قتل ضحاياه وجلس يكتب.. القصة المرعبة لرسالة “من الجحيم” أرسلها جاك السفاح للشرطة البريطانية

عربي بوست
تم النشر: 2021/08/26 الساعة 13:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/08/26 الساعة 13:52 بتوقيت غرينتش
لا تزال هوية جاك السفاح مجهولة حتى يومنا هذا، وهو ما سمح باستمرار قرابة 100 عام من التكهنات حول هُوية الشخص الذي كتب رسالة "من الجحيم"/ Istock

في أقل من شهر ونصف عثرت الشرطة البريطانية في العام 1888 على 5 فتيات ليل مُشوَّهات ومقتولات، يبعد بينهن بضعة كيلومترات فقط. هذه الجثث  كانت بداية سلسلة الجرائم التي ارتكبها أحد أشهر المجرمين في بريطانيا، والذي يعرف باسم "جاك السفاح".

وعلى الرغم من التحقيقات التي لا حصر لها والتي تزعم وجود دليل قاطع على هوية القاتل الوحشي، فإنه لا يزال اسمه ودوافعه مجهولين.

وخلال فترة الجرائم الغريبة بين 31 أغسطس/آب و9 نوفمبر/تشرين الثاني، كانت الشرطة البريطانية تتعامل مع مئات الرسائل التي غمرت مراكز الشرطة ومقر شرطة العاصمة (سكوتلاند يارد) لتبني المسؤولية عن الجرائم. 

كانت كل هذه الرسائل كاذبة باستثناء 3 رسائل. ومن بين هذه الرسائل الثلاث، برزت رسالة بسبب محتواها المخيف. وأصبحت تُعرَف منذ ذلك الحين  بـ"رسالة من الجحيم".

أُطلِق هذا الاسم على الرسالة لما ذُكر في أول سطر فيها، وكانت مرسلة إلى جورج لاسك، رئيس لجنة أمن منطقة وايت تشابل، حسب ما نشر موقع History.

شعر لاسك بالفزع بعد تلقيها، بعدما ادَّعى كاتبها أنَّه قتل ضحية للتو، من جديد، وبأنه أكل نصف كِلية الضحية.

ولم ينته الأمر هنا، إذ زعم أنَّ النصف الآخر كان مُرسَلاً مع الرسالة. وعد أيضاً بإرسال سلاح الجريمة، لكنَّ السبب الحقيقي الذي جعل الرسالة مُقنِعة هو أنَّه عُثِرَ قبل ذلك بأسبوعين على امرأة تُدعى كاثرين إدوويز ميتة في وايت تشابل، وبلا كِلية.

مراسلات وجرائم قتل سابقة

بحلول الوقت الذي خُتِمَت فيه رسالة "من الجحيم" بالبريد، في 15 أكتوبر/تشرين الأول 1888، كان القاتل قضى على 4 ضحايا أخريات هن ماري آن نيكولز وآني تشابمان وإليزابيث سترايد وكاثرين إدوويز. 

قُتِلَت ضحية خامسة تدعى ماري جين كيلي، في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، وعُثِرَ على الضحية الأولى نيكولز ميتة، في 31 أغسطس/آب.

ذُبِحَت رقبة كل النساء الأربع وشُوِّهَت أجسادهن بطريقة تشير إلى أنَّ القاتل كان على دراية بالتشريح. 

وفي ذلك الوقت، نادراً ما تم الإبلاغ عن وفاة أو قتل فتاة عاملة ونشر الخبر الصحافة أو مناقشتها داخل المجتمع المهذب. 

كانت الحقيقة أن "سيدات الليل" يتعرضن لاعتداءات جسدية أدت في بعض الأحيان إلى الموت، لكن هذه المرة كانت الجرائم مختلفة وأكثر وحشية.

من القاتل إلى السيد الرئيس

ولإخفاق الشرطة في الإمساك بالرجل الذي كان "يمزق" النساء، ظهرت حالة من الغضب العام من السلطات، أعقبتها رسالة من القاتل إلى وكالة الأنباء المركزية في 27 سبتمبر/أيلول.

سُمِّيَت الرسالة بـ"عزيزي الرئيس"، ووُقِّعَت بـ"المُخلِص، جاك السفاح"، وهو ما خلَّد الاسم في التاريخ. 

أتبعها برسالة ثانية، تُعرَف الآن باسم بطاقة "جاك الأنيق" البريدية، في الأول من أكتوبر/تشرين الأول.

قُدِّمَت الرسالتان للشرطة، التي نشرتهما على أمل أن تقودا إلى الحصول على معلومات. 

لكنَّ نشر الرسالتين لم يؤدِ إلا إلى وابل من الرسائل الكاذبة غير المقنعة. ثم تلقى جورج لاسك الرسالة التي لم تكن تشبه الرسائل الكاذبة الأخرى، حسب ما نشر موقع الأرشيف الوطني البريطاني.

رسالة من الجحيم

بعد العثور على الضحية الثانية، تشابمان، مُشوَّهة في 8 سبتمبر/أيلول، شكَّل جورج لاسك "لجنة أمن وايت تشابل".

كان لاسك ضمن عدة رجال أعمال راغبين بشدة في مساعدة الشرطة على الإمساك بالقاتل، الذي أدى وجوده إلى إعاقة أعمالهم الليلية.

فتح لاسك صندوق بريده يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول، ليجد خطاباً غير معتاد، إذ كان مرفقاً بصندوق صغير مُغلَّف بورق بني اللون. 

بداخل الظرف كانت هناك كلية بشرية أظهرت دلائل على أنَّها محفوظة في محلول. وادَّعى الكاتب أنَّه قلى وأكل نصفها، بينها حفظ النصف الآخر من أجل إرساله إلى لاسك.

وجاء النص الكامل كالآتي:

من الجحيم

سيد لاسك

سيدي، أرسل إليك نصف كلية أخذتُها من امرأة وقمتُ بحفظها من أجلك، وقليتُ النصف الآخر وتناولتُه، وقد كان لذيذاً جداً. قد أرسل إليك السكين الملطخ بالدم الذي انتزعها، انتظر قليلاً فقط.

توقيع

أمسكني إن استطعت، سيد لاسك

وعلى ما يبدو أنَّ الرسالة ما كان يمكن أن تأتي إلا من جاك السفاح. لكنَّ لاسك لم يكن مقتنعاً بأنَّها حقيقية، واعتقد أنَّها ربما كانت مُرسَلة من طالب طب يقوم بمزحة، وأبقى الخطاب معه أسبوعاً قبل أن يُطلِع الشرطة عليه.

هل رسالة "من الجحيم" حقيقية؟

احتوت الرسالة، التي كُتِبَت بالحبر الأحمر، على أخطاء إملائية ونحوية عديدة. وبالنسبة للشرطة، دل ذلك على أنَّ الكاتب غير متعلم. 

لكنَّ العديد من الأحرف الساكنة كانت مكتوبة، مثل حرف "k" في كلمة "knife – سكين" وحرف "h" في كلمة "while – فترة"، وهو ما أشار إلى الحصول على بعض التعليم الرسمي على الأقل، وربما أخطاء إملائية مقصودة.

علاوة على ذلك، كانت الشرطة أعلنت عن تشويه كاثرين إدوويز –التي عُثِرَ عليها منزوعة الأحشاء في 30 سبتمبر/أيلول مع انتزاع كليتيها- وهو ما يشير إلى أنَّ أي شخص كان بإمكانه جعل هذه المزحة واقعية جداً.

لم يكن يوجد في عام 1888 طريقة علمية للتحقق مما إن كانت الكلية تعود لإدوويز أم لا. كل ما كان بالإمكان تحديده هو أنَّ الكلية كانت تعود لإنسان بالغ مفرط في تناول الكحول وجاءت من النصف الأيسر من الجسد، وهو ما وضع المحققين في طريق مسدود.

يعتقد الخبراء في الكتابة اليدوية أنَّ رسالة "من الجحيم" كتبها شخص مختلف عن ذلك الذي كتب رسالتي "عزيزي الرئيس" و"جاك الأنيق"، اللتين يبدو أنَّ شخصاً واحداً كتبهما، حسب ما نشره موقع All That's Interesting.

لسوء الحظ، فُقِدَت رسالة "من الجحيم" من أرشيف الشرطة بعد فترة قصيرة من توثيقها وتصويرها، ولا تزال مفقودة حتى اليوم، وهو ما يستبعد أي فرصة لإخضاعها لتحليل حديث.

ظهرت نظريات مختلفة حول هوية جاك السفاح أو Jack the Ripper على مدار العقود العديدة الماضية، والتي تشمل ادعاءات تتهم الرسام الفيكتوري الشهير والتر سيكرت، وهو مهاجر بولندي وحتى حفيد الملكة فيكتوريا، حسب ما نشر موقع History.

 ومنذ عام 1888 سُمي أكثر من 100 مشتبه به، مما ساهم في انتشار الفولكلور والترفيه الغامض المحيط بالغموض.

ولا تزال هوية جاك السفاح مجهولة حتى يومنا هذا، وهو ما سمح باستمرار قرابة 100 عام من التكهنات حول هُوية الشخص الذي كتب رسالة "من الجحيم" إلى جاك لاسك، إن كان هذا الشخص حقيقياً والمجرم الحقيقي.

تحميل المزيد