خلال الحرب العالميّة الثانية، اتجهت العديد من الدول الكبيرة المشاركة في الحرب نحو تطوير التكنولوجيا العسكرية لجيشها، سواء عند دول الحلفاء أو دول المحور، لكن تلك الأفكار كانت تزداد جنوناً مع تقدم الحرب.
أغرب تلك الأفكار كانت موجودة لدى الاتحاد السوفييتي الذي حاول صناعة دبابة بأجنحة شراعية يمكنها الانزلاق إلى ميدان المعارك وهي جاهزة للمشاركة، فما الذي حصل؟
الدبابة الطائرة السوفييتية Antonov A-40
عندما كانت مُعظم الدول الكبيرة تبحث تحسين التكنولوجيا العسكرية لتكتسب اليد العليا في الحرب، كان لدى السوفييت رجل عبقري يعتبر من أهم الرجال في البلاد وهو الطبيب ومهندس الفضاء الروسي أوليغ أنتونوف، الذي كان مؤسس صناعة الطيران في الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت.
كان لدى أنتونوف سؤال يجول في خاطره دائماً هو: "ماذا لو تمكنت الدبابة من الطيران في ساحة المعركة والطاقم موجود داخلها؟".
لا شكَّ أنَّ الجواب الذي دار بذهنه أيضاً كان مقنعاً حتى قرر البدء في تصميم هذه الطائرة لزجها في معارك الحرب العالمية الثانية التي كانت في ذروتها حينئد.
صمم أنتونوف النموذج الأوّلي للدبابة بأجنحة شراعية قابلة للانفصال بحيث تسحبها طائرة أخرى للإقلاع وتبقى تحلق في الجو بفضل أشرعتها ومن ثم تنزلق وسط المعارك وهي جاهزة للمشاركة.
كما تم التخطيط أيضاً لإخراج القاذفات على ارتفاع مُنخفض وكذلك التحليق فوق خطوط العدو للالتفاف من الخلف.
وفقاً لما ذكره موقع History of Yesterday فقد بدأ أنتونوف في بناء اختراعه الغريب في عام 1942، فاختار واحدة من أخفف الدبابات السوفييتية وهي T-60 وركب لها جناحان وذيل.
الأمر المحير لدى الناس في ذلك الوقت هو أنهم لم يروا أي محرك في هيكل الدبابة الطائرة، لكنَّ هذا الاختراع لم يقصد به أبداً طائرة نفاثة وإنما شراعية يمكنها التحرك لمسافات قصيرة وعلى ارتفاعات منخفضة باستخدام أجنحتها فقط.
كما لم يكن الهدف من هذه الدبابة أيضاً المشاركة في أي قصف جوي أو ما شابه ذلك، وإنما لاكتساب الوقت ونشر هذه الدبابات بسرعة في أرض المعارك.
تجربة إطلاق الدبابة الطائرة
بدأت التجربة بعد تصميم الدبابة مباشرة، وأسندت مهمة قيادة النموذج الأولي إلى الطيار السوفييتي الشهير سيرجي أنوخين، وفقاً لبعض أرشيفات الحرب العالمية الثانية التي تمّ العثور عليها بعد تفكك الاتحاد السوفييتي.
تمّ سحب الدبابة المزودة بمدفع رشاش واحد من خلال القاذفة TB-3، وبعد ارتفاعها قليلاً ووصولها إلى سرعة 160 كم في الساعة في منتصف مسار مدرج المطار بدأ سيرجي بفقدان السيطرة على الدبابة الطائرة؛ لأن الأجنحة الخشبية لم تتحمل هذه السرعة.
الطريقة الوحيدة لوضع حدّ لهذه التجربة التي كان من المفترض أن تهبط في حقل قريب من المطار هو التخلص من الأجنحة للهبوط بسلام.
وبالفعل هذا ما حدث إذ هبط سيرجي بهذا الاختراع العجيب ولم يصب سوى بجروح طفيفة.
المشاكل التي واجهت الدبابة الطائرة
من الناحية النظرية، رأى أنتونوف أنه مع قوّة سحب كافية وأجنحة قوية، يجب أن تقلع الطائرة على الأقل، لكنّ الوزن الثقيل جعلته يتخلى عن بعض الذخيرة والوقود والمدافع حتى المصابيح الأمامية، وفقاً لما ذكره موقع Nationalinterest.
وبعد إجراء تحليلات الفضل تبيّن أنَّ هناك العديد من المشاكل رئيسيّة من بينها:
الأجنحة كبيرة جداً وليست قوية لأنها مصنوعة من الخشب.
من أجل جعل الدبابة أخف وزناً تمت إزالة بعض الذخيرة والوقود من الدبابة وبالتالي فإنها ستكون عديمة الجدوى في المعارك.
نهاية الحلم
بعد هذا الفشل، كان الألمان قد بدأوا بنشر دباباتهم الجديدة Panzer F4s التي زودت بمدفع من عيار 75 ملم ودرع بسماكة 65 ملم، فيما كان لدى السوفييت دبابات T-60 مزودة بمدفع عيار 20 ملم ودرع بسماكة 25 ملم.
هذا الأمر جعلت أوليغ أنتونوف يتخلى عن حلمه برؤية الدبابات الطائرة واتجه للتركيز على صنع طائرات أكثر واقعية يمكنها التغلب على دبابات دول المحور وكسب الحرب.