدها انتقل إلى نهر دنيبر واحتل مدينة كييف التي كان يحكمها آنذاك آسكولد قريب روريك، وفقاً لما ذكره كتاب "وقائع روسيا الأولية-The Russian Primary Chronicle".

بعد احتلال كييف، نقل أوليغ عاصمته من نوفغورود إلى كييف، إذ اعتبر أن كييف مكان مناسب ومهم من الناحية الاستراتيجية، كما انتقل إلى هناك مع قواته المسلحة ليصبح اسمه رسمياً أمير كييف.

ووفقاً لما ذكره موقع Russiapedia الروسي، فإنَّ الوثائق التاريخية تُؤرخ هذا الحدث في العام 882 وتعتبره تقليداً سنوياً لتأسيس بلاد الروس وإمارة كييف، وهو السبب الذي يعتقد لأجله البعض أن أوليغ هو مؤسس "كييف الروسية" بدلاً من روريك.

بقي أوليغ أميراً على كييف مدة 30 عاماً حتى وفاته في العام 912.

إيغور بن روريك الغامض!

بعد وفاة أوليغ، تولى إيغور بن روريك الحكم خلفاً للوصي الشرعي عليه أوليغ.

حكم إيغور الأول من عام 912 حتى وفاته عام 945، وعلى الرغم من حكمه الطويل نسبياً، فإن تلك الفترة تظل لغزاً للمؤرخين، ولم يتم توثيق سوى آخر 3 سنوات منها بالسجل الروسي المذكور في كتاب "وقائع روسيا الأولية"، والذي وثَّق فقط تسلُّمه للحكم بعد وفاة أوليغ، ومحاولاته تذليل القسطنطينية والشعب البيزنطي، ومن ثمّ وفاته.

وتبرز قصته من خلال محاولاته العديدة احتلال القسطنطينية البيزنطية حينها، ولكنه وقَّع معهم في نهاية المطاف اتفاقية لوقف هجماته.

وفي عام 945، ومع انتهاء الحرب الروسية البيزنطية مباشرة، قرر إيغور التوجه إلى "الدريفليان"، وهم 3 ملوك "سلاف شرقيين"؛ من أجل أن يجمع منهم الجزية.

بعد أن أنهى عمله وهو عائد إلى كييف، قرر إيغور أن تلك الجزيرة غير كافية له، فقرر العودة إلى "الدريفليان" لأخذ مزيد من الأموال، ولكنهم عندما رأوه يعود إليهم قاموا بقتله بطريقة بشعة جداً وهي ثني شجرتين من أشجار "البتولا" الشهيرة، وربطهما بقدمَي الملك إيغور الذي تمزق جسده بمجرد ترك الشجرتين تستقيمان.

أولغا التي أحرقت شعباً كاملاً انتقاماً لإيغور 

بعد وفاة إيغور، حكمت زوجته أولغا "كييف"، لأنّ ابنهما سفياتوسلاف كان يبلغ من العمر ثلاث سنوات فقط، وقررت الانتقام لزوجها من الملوك السلافيين.

عندما أرسل الملوك "الدريفليان" رُسلاً؛ لمفاوضة كييف بشأن قتلهم لملكهم، عرضوا على أولغا أن تتزوج أحد أمرائهم ويدعى "مال"، لكنّ سكان كييف قاموا بدفن هؤلاء الرُّسل وهم أحياء.

أرسلت أولغا رسالة إلى الدريفليانيين، من أجل إرسال أكثر رجالهم تميزاً إليها في كييف؛ حتى تتمكن من الذهاب إلى أميرهم بطريقة إيجابية.

أرسل الدريفليون، الذين لم يكونوا على دراية بمصير الوفد الأول، مزيداً من الرجال إلى كييف، فطلبت منهم أولغا أن يأخذوا استراحة داخل الحمام، قبل أن تشعله بهم.

لم تكتفِ أولغا بذلك، فقررت الذهاب إليهم بنفسها للانتقام لزوجها، وبالفعل قتلت أكثر من 5 آلاف من شعبهم، وأحرقت المدينة التي قُتل زوجها فيها بالكامل، وفقاً لما ذكره موقع War History.

سفياتوسلاف الأول نجل إيغور الذي وسَّع أراضي "روس"

فيما بعد، تولى سفياتوسلاف حكم كييف نحو عام 963، عندما بلغ مرحلة النضج.

صحيحٌ أنّ سفياتوسلاف تولى السلطة لمدة 10 أعوام فقط، لكنه كان ناجحاً للغاية خلال تلك الفترة، واتسم عهده بالتوسع السريع.

في نحو عام 963، وبعد فترة وجيزة من وصوله إلى السلطة، بدأ حملة لتوسيع سيطرته على وادي الفولغا ومنطقة السهوب بونتيك.

من 963 حتى 965، هزم الخزر على طول نهر الدون السفلي، وكان هذا نصراً كبيراً، لأن الخزرية (الواقعة في روسيا وأوكرانيا الحديثة) كانت في السابق واحدة من أقوى دول أوروبا الشرقية.

وبمجرد أن غزا الخزرية، فتح السهوب أمام البدو الرُّحَّل الآخرين، وخلال هذا الوقت أيضاً هزم أيضاً الأوسيتيين (جورجيا) والشركس في شمال القوقاز.

في أثناء عودته إلى كييف من إحدى الغزوات الفاشلة عام 972، تعرَّض سفياتوسلاف للهجوم وقتل.

قبل وفاته، أرسل سفياتوسلاف ابنه الأوسط فلاديمير الأول إلى مدينة نوفغورود الكبرى ليحكمها، وأرسل ابنه الأصغر أوليغ الثاني إلى أرض دريفليان، بينما أبقى ابنه الأكبر ياروبولك؛ ليتسلم كييف بعد وفاته.

بعد وفاة سفياتوسلاف اندلعت حرب الخلافة بين أبنائه الشرعيين، مما أسفر عن مقتل اثنين من أبنائه الثلاثة وهما ياروبولك وأوليغ الثاني، بينما بقي فلاديمير الأول الذي سيطر على كل تلك المناطق.

فلاديمير الأول أمير كييف الذي أدخل إليها المسيحية

في العام 978، تولى فلاديمير الأول الحكم في كييف، فأدخل المسيحية إليها، جاعلاً منها إمارة مسيحية تتبع الطائفة الأرثوذكسية.

وسبب اعتناق فلاديمير المسيحية هو أن جدته الأميرة "أولغا" كانت قد اعتنقت المسيحية حين كانت وصيَّة على العرش، بينما رفض والده سفياتوسلاف دخول المسيحية وبقي وثنياً يعبد آلهة الفايكنغ، ورغم توسلات والدته الكثيرة فإنه كان يعتبر الأمر بمثابة خيانة لتقاليد شعبه.

لم يقدم فلاديمير الأول الكثير خلال فترة حكمه، سوى أنه عاش في سلام نسبي مع جيرانه الآخرين في بولندا والمجر والتشيك، قبل أن يتوفى في عام 1015.

سفياتوبولك اللعين الذي قتل 3 من إخوته

عند وفاة "فلاديمير الأول" تربَّع الأخ الأكبر "سفياتوبولك اللعين" على عرش مدينة كييف بعد أن قتل 3 من إخوته هم "بوريس، وغليب، وسفياتوسلاف"، ولذلك أطلق عليه الشعب لقب "اللعين".

ياروسلاف الحكيم الذي أسس دولة "روس الكييفية"

كان ياروسلاف الحكيم أميراً لمدينة نوفغورود الواقعة عند التقاء نهرَي أوكا وفولغا منذ عام 1010.

خلال فترة حكمه لإمارة نوفغورود، رفض ياروسلاف دفع الإتاوة إلى والده فلاديمير أمير "كييف"، الذي رد عليه بتجهيز قواته لإرسالها لمحاربته وعزله من منصبه، لكنّه توفي قبل أن يقوم بتلك الخطوة، وفقاً لما ذكرته الموسوعة الأوكرانية Encyclopedia of Ukraine.

بعد وفاة والده وسيطرة أخيه "سفياتوبولك اللعين" على كييف، بدأ ياروسلاف الحكيم صراعاً عنيفاً مع أخيه، من أجل السيطرة على إمارة كييف.

وفي عام 1019، استطاع ياروسلاف هزيمة أخيه "اللعين"، ونصَّب نفسه أميراً لكييف، وهو ما جعل الناس يصفونه بالحكيم؛ لأنه أنهى اقتتال الإخوة، وفقاً للمؤرخ "الكييفي" نيستور كرونكلر.

بعد انتصاره على أخيه، وحّد ياروسلاف -وفقاً لما ذكرته صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية- المدن بين بحر البلطيق والبحر الأسود في دولة سياسيّة موحدة عُرفت فيما بعد باسم "روس الكييفية"، فيما كانت مدينتا نوفغورود وكييف هما الأبرز في هذه الدولة التي أصبحت أول دولة سياسية للسلاف الشرقيين، وهو السبب الرئيسي لتصنيفه من قِبَل روسيا وأوكرانيا على أنه المؤسس الأول لدولتيهما.

ولذلك تعتبر كل من روسيا وأوكرانيا أنهما الوريث السياسي لاتحاد كييف روس، وتمنح أوكرانيا وسام الأمير ياروسلاف الحكيم لخدمة الدولة.

خاض ياروسلاف خلال حياته حروباً كثيرة بالاشتراك مع أخيه مستيسلاف، لاسيما بالهجوم على شعب الياسويين، والانتصار على شعب تشود الذي بنى على أرضه مدينة يوريف (تارتو في إستونيا)، كما غزا الأراضي البولندية والليتوانية، ووسَّع ممتلكاته في منطقة البلطيق، فيما قاد حملة عسكرية فاشلة ضد القسطنطينية في عام 1043.

في عام 1054 توفِّي ياروسلاف ودُفن في كاتدرائية صوفيا، واقتسم أبناؤه الـ4 الإمبراطورية التي تركها وراءه، أما "كييف" فكانت من نصيب ابنه الأمير إيزيسلاف الأول الذي حكمها حتى عام 1068 حين هُزِمَ أمام أمير مدينة بولوتسك، فهرب إلى بولندا، واستطاع من خلال مساعدة البولونيين استعادة العرش في العام التالي.

وفي 1073 طرده أخواه سفياتوسلاف وفسيفولود من كييف، وبقي في بولندا حتى عام 1077، عندما عاد وتواطأ مع أخيه فسيفولود للعودة لتسلُّم عرش "كييف"، وهذا ما حصل فعلاً.

لم يكن لقب "أمير كييف" بعد وفاة ياروسلاف ذا أهمية فعلية، حتى جاء الغزو المغولي لروسيا ومحيطها في القرن الـ13، عندما غزت القبيلة الذهبية المغولية كييف في عام 1240 ودمرتها بشكل كامل؛ مما جعلها تفقد نفوذها في القرون التالية.

قد يهمك أيضاً: اثنان منهما تزعما الحزب الشيوعي لنحو 30 عاماً.. قادة من أصل أوكراني قادوا الاتحاد السوفييتي

تحميل المزيد