العار أو المجد.. لماذا أطال الهنود الحمر شعرهم بينما حلقه البوذيون كلياً؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/11/19 الساعة 21:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/19 الساعة 21:36 بتوقيت غرينتش
إلى جانب توفير الدفء البسيط والمظهر الجميل، اعتقدت بعض الحضارات أن الشعر يرتبط ارتباطاً مباشراً بالقوة الحسية/ Istock

لطالما مشَّط البشر شعرهم بعدة طرق إبداعية ورمزية، من مختلف القصات والألوان والأشكال المنعكسة عبر العصور، عدد لا حصر له تقريباً، ولكن بينما اعتمدت بعض الحضارات إطالته لأسباب تناسب ثقافتها، عدمت أخرى إلى حلقه تماماً؟ فما هي رمزية الشَّعر في مختلف الحضارات؟

إلى جانب توفير الدفء البسيط والمظهر الجميل، اعتقدت بعض الحضارات أن الشعر يرتبط ارتباطاً مباشراً بالقوة الحسية، بل هو بمثابة امتداد للجهاز العصبي. 

وسواء كان مرفوعاً او حراً طليقاً أو ملوناً أو مجعداً أو مالساً أو في ضفائر، عسكت هذه التوجهات معتقدات وأفكاراً سادت عصرها وزمانها.

رمزية الشعر في مختلف الحضارات
الشعوب الأصلية في قارة أمريكا كانت مؤمنة بدور الشعر الطويل في حياة الإنسان رجلاً كان أو امرأة/ Istock

الشعر حاسة سادسة لدى الهنود الحمر

آمن الهنود الحمر أو السكان الأصليون في أمريكا وكندا بأن الشعر يؤمّن قدرات حسية، إذ يعمل كنوع من الهوائي كما شاربَي القطط.

ويروي أحد التقارير التي قدمها عامل في المركز الطبي لشؤون المحاربين القدامى بالولايات المتحدة خلال حرب فيتنام، أن الجيش الأمريكي جنَّد جنود كشّافة موهوبين مثل شعوب قبائل الشوكتو والأمريكيين الأصليين في نافاجو المعروفين باسم "المتحدثين الشفويين" خلال الحربين العالميتين؛ وذلك للتحرك خلسة عبر التضاريس الوعرة والخطيرة في مناطق الصراع، حسب موقع Ancient History.

وأوضح أنه ثم توثيق تمتُّع هؤلاء المجندين "بقدرات تعقُّب بارزة وخارقة للطبيعة تقريباً"، لكنهم لم يتمكنوا من تأدية المطلوب منهم في الميدان، وعندما سئلوا عن الإخفاقات في الأداء "أجاب المجندون الأكبر سناً باستمرار، بأنه عندما خضعوا لحلاقة الشعر العسكرية، لم يعد بإمكانهم (الإحساس) بالعدو. لم يعد بإمكانهم الوصول إلى الحاسة السادسة، ولم يعد حدسهم موثوقاً به، ولم يتمكنوا من (قراءة) الإشارات الدقيقة أيضاً أو الوصول إلى معلومات خفية خارج الحواس"، حسبما نشر موقع WakingTimes.com

ويزعم التقرير أن معاهد الاختبار الحكومية قارنت سلوكيات أداء مُتتبعي الأمريكيين الأصليين بشعر طويل وبدون شعر طويل، ووجدت أن الأشخاص ذوي الشعر الطويل تفوقوا في الأداء على أولئك الذين تم قص شعرهم بالطريقة العسكرية. 

كانت النظرية المقترحة هي أن الشعر الطويل قد يكون بمثابة امتداد للجهاز العصبي، لأنه عكس الطريقة التي تنقل بها شعيرات القطط المعلومات إلى القطة في أثناء اقترابها من الفريسة، كان الشعر الطويل بمثابة حاسة سادسة.

يتحدى بعض المتشككين هذه الادعاءات، مشيرين إلى أنه لم يتم العثور على دليل (حتى الآن) لإثبات أن الشعر أكثر من مجرد خلايا ميتة (بروتينات الكيراتين) وبالتالي لا ينقل شيئاً. 

ومع ذلك، فإن خيوط الشعر تنبع من الجلد، والبصيلة الموجودة هي في الواقع عضو ينتج الشعر. وبالفعل يرتبط الشعر بمستقبلات لمسية في الجلد تخبرنا بأن الجو بارد أو ساخن، فنشعر بأدنى نسيم، أو بتلك الحشرة المزعجة التي على وشك أن تلدغنا، فيعمل كجهاز تحذير وقائي.

وعندما يقف الشعر على الجزء الخلفي من العنق، فهذا مؤشر على الخطر أو التهديد (المعروف باسم قشعريرة أو الرعب)، مع غياب الشرح المفصل للعلاقة السببية بين الشعر والشعور، فأيهما يؤثر بالآخر؟

وبغض النظر عن الإجابة، فإن الشعوب الأصلية في قارة أمريكا كانت مؤمنة بدور الشعر الطويل في حياة الإنسان رجلاً كان أو امرأة.

هي رمزية الشعر في مختلف الحضارات
رهبان بوذيون/ Istock

رمزية الشعر في مختلف الحضارات

في العديد من الثقافات الأخرى، كان قص الشعر من قِبل الظالمين عقاباً أو إذلالاً، مما يدل على الهزيمة والعار.

من هذه الأمثلة حلق رؤوس المساجين والمتهمين بهدف الإذلال العلني. 

غالباً ما يرمز حلق الشعر أو فقدانه بالكامل، حتى في المجتمع الحديث، إلى تحول زلزالي داخل الشخص، سواء كان ذلك روحياً أو نفسياً أو طبياً.

في المقابل، تشير قصات الشعر القبلية المختلفة إلى القبيلة التي ينتمي إليها المرء، وما إذا كان ذلك وقت الحرب أو السلم.

 تُستخدم أنماط مختلفة لإظهار المكانة والرتبة، أو تم تسريحها في احتفالات معينة.

الشعر الحليق لدى البوذيين

لدى البوذيين تقليد ينص على الحفاظ على الشعر القصير، أو حلقه تماماً، في إشارة إلى أنهم ينتمون إلى المجتمع الروحي، حسبما أوضح موقع Asian Art.

فحلق شعر الرأس والوجه جزء من طقوس تسمى باباججا أو (Pabbajja)، وهي عندما يترك الشخص منزله و"يخرج" ليعيش حياة البوذيين بين الرهبان.

ويتوجب على الراهب البوذي حلق شعر رأسه ووجهه بصورة دائمة.

على النقيض من ذلك، في العديد من الثقافات، يطيل الرجال والنساء شعرهم.

ليس معروفاً على وجه اليقين ما إذا كان الشعر يتواصل معنا كجزء من نظامنا العصبي، ولكن ما هو مؤكد، أن الطريقة التي يظهر بها شعرنا كانت دائماً تنقل شيئاً ما للآخرين.

ضفائر الشعر الطويلة للصينيين الهان

خلال العصور الوسطى في الصين، عكست تسريحات الشعر انتماء الفرد إلى سلالة أو مجتمع قبلي. 

وتتطلب هذه التسريحة حلق الجزء الأمامي كل 10 أيام، ويُسمح للجزء المتبقي من الشعر بالنمو ويتم تسريحه في ضفيرة طويلة ورفيعة من الخلف.

أحضر شعب المانشو (أقلية عرقية في منشوريا بشمال شرقي الصين) تصفيفة الشعر إلى الصين القارية في الوقت الذي غزوا فيه أسرة مينج، واستولوا على بكين وأسسوا أسرة تشينغ.

وبينما فرضوا هذه التسريحة على بقية الشعب، اعتُبر كل من رفض اعتمادها متمرداً وتم اضطهاده بتهمة الخيانة، حسب موقع Sup China.

إطالة الشعر لدى السيخ

في الديانة السيخية، تنتشر ممارسة ترك الشعر لينمو بشكل طبيعي؛ احتراماً لكمال خلق الإله الذي يعبدونه.

هذه الممارسة واحدة من 5 شعائر أمر بها "جورو جوبيند سينغ" في عام 1699 كوسيلة لاعتناق العقيدة السيخية.

يُمشّط الشعر مرتين يومياً باستخدام مشط كانجا، ويتم ربط الشعر في عقدة بسيطة تُعرف باسم عقدة الجورة أو عقدة ريشي، حسبما أوضح موقع CS  Monitor.

عادةً ما يتم تثبيت هذه العقدة من الشعر في مكانها مع كانجا وتُغطى بعمامة.

وتشير الأوامر الـ52 لغورو إلى أنه يجب احترام الشعر باعتباره شكل "المعلم الأبدي" الذي يعتبرونه إلههم. 

ولهذا السبب، يجب ممارسة هذه الشعيرة "بأقصى درجات الاحترام"، ويشمل ذلك الصيانة الدورية للشعر والتي تشمل على سبيل المثال لا الحصر، التمشيط مرتين يومياً، وغسله بانتظام وعدم السماح بلمسه في الأماكن العامة.

ومثل أي جانب من جوانب حياة البشر عبر العصور، اتخذ الشعر أهميته من باب التطور؛ فكان الشعر للدفء والحماية وأحياناً للتمويه.. وعلى مر السنين، تطورت أهميته ليدل على الجمال أو الوضع السياسي أو الدين أو الجنس أو العرق أو الثقافة أو حتى حاسة سادسة!

تحميل المزيد