لا شكَّ أن الكثير من الناس يعلمون أنّ الجماعات الإجرامية هي عبارة عن عصابات مسلحة تستخدم العنف لتحقيق أهدافها المُتمثلة بجمع الأموال في المقام الأول، ولكن ما لا يعرفونه حقاً عن هذه العصابات هو أنّ بعضها لم يتأسس لهذا الهدف، وإنما بدأوا كمجموعات تسعى وراء أهداف نبيلة، لكنها تحولت فيما بعد إلى أشهر عصابات في التاريخ.
قصة تأسيس أشهر عصابات في العالم
من قراصنة الصومال وعصابات المافيا إلى لوس زيتاس العنيفة في المكسيك، تعرَّف على أشهر عصابات كان الهدف من تأسيسها تحقيق أهداف نبيلة.
قراصنة الصومال
مع نهاية العام 1991، سيطرت جماعات متمردة مسلحة على العاصمة الصومالية مقديشو مع بدء انهيار حكومة الرئيس سياد بري، ونتيجة لهذه الفوضى استغلت سفن صيد أجنبية غياب الحكومة لتحويل المياه الصومالية الغنية بالحيوانات البحرية إلى منطقة صيد مجانية للجميع.
كما أنهم اكتشفوا منجم ذهب في البحر، ولذلك منعوا السفن الصومالية المحلية من الصيد في المياه، كما أطلقوا النار على الصيادين الصوماليين الذين لم يمتثلوا للمنع، في حين انضمت سفن أجنبية أخرى إلى الصراع للقيام بأشياء أخرى غير قانونية مثل إلقاء النفايات السامة في المياه الصومالية.
ووفقاً لموقع Listverse فقد شكل الصيادون الصوماليون مجموعات أهلية لمراقبة مياههم وإبقاء السفن الأجنبية خارجها إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
كما صادرت هذه المجموعات الصومالية سفن الصيد غير الشرعية وفرضوا غرامات على مشغليها.
للأسف وعلى مدى بضع سنوات، حول جشع المال السهل الصيادين الصوماليين من مقاتلين من أجل الحرية إلى قراصنة منظمين جيداً يستولون حتى الآن على سفن عشوائية تبحر عبر الصومال مقابل طلب فدية.
عصابات المافيا
تطورت عصابات المافيا وهي شبكة من جماعات الجريمة المنظمة المتمركزة في إيطاليا وأمريكا، على مدى سنوات طويلة في جزيرة صقلية الإيطالية التي كانت تحت سيطرة قوات منوعة كانوا يعاملون سكان الجزيرة باضطهاد.
وللتخلص من هذا الظلم، قام الصقليون بتشكيل مجموعة لحماية سكان جزيرتهم من هؤلاء القادة الذين لا يرحمون ومن الصقليين المتعاونين معهم، وأطلق أعضاء المجموعة على أنفسهم اسم المافيا.
ووفقاً لما ذكره موقع History التاريخي فإنّ مصطلح المافيا لم يكن له أي دلالات إجرامية وإنما على العكس كان يشير إلى أي شخص يعارض السلطة المركزية.
وبحلول القرن التاسع عشر ظهرت بعض هذه الجماعات كعصابات خاصة بدأت بابتزاز الناس وأجبرت مالكي الأراضي والممتلكات على دفع "أموال الحماية" لهم، مقابل حماية ممتلكاتهم، وهي ما تسمى اليوم "المافيا الصقلية".
وبعد سيطرة إيطاليا على جزيرة صقلية في عام 1861 كانت الحكومة غير قادرة على فرض القانون والنظام؛ فلجأت إلى العصابات لمساعدتها في في مطاردة الجماعات الإجرامية في الجزيرة، في المقابل سمحت لهم الحكومة بمواصلة ابتزاز أموال الحماية من ملاك الأراضي.
أما المافيا الأمريكية فهي كيان منفصل عن المافيا في إيطاليا، على الرغم من أنها تشترك في العديد من التقاليد مثل "أوميرتا" وهو مدونة لقواعد السلوك والوفاء في العصابة.
عصابات السلفادور MS-13
في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، شكل المهاجرون السلفادوريون الذين فروا من الحرب الأهلية الطويلة والوحشية في السلفادور والذين يعيشون في لوس أنجلوس مجموعة لحماية أنفسهم من عصابات الشوارع العنيفة هناك وأطلقوا على أنفسهم اسم MS-13.
تقول شبكة BBC البريطانية إنّ الرمز MS يرمز إلى Mara Salvatrucha إذ تشكل الكلمة الأولى معنى كلمة "عصابة" فيما تنقسم الكلمة الثانية إلى كلمتين وهي Salva أي "سلفادور" و Trucha أي "أذكياء" في حين يمثل الرقم 13 موضع حرف M في الأبجدية.
وعلى الرغم من أنّ هدفهم في البداية كان نبيلاً وهو حماية أنفسهم وحسب، فإنهم سرعان ما وجدوا انفسهم في حرب نفوذ عنيفة مع خصومهم؛ مما أدى إلى سقوط العديد من القتلى واعتقال العديد من أعضائهم.
في حين قام هؤلاء الأعضاء الموقوفون بتجنيد العديد من الهندوراسيين والغواتيماليين والسلفادوريين لإنشاء جناح سجن MS-13، وكانت لهم سمعة مخيفة بسبب قسوة جرائمهم.
في حين استمر المدانون السابقون الذي تم ترحيلهم من الولايات المتحدة في إنشاء فروع محلية لعصابة MS-13 في دول السلفادور وغواتيمالا وهندوراس كما عملوا مع عصابات المخدرات؛ مما أكسبهم شهرة أكبر وجعلهم شبه قوة عسكرية هناك.
كما أنّ للعصابة فروعاً لا تزال متواجدة في الولايات المتحدة لكنها تعمل بشكل سري، وقد صنفتها وزارة الخزانة الأمريكية في العام 2012 على أنها "منظمة إجرامية عابرة للحدود" لتصبح أول عصابة شوارع تحصل على هذا اللقب الذي وضعها في مقام عصابات دولية أكبر مثل زيتاس المكسيكية وياكوزا اليابانية وكامورا الإيطالية.
عصابة ملوك اللاتينية Latin Kings
غالباً ما يُعرف عن عصابة الملوك اللاتينيين أنها واحدة من أكثر عصابات الشوارع عنفاً في الولايات المتحدة، لكن ما لا يعرفه الكثير من الناس أنّ العصابة تأسست من أجل هدف مشروع؛ وهو حماية المهاجرين البورتوريكيين من العنف والتمييز العنصريين وقد قام بتأسيسها أنطونيو فرنانديز.
ووفقاً لموقع Latino USA فإن العصابة تحولت بمرور الوقت إلى مؤسسة إجرامية بعد اندماجها مع مجموعات أخرى مثل مكونة من أشخاص يناهضون العنصرية من الولايات المتحدة والمكسيك، الذين واصلوا محاربة العنصريين والمتسلطين.
وسرعان ما تنوع الملوك اللاتينيون في عضويتهم العرقية وبدأوا في استيعاب الأمريكيين الأفارقة وحتى البيض الذين كانوا ضد العنصرية.
وبعد أن أصبحت المجموعة أكبر، كان ذلك يعني أنها بحاجة إلى المزيد من الأموال لتمويل أنشطتها، لقد حصلوا على هذه الأموال عن طريق بيع المخدرات؛ الأمر الذي جعلهم عصابة إجرامية.
عصابة الثالوث الصيني
تأسست عصابة الثالوث الصيني من قبل مجموعة من المواطنين الصينيين الذين أرادوا الإطاحة بسلالة تشينغ الحاكمة واستبدالها بسلالة مينغ الحاكمة السابقة في القرن الـ17.
وقد انحرفت المجموعة ببطء عن هدفها المقصود حتى أوائل القرن الـ20، عندما أصبحت عصابة إجرامية أخرى، ومع ذلك لم تعد مجموعة واحدة بل سلسلة من المجموعات المستقلة.
أصبح الثالوث عصابة دولية بعد أن فر العديد من الصينيين إلى هونغ كونغ وماكاو وتايوان ودول أخرى مع العديد من المهاجرين الصينيين بعد سقوط البر الرئيسي للصين في أيدي القوات الشيوعية في عام 1949.
وشكل هؤلاء المهاجرون مجموعات لحماية أنفسهم من العصابات العنيفة والعنصريين والأعراق المتنافسة.
عصابة ياكوزا اليابانية (ياماغوتشي غومي)
تعتبر ياكوزا واحدة من أكبر المنظمات الإجرامية المعروفة في العالم والأكثر تنظيماً وثروة؛ إذ يبلغ دخلها نحو 80 مليار دولار وفقاً لما ذكره موقع روسيا اليوم.
وعلى عكس العصابات الأخرى، فإنّ أصل هذه العصابة غير واضح لكنهم تأسسوا من مجموعة مقاتلي ساموراي مهمشين، ارتكبوا جرائم بعد مقتل أسيادهم في وقت ما من القرن الـ17، أي أنهم خرجوا من مجموعات الحراس التي تشكلت لحماية القرى اليابانية، مما يعني أنهم بدأوا بنوايا حسنة.
ولاحقاً تحولت الياكوزا إلى مجموعات تدير حلقات القمار قبل أن يشتد نفوذها بعد الحرب العالمية الثانية لتشرف على السوق السوداء وتوسعت في مجال الابتزاز والتزوير.
ويؤكد موقع Nippon الياباني أنّ أعضاء المنظمة يتميزون بالولاء التام لياكوزا، وبالوشومات التي تغطي أجسامهم تعبيراً عن انتمائهم للعصابة.
ليس ذلك فحسب، بل إنّ للعصابة الإجرامية التزاماً أخلاقياً تجاه الشعب الياباني؛ إذ دائماً ما تقدم لهم المساعدات سيما بعد الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات.
جمعية نيتا أو جمعية حقوق الأسرى
نيتا أو جمعية حقوق الأسرى هو اسم عصابة تأسست في العام 1970 في سجن أوسو بلانكو في بورتوريكو على يد سجين سياسي يدعى كارلوس توريس إيرارات.
الهدف من هذه العصابة أو الجمعية كما يفضل أنصارها تسميتها هو تحسين ظروف السجناء السياسيين المؤيدين للاستقلال الموجودين في أوسو بلانكو، إضافة إلى حمايتهم من سجناء عصابات الشوارع G27 و Insectos الذين جلبتهم الحكومة إلى السجن لمضايقة السجناء السياسيين، وفقاً لما تقوله الجمعية في موقعها الرسمي.
وفي العام 1981 تعاونت عصابة G27 مع حراس السجن من أجل قتل مؤسس جمعية نيتا توريس؛ وهو ما حدث بالفعل.
لكنّ جمعية نيتا لم تسكت على قتل قائدها، فقام مجموعة من المنتقمين بالحفر تحت أرض السجن والوصول إلى زعيم عصابة G27 وقتله وتقطيع جسده إلى أشلاء أرسلوها إلى العديد من الأشخاص.
فقد حصلت والدته على إحدى أصابعه، بينما تسلم رجل آخر إحدى عينيه، في حين حصل مدير السجن على قدمه.
انتشرت أنباء هذه الجريمة الوحشية ووصلت إلى بقية السجون التي استغل المساجين فيها تلك السمعة لتأسيس فروع أخرى للجمعية وارتكاب العديد من الجرائم الوحشية؛ وهو ما حولها إلى مجرد عصابة.
عصابة Friends Stand United
في وقت ما في الثمانينيات، التقى ناثان إلجين جيمس من فرقة The Wrecking Crew الموسيقية مع بعض الأصدقاء لتشكيل مجموعة للمساعدة في إنهاء العنصرية ومحاربة عصابات النازيين الجدد في بوسطن.
أطلقوا على المجموعة اسم Friends Stand United التي فتحت أبوابها للجميع للانضمام إليها.
لكنّ الأمر السيئ في الموضوع أنّ العصابة حاولت الحصول على الخير عن طريق الشر، إذ استخدمت العنف الشديد والجرائم بحق العنصريين؛ وهو ما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI على تصنيفها كعصابة شوارع.
عصابة تونغ
The Tong هي منظمة إجرامية صينية نشطة في الولايات المتحدة مثل مجموعات قليلة أخرى في هذه القائمة، لم تعد مجموعة واحدة بل سلسلة من الجماعات المتنافسة.
ظهر تونغ لأول مرة في الصين في القرن الـ17 كمنظمة وقائية ودينية وسياسية، فيما أسس المهاجرون الصينيون الأوائل إلى الولايات المتحدة الجناح الأمريكي لحماية أنفسهم من البيض العنصريين والمجرمين، بما في ذلك مواطنوهم.
بمرور الوقت، بدأوا في بيع الأفيون وإدارة عمليات القمار، والتي كانت تسلية شائعة في الصين ولكنها غير قانونية في الولايات المتحدة، ثم أضافوا الدعارة والحماية إلى قائمة الرذائل.
انقسمت المجموعة في الوقت الذي تحولوا فيه إلى الجريمة، وانخرطت عدة فصائل في سلسلة من حروب النفوذ العنيفة بين خمسينيات القرن التاسع عشر وعشرينيات القرن الماضي.