نسمع ونقرأ عن عمليات إطلاق النار في دول الغرب، وكيف ترعب سكان هذه الدول، ويتبعها تشديد وتدقيق أمني أكبر لتلافي تكرارها، رغم أن من يقوم بها يكون في الأغلب شخص أو مجموعة صغيرة من الأفراد، لكن بعض هذه الحوادث تكون مرعبة لدرجة أنها تغير قوانين، مثل حادث وقع بمدرسة ابتدائية في أسكتلندا عام 1996، إذ غيرت هذه الحادثة قوانين حيازة السلاح في المملكة المتحدة إلى الأبد.
المذبحة التي غيَّرت قوانين حيازة السلاح في المملكة المتحدة
كان صباح 13 مارس/آذار 1996، يوماً دراسياً عادياً لطلاب مدرسة "دونبلان" الابتدائية، وذلك قبل أن يدخل رجل مُسلّح، يبلغ من العمر 43 عاماً ويُدعى توماس هاميلتون، فناء المدرسة ويرتكب مجزرة إطلاق النار الأكثر دموية في تاريخ المملكة المتحدة، والتي باتت معروفة باسم "مذبحة دونبلان".
كان هاميلتون يحمل 4 مسدسات و 743 طلقة ذخيرة، في البداية أطلق رصاصتين على قاعة الاجتماعات وحمام الفتيات، قبل أن يصوب طلقاته نحو صالة الألعاب الرياضية، حيث كان يلعب 28 طفلاً، فأطلق الرجل طلقات عشوائية متسارعة وجميعها من مسافة قريبة.
غادر الرجل صالة الألعاب وذهب إلى أحد الفصول، وبدأ في إطلاق النار دون تمييز على الفصول الدراسية وخزائن الملابس في طريق عودته، مر ثانيةً بصالة الألعاب الرياضية، حيث قتل نفسه برصاصة في منتصف الرأس.
أسفر هذا الحادث المروع الذي استمر 4 دقائق، عن مقتل 16 طالباً ومُعلّماً واحداً وإصابة 12 طالباً آخرين بجروح خطيرة، إضافة إلى القاتل الذي انتحر بعد أن أطلق أكثر من 100 رصاصة على الأطفال ومدرسيهم.
هذا الحادث لم يكن أول حادث إطلاق نار جماعي في التاريخ الحديث للمملكة المتحدة؛ إذ وقع أول حادث في عام 1987، وراح فيه 16 شخصاً بينهم أفراد شرطة، وأعقبه إصدار مجموعة من التشريعات المتعلّقة بحيازة الأسلحة النارية، من ضمنها حظر الأسلحة شبه الآلية والتسجيل الإلزامي لبيانات مالكي الأسلحة، ومع ذلك، كانت مذبحة مدرسة دونبلان حادثة مختلفة، خصوصاً أن الضحايا كانوا أطفالاً.
كما أن القاتل الذي كان مصاباً بجنون العظمة وقُدّمت بحقه عدة شكاوى للشرطة تتهمه بالسلوك غير اللائق تجاه الأولاد الصغار، كان قد حصل على رخصة حيازة سلاح وجددها لـ5 سنوات متتالية منذ اتهامه بشكاوى "السلوك المنحرف" وحتى ارتكاب المجزرة، كما أشارت صحيفة The Independent البريطانية.
لهذا كانت مطالبات تشديد قوانين حيازة الأسلحة النارية تلقى صدى واهتماماً، إذ أطلق سكان المدينة الغاضبون حملة واسعة للمطالبة بفرض قوانين أكثر صرامة على حيازة الأسلحة النارية، وجمعوا أكثر من مليون توقيع من أجل قضيتهم بحلول نهاية العام.
وبحلول نهاية عام 1997، كان البرلمان البريطاني قد حظر على الأفراد العاديين حيازة المسدسات بكافة أنواعها تقريباً، مع بعض الاستثناءات القليلة، إذ أصدر تشريعاً يحظر الملكية الخاصة لجميع المسدسات الأكبر من عيار 0.22، وبعد أشهر وسّع الحظر ليشمل المسدسات بكافة أنواعها، باستثناء البنادق ذات القيمة التاريخية أو الجمالية ومسدسات الصوت المستخدمة لإعطاء إشارة البدء في المسابقات الرياضية ومسدسات الاستغاثة النارية والمسدسات الهوائية.
كما أضيف إلى القانون مزيد من القيود الأمنية، الأمر الذي يجعل اجتياز شروط ملكية الأسلحة أكثر تعقيداً بالنسبة لأي شخص. ويبدو أنَّ هذه اللوائح القانونية قد آتت ثمارها، بانخفاض عدد الوفيات الناجم عن الأسلحة النارية، وكانت مذبحة دونبلان آخر حادث إطلاق نار تشهده مدرسة في المملكة المتحدة، وفق موقع All That's Interesting.
قد يثير اهتمامك: جرائم غاري ريدجواي: القاتل الذي أرعب واشنطن وقتل أكثر من 70 امرأة