اشتهرت الملكة الفرنسية ماري أنطوانيت بحبها الكبير للأناقة الفارهة، حيث سحرت البلاط الملكي بتسريحات شعرها ومجوهراتها النفيسة، لتأسر وتلهم محبي الموضة منذ القرن الثامن عشر حتى يومنا هذا.
وبعد حياتها ومماتها التراجيدية، تعيش مجوهرات ماري أنطوانيت حتى اليوم لتروي قصة ملكة اعتلت العرش طفلة وقُطع رأسها عندما كان عمرها 37 عاماً فقط.
في مزاد علني في جنيف، عرض دار Sothebys سواران ماسيان للملكة يحتويان على 112 ألماسة يقدر ثمنها بنحو 4 ملايين دولار وإن كانت التوقعات تشير إلى تحقيق أرقام أعلى بكثير، حسب ما نشرت مجلة Smithsonian.
هذه الأرقام المليونية تأتي من آخر مزاد علني لبيع 10 قطع من مجوهراتها في العام 2018 لتحقق 43 مليون دولار.
فما قصة مجوهرات ماري أنطوانيت؟
تروي هذه المجوهرات قصة ملكة فرنسا وزوجة الملك لويس السادس عشر في مرحلة تاريخية هامة من تاريخ الملكية الفرنسية.
بحسب موقع History، وُلِدت ماري أنطوانيت في فيينا بالنمسا عام 1755، وكانت الطفل الخامس عشر والأخير للإمبراطور الروماني فرانسيس الأول وإمبراطورة هابسبورغ القوية ماريا تيريزا.
من أجل توطيد التحالف الوليد بين العدوتين اللدودتين، النمسا وفرنسا، الذي تولّد على إثر حرب السبعة أعوام، عرضت العائلة المالكة بالنمسا تزويج الابنة الصغرى للوريث المرتقب للعرش الفرنسي، الدوفين لويس أوغست.
وفي مايو/أيار من عام 1770، سلمت العائلة العروس الملكية البالغة من العمر 14 عاماً آنذاك إلى الفرنسيين على جزيرة وسط نهر الراين، ورافق موكب حافل الملكة المستقبلية إلى قصر فرساي، حسب موقع Biography.
كان عمرها 19 عاماً عندما تسلم زوجها الحكم وأصبحت ملكة فرنسا، وبينما كان زوجها هادئاً وذا شخصية منطوية، كانت هي محبة للحياة الصاخبة والحفلات وسهرات القمار والأزياء الفاخرة وشراء المجوهرات النادرة.
ويشير موقع كريستيز للمزادات العلنية إلى أن الملكة اشترت السوارين عام 1776 ودفعت ثمنهما مبلغ 250 ألف ليفر فرنسي، علماً أن الليفر الواحد كان يعادل ثمن نصف كيلو من الفضة.
في تلك الفترة كانت الحكومة الفرنسية تغرق بالديون وتعرضت محاصيل الدولة لآفات؛ ما أدى لشح سوق الحبوب، بينما كانت ماري أنطوانيت تستكمل عيش حياتها الفارهة.
وفي العام 1785 انتحل سارق شخصيتها لطلب شراء عقد ماسي مكون من 647 ألماسة، ورغم تبرئتها من الصفقة، إلا أنها بقيت مذنبة في عيون الجماهير الفرنسية.
في العام 1791، عندما هددت الثورة الفرنسية بقلب النظام الملكي، تم تهريب مجوهرات ماري أنطوانيت في صندوق خشبي إلى بروكسل، ثم إلى فيينا، إلى حراسة الإمبراطور النمساوي، ابن شقيق ماري أنطوانيت.
وبعدما انتصر الثوار، وضعت الجمهورية الجديدة الملك لويس السادس عشر للمحاكمة، وأدانته بالخيانة وحكمت عليه بالإعدام في 21 يناير/كانون الثاني 1793 بالمقصلة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، حكم عليها بالإعدام عبر المقصلة أيضاً.
وبعد إعدامها، أمر إمبراطور النمسا، فرانسيس الثاني بتدوين محتويات الصندوق، من ضمنها كان السواران.
إرث يجسد تاريخ فرنسا الملكي
نجت ابنتها ماري تيريز شارلوت دو فرانس، والمعروفة أيضاً باسم "مدام رويال" من الثورة، وأطلق سراحها في ديسمبر/كانون الأول العام 1795 وأرسلت إلى النمسا، حيث حصلت على مجوهرات والدتها، وتبدو في إحدى لوحاتها وهي ترتدي السوارين الشهيرين.
وتم تناقل تلك المجموعة بين أفراد العائلة المالكة السابقة جيلاً بعد الآخر لتظهر إحدى القطع بين الفينة والأخرى في مزادات علنية عالمية.
تاريخياً، تم التشهير بآخر ملكة في فرنسا باعتبارها تجسد الشرور الملكية وطبقة النبلاء، وفي الوقت نفسه، تم تعظيمها باعتبارها ذروة الموضة والجمال، وإلهامها المخيلة الفرنسية لدراسة وتوثيق أزيائها ومجوهراتها والتكهنات التي لا تنتهي حول حياتها العاطفية خارج نطاق الزواج.
ورغم تصوير شخصيتها بهذين المنظورين، إلا حياتها وموتها شكَّلا رمزاً لبداية سقوط الملكيات الأوروبية في مواجهة الثورات الشعبية العالمية.