يُستخدم الخشب في صناعة الكثير من الأشياء التي نراها من حولنا، سواء كانت الكراسي التي نجلس عليها أو الطاولات التي نأكل عليها أو الأرفف التي نضع الأشياء عليها ونسمع أحياناً عن ابتكارات واختراعات من الخشب طوّرها الإنسان على مر العصور.
لكن بالمقابل هناك الكثير من الأشياء التي لا تُصنَع عادةً من الخشب، بل حتى لا يمكن أن نتخيل إمكانية استخدامها إن كانت خشبية.
لكن يبدو أن هناك أشخاصاً فكروا خارج الصندوق تماماً وأرادوا تجربة صنع الكمبيوتر أو الطائرة حتى من الخشب وأثبتت اختراعاتهم كفاءتها وفاعليتها!
تعرف معنا في هذا التقرير على 5 من أغرب الأشياء التي صنعها الإنسان من الخشب.
المعجزة الخشبية، طائرة "البعوضة"
صفائح معدنية بيضاء من الألمنيوم تلمع تحت الشمس، هذا ما يخطر ببالنا عندما نفكر في الطائرات. لكن ندرة هذا المعدن خلال الحرب العالمية الثانية دفع شركة دي هافيلاند البريطانية لتصميم الطائرات لتجربة مادة غير مسبوقة لصناعتها: الخشب!
استخدمت شركة دي هافيلاند لأول مرة أخشاب البلسا والخشب الرقائقي وخشب شجر التنوب لصنع جسم طائرة للنقل كانت تسمى DH.91 الباتروس.
ونظراً للسرعة والخفة التي تميزت بهما الطائرة، قرر صاحب الشركة، الطيار ومهندس الطيران جيفري دي هافيلاند، تصميم طائرة خشبية أخرى ولكن قاذفة للقنابل؛ لأنها ستكون أسرع من جميع الطائرات الأخرى في الهواء كونها مصنوعة من الخشب الخفيف الوزن وليس بها مدافع رشاشة، كما يشير موقع History Net.
ولأن تنفيذ هذا التصميم كان بحاجة إلى موافقة مسؤولي وزارة الحرب، لم يتم إنشاء الطائرة حتى أواخر عام 1940، وأطلق عليها اسم "البعوضة- Mosquito".
وبمجرد أن أصبحت جاهزة للعمل، سرعان ما أثبتت الطائرة كفاءتها لمجموعة متنوعة من المهام، بما في ذلك غارات القصف والنقل العسكري والتصوير الفوتوغرافي بعيد المدى والبحث عن الطرق خلال الحرب العالمية الثانية.
ولكفاءتها العالية حصلت الطائرة على لقب "المعجزة الخشبية".
الدراجة الخشبية "دانييلا"
تعتبر دراجة "فيسبا" من أكثر الأنواع الشائعة للدراجات البخارية التي انتشرت منذ أن اخترعتها مجموعة بياجيو الإيطالية في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
وفي حين أن إيطاليا كانت دائماً أكبر سوق لوسيلة التنقل الأنيقة هذه، فقد حظيت أيضاً بشعبية كبيرة في المملكة المتحدة خلال الستينيات.
على الرغم من أن شركة فيسبا كانت قد أطلقت مجموعات مختلفة من التصاميم خلال الـ80 عاماً منذ إطلاقها لأول مرة، لكن لم يخطر ببال أحد التصميم الذي قامت به الشركة عام 2007 بالتعاون مع النجار البرتغالي كارلوس ألبرتو.
ففي أكتوبر 2007، تولى النجار ألبرتو مهمة تصميم وصنع دراجة فيسبا من الخشب بالكامل.
استغرق المشروع من ألبرتو عشرة أشهر لإكماله وتضمن استخدام عشرة أنواع مختلفة من الخشب، عدا عن كلفته الباهظة التي وصلت 2800 يورو، كما يشير موقع The Telegraph.
رغم كلفته والمدة الطويلة التي استغرقها تصميمه وصنعه، لكن النتيجة النهائية كانت جذابة حقاً ومثالاً للعمل الجاد والحرفية ليبدو وكأنه عمل يعود إلى الستينيات، وقد أطلق على الدراجة اسم ابنته "دانييلا".
أطقم أسنان خشبية
فقد الأسنان وتساقطها مع التقدم في العمر أمر يتطلب التدخل الفوري لتركيب سن تجميلية أو طقم أسنان لضمان التحدث بشكل طبيعي وتناول الطعام وحتى للحفاظ على شكل الفم التجميلي.
في يومنا هذا، غالباً ما تُصنع أطقم الأسنان من مادة الأكريليك لأنه يمكن استخدامها بسهولة وصبغها لتشابه لون الأسنان، لكن ماذا عن الإنسان القديم؟
لم تكن المواد المستخدمة اليوم في صنع الأسنان التجميلية متاحة بالتأكيد في الماضي، واضطر الناس للاكتفاء بأطقم أسنان بدائية مصنوعة من الخشب.
يعتقد أن أطقم الأسنان الخشبية ظهرت أولاً في اليابان في القرن السادس عشر وقد ظل استخدامها أمراً شائعاً في البلاد حتى أواخر القرن التاسع عشر.
في عام 2008، عثر علماء الآثار على مجموعة من أطقم الأسنان الخشبية المنحوتة بمهارة والتي يعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر، وهم يقومون بالحفر في منطقة يوكيتشي بمحافظة مي في اليابان.
والجدير بالذكر أن هذه الأطقم المصنوعة بعناية كانت متاحة فقط للتجار الأثرياء وكبار الساموراي وليست للفلاحين اليابانيين الفقراء.
كمبيوتر خشبي بالكامل
يصعب تخيل الأدوات الإلكترونية مصنوعة من الخشب، خاصة الأجهزة اللوحية والشاشات والكمبيوتر.
لكن يبدو أن أحد محبي التكنولوجيا كان محباً أيضاً للمواد الطبيعية؛ لدرجة أنه صمم وصنع كمبيوتراً كاملاً بما في ذلك الفأرة ولوح المفاتيح من الخشب!
صُنع هذا الكمبيوتر الخشبي في عام 2009 من قبل فنان هولندي يُدعى مارليس رومبيرغ، وقد صرح بأن هدفه من تصميمه هو مزج العالمين الرقمي والواقعي.
كان تصميمه عبارة عن كمبيوتر مكتبي يحتوي على شاشة وماوس، وكلتاهما مصنوعة من الخشب، بينما تم صنع لوحة المفاتيح من الخشب أيضاً باستخدام قاطع ليزري لنحت الحروف على كل مفتاح من مفاتيح اللوحة داخل طاولة مكتب.
صاروخ طوربيد من الخشب
خلال الحرب العالمية الثانية، كان يقوم سلاح الجو الملكي البريطاني على الساحل الجنوبي الغربي لإنجلترا باختبار الأسلحة قبل استخدامها في الحروب، بما في ذلك الطوربيدات، وهي صواريخ ذاتية الدفع تتحرك تحت الماء ولها رأس حربي متصل بها مصمم للانفجار عند الاصطدام.
كان هذا الإجراء ضرورياً للتأكد من فاعلية الطوربيدات التي يتم إسقاطها من الطائرات، ولكن بالتأكيد لم يكن للصواريخ التدريبية المستخدمة رؤوس حربية متفجرة مرتبطة بها.
ولأنها باهظة الثمن وقد يصعب توفرها وتصنيعها، كانت الحكومة تقوم بصنع أسلحة التدريب من مواد أقل تكلفة وأكثر توافراً، مثل الخشب.
تم تأكيد ذلك عندما تم استرداد أحد الصواريخ التجريبية العديدة التي تم إطلاقها من رصيف خليج ستوكس بواسطة وحدة تطوير طوربيد التابعة لسلاح الجو الملكي من البحر هناك. وقد تم وضع الصاروخ الخشبي في متحف Fleet Air Arm في المملكة المتحدة.