اتهم طبيب شرعي كان يحقق في وفاة جون كينيدي الاستخبارات المركزية الأمريكية باغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق، وفجَّر الطبيب المتقاعد في كتابٍ جديد معلومات كثيرة حول هوية منفذ الاغتيال الذي كان ينفذ تعليمات مدير سابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية، ما أعاد تسليط الضوء حول مصير دماغ جون كينيدي وتشريح جثمانه وما كشفته تحليلات الطب الشرعي حول الوفاة في وقتها.
مزاعم صادمة لطبيب شرعي حقق في وفاة جون كينيدي
مطلع فبراير/شباط 2022، نشرت صحيفتا The Times البريطانية، وThe New York Post الأمريكية، مزاعم الطبيب الشرعي سيريل ويتشت، وهو متقاعد ويبلغ حالياً من العمر 90 عاماً، حول اغتيال جون كينيدي وأنه مؤامرة خططت لها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.
إذ زعم "ويتشت" في كتاب صدر حديثاً عنه أن "لي هارفي أوزوالد" المتهم رسمياً باغتيال كينيدي، كان يعمل في الغالب بتعليمات من آلان دالاس، الذي كان مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية من عام 1953 إلى عام 1961، قبل أن يعزله كينيدي من منصبه بعد إشرافه على عملية الغزو الفاشلة لـ"خليج الخنازير" التي كانت مصممة للإطاحة بزعيم كوبا، فيدل كاسترو.
ويتشت قال إنه "من المؤكد في غالب الظن أن أوزوالد كان عميلاً من جهةٍ ما لوكالة الاستخبارات المركزية"، وجادل في الكتاب الذي يروي تحليله لعملية الاغتيال (The JFK (Assassination Dissected، بأن دالاس شعر بالضغينة على كينيدي لأنه عزله، وسعى للانتقام منه.
بحسب رواية الطبيب الشرعي، فإن "كينيدي قرر طرد آلان دالاس لأنه ضاق ذرعاً بما كانت تفعله وكالة الاستخبارات المركزية"، لكن المفاجئ بعد ذلك أن "من الذي عُيِّن في لجنة وارن؟ نعم إنه دالاس. ولا يمكن لأحد ألا يشتم رائحة الكذب التي تفوح من هذا السيناريو".
يدَّعي "ويتشت" أيضاً أن دالاس كان له دور فعال في ما أصبح الرواية الرسمية للتستر على حقيقة ما حدث في واقعة الاغتيال، فقد عُيِّن مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق في لجنة وارن، التي حققت رسمياً في مقتل كينيدي وخلصت إلى أن أوزوالد تصرف في جريمة الاغتيال بمفرده.
أما عن أسباب الكشف عن هذه الرواية للاغتيال الآن، قال "ويتشت": "لا أنوي العيش إلى الأبد، لذلك شعرت بأنني أريد أن أبوح بكل الأشياء التي خبرتها وفعلتها والأشخاص الذين قابلتهم، وقد حان الوقت. أنا أعمل على هذا الكتاب منذ 6 سنوات".
فيما أبدى سخطه على القبول بالرواية الرسمية لاغتيال كينيدي على أنها حقيقة، وقال مستنكراً: "لا يزال الشباب يتلقون أن الرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدة قتلَه مسلح يعمل بمفرده". ولطالما تنوعت هوية المتهمين في الحادث، فقد اتُّهمت وكالة الاستخبارات المركزية، والمافيا، والروس وليندون جونسون، نائب كينيدي الذي أقسم يمين الرئاسة بعد اغتياله، فضلاً عن عشرات المجموعات والمنظمات الأخرى.
ماذا حدث لدماغ جون كينيدي؟
بعد نشر هذه الرواية، كان لدى البعض سؤال مختلف تماماً؛ هو: ماذا حدث لدماغ جون كينيدي؟ فعلى الرغم من دفن جثة الرئيس الخامس والثلاثين في مقبرة أرلينغتون الوطنية، لكن دماغه مفقود منذ العام 1966. فهل سُرِق لإخفاء الأدلة؟ أم أخذه شقيقه؟ أم استُبدِل الدماغ بالفعل حتى قبل اختفائه؟
ففي 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1963، ليلة اغتيال كينيدي بينما كان يقود سيارته عبر دالاس بولاية تكساس، خلُص تشريح الجثة في مستشفى بيثيسدا البحري في العاصمة إلى أنَّ الرئيس أصيب برصاصتين موجهتين من الأعلى والخلف.
لكن عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي فرانسيس أونيل جونيور، الذي كان حاضراً وقت تشريح الجثة، قال إنه "لم يتبق الكثير من الدماغ. أكثر من نصف الدماغ مفقود"، وراقب الأطباء وهم يزيلون المخ ويضعونه "في جرة بيضاء". وأشار الأطباء في تقرير تشريح الجثة إلى أنَّ "الدماغ يُزال ويُحفَظ لمزيد من الدراسة".
ووفقاً لجيمس سوانسون في كتاب "End of Days: The Assassination of John F. Kennedy- نهاية الأيام: اغتيال جون كينيدي"، وُضِع الدماغ في النهاية في حاوية من الفولاذ المقاوم للصدأ بغطاء لولبي ونُقِل إلى الأرشيف الوطني، حيث "وُضِع (الدماغ) في غرفة آمنة كانت مخصصة لاستخدام السكرتيرة الخاصة السابقة لجون كينيدي، إيفلين لينكولن، لتنظيم أوراقه الرئاسية".
اختفاء دماغ كينيدي.. هل أخذها شقيقه؟
لكن بحلول العام 1966، اختفى الدماغ وشرائح الأنسجة ومواد التشريح الأخرى، وأثبت تحقيق لاحق أنه غير قادر على تحديد مكانها، ما أظهر الكثير من نظريات المؤامرة، لكن كان لدى الكاتب سوانسون فكرة مختلفة، على الرغم من ترجيحه سرقة الدماغ، إذ يعتقد أن من أخذها هو شقيق كينيدي، روبرت ف. كينيدي.
وأضاف: "ليس لإخفاء الدليل على وجود مؤامرة، بل ربما لإخفاء الدليل على المدى الحقيقي لأمراض الرئيس كينيدي، أو ربما لإخفاء الدليل على عدد الأدوية التي كان الرئيس كينيدي يتناولها".
في الواقع، عانى الرئيس العديد من المشكلات الصحية التي أخفاها عن العامة، وكان يتناول عدداً من الأدوية، بما في ذلك المسكنات، والأدوية المضادة للقلق، والمنشطات، والحبوب المنومة، والهرمونات بسبب ضعف وظيفة الغدة الكظرية.
تشكيك في صور الأرشيف لدماغ جون كينيدي
إضافة إلى السؤال حول سرقة الدماغ، هناك سؤال آخر حول أرشفة صور دماغ الرئيس، ففي العام 1998، أثار تقرير من مجلس مراجعة سجلات الاغتيالات سؤالاً مقلقاً، وزعم أنَّ صور دماغ جون كينيدي تُظهِر في الواقع العضو الخطأ.
إذ قال دوغلاس هورن، كبير محللي السجلات العسكرية بالمجلس: "أنا متأكد بنسبة 90 إلى 95% من أنَّ الصور الموجودة في الأرشيف ليست من دماغ الرئيس كينيدي". وأضاف: "إذا لم يفعلوا ذلك، يمكن أن يعني ذلك شيئاً واحداً فقط، أنه كان هناك تستر للأدلة الطبية".
بدوره، قال أونيل، عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي كان حاضراً وقت اغتيال كينيدي، إنَّ الصور الرسمية للدماغ لا تتطابق مع ما شاهده. وأوضح: "هذا يبدو وكأنه دماغ كامل تقريباً"، مختلف تماماً عن الدماغ المُدمَّر الذي رآه، وفق ما نقله موقع All that's interesting الأمريكي.
إضافة إلى ذلك، وجد التقرير العديد من التناقضات حول من أجرى الفحص على الدماغ، وما إذا كان الدماغ قد قُسِّم بطريقة معينة أم لا، ونوع الصور التي التُقِطَت له.
في النهاية، تبدو قصة دماغ جون كنيدي غامضة مثل العديد من جوانب اغتياله. هل سُرق؟ أم ضاع؟ أم استُبدِلَ؟ فحتى الآن، لا أحد يعرف مصيرها، لكن الجمهور قد يحصل على المزيد من الإجابات في ديسمبر/كانون الأول 2022 حيث من المقرر الكشف عن المزيد من ملفات كينيدي.