دائماً ما كانت السيدة "أوسفين نايت ديكسون" تعاني من تعرُّضها للجروح والحروق الطفيفة في أثناء سوء استخدامها معدات المطبخ، وعلى الرغم من أن تلك المشكلة لا تبدو كبيرة هذه الأيام، فإنها كانت سابقاً مشكلة تسبب عدوى خطيرة للجسم.
قصة اختراع لصقات الجروح
وتقول "مارغريت جورويتز"، وهي مؤرخة تعمل بشركة Johnson & Johnson، إن القصة بدأت في عام 1920 عندما كانت السيدة جوزفين تعدُّ وجبة طعام في منزلها بالولايات المتحدة الأمريكية، لتتعرض لجرح في يديها، فلجأت إلى ما فعله كثيرون في ذلك الوقت: لف شريط من القماش حول جرحها وربط عقدة في نهايته؛ لتأمينه.
وأضافت وفقاً لما ذكره موقع Johnson & Johnson: "عندما عاد زوجها إلى المنزل شاركت السيدة جوزفين مشكلتها مع زوجها إيرل ديكسون، الذي لمعت بباله مباشرة فكرة لمساعدة زوجته في محنتها المتكررة هذه".
وتابعت: "أحضر السيد ديكسون إلى المنزل عبوة من شاش القطن المطهر وشريطاً لاصقاً، أخذ قطعة من الشريط يبلغ طولها نحو 50 سم وعرضه 5 سم، وضع الشاش عليها بشكل طولي بحيث يكون أضيق من عرض اللاصق، ثم غطاه بقطعة قماش قطنية؛ لمنع الشريط من الالتصاق بنفسه، وطوى الشريط على شكل لفافة أنيقة يمكن لزوجته أن تستخدمها وقت الحاجة".
كيف نالت لصقات الجروح شهرتها؟
في ذلك الوقت، تصادَف أن السيد إيرل ديكسون كان يعمل بشركة جونسون آند جونسون الشهيرة في ذلك الوقت، كمشترٍ للقطن في نيو برونزويك في نيوجيرسي الأمريكية.
وعندما ذكر ديكسون ما ابتكره لأحد زملائه الموظفين هناك، تم تشجيعه على التقرُّب إلى الإدارة بهذه الفكرة.
لم تكن الإدارة معجبة بالفكرة بشكل مفرط في بداية الأمر، ولكن بعد أن أظهر لهم ديكسون أنه يمكن بسهولةٍ وضع اللاصق واستخدامه، تأكدوا أنها كانت فكرة رائعة.
بدايتها حققت مبيعات مخجلة قبل أن تدر أموالاً خيالية
لسوء الحظ، لم يتم بيع لصقات الجروح الخاصة بالسيد إيرل بشكل جيد في البداية؛ تم بيع ما قيمته 3000 دولار فقط من المنتج خلال العام الأول، وقد يكون سبب هذا الفشل أنها صنعت بأحجام كبيرة.
في العام التالي، تغيَّر الوضع تماماً عندما قامت الشركة بابتكار حيلة تساعدها في شهرة المنتج الجديد، وذلك عن طريق توزيع عدد كبير جداً من اللصاقات المجانية على الجنود وطلاب المدارس في "معسكرات الكشافة"؛ مما أدى إلى انتشارها بشكل واسع في البلاد.
وبحلول عام 1914، أصبحت Johnson & Johnson تنتج لصقات الجروح بأحجام مختلفة وبواسطة الآلات الصناعية.
وفي عام 1939 بدأ بيع اللصاقات المعقمة جيداً، وفي عام 1958 بدأ لفُّها بـ"الفينيل الشفاف" وبيع أكثر من 100 مليار قطعة منها.
في النهاية تمّ تعيين السيد إيرل ديكسون نائباً لرئيس الشركة، وهو المنصب الذي بقي فيه حتى تقاعده في نهاية خمسينيات القرن الماضي، كما بقي عضواً بمجلس الإدارة حتى وفاته في 1961.
ولاحقاً تسبَّب هذا الاختراع البسيط في إدرار أكثر من 30 مليون دولار على الشركة كل عام.
تاريخ لصقات الجروح يعود إلى أكثر من 4000 عام!
يشير المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية الأمريكي NCBI إلى أن مخطوطة طبية كانت منقوشة على لوح طيني يعود تاريخها إلى عام 2200 قبل الميلاد، كانت تصف الجروح والخطوات الـ3 لشفائها وهي: "غسل الجروح، عمل لصقات، تضميد الجروح".
وأضاف الموقع أن هذه اللصقات عبارة عن خليط من المواد، من ضمنها الطين والنباتات والأعشاب، وكان يتم وضع اللصقات على الجروح؛ لتوفير الحماية وامتصاص الإفرازات.
وكان الزيت أحد أكثر المكونات المستخدمة شيوعاً في اللصقات، لأنه يوفر الحماية من العدوى ويمنع الضمادة من الالتصاق بالجرح.
في حين كان المصريون أول من استخدم الضمادات اللاصقة وكانوا بالتأكيد أول من وضع العسل على الجروح، فقد كان العسل والشحوم والوبر من المكونات الرئيسية الأكثر شيوعاً التي استخدمها المصريون.
ويُعتقد أن الشحوم المصنوعة من الدهون الحيوانية كانت بمثابة حاجز للبكتيريا، فيما يبدو أن العسل عامل فعال مضاد للجراثيم.
كما دهن المصريون الجروح باللون الأخضر، في إشارة إلى "الحياة"، وكان هذا الطلاء الأخضر يحتوي على النحاس، وهو سام للبكتيريا.