لا شكَّ أنَّ مُعظم أدراج مطابخ العالم تحتوي على علبة من الصمغ القوي "Super Glue"، فهو الصمغ الأفضل والأسرع في كل العصور القادر على لصق كل شيء تقريباً وجعله قوياً لدرجة لا تصدق.
الصمغ القوي وقصة اختراعه
لكن قبل أن يشغل مساحة في أدراجنا، ينبغي معرفة القصة التاريخية وراء اختراع هذا الصمغ فائق القوة، وعلاقته بالحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام.
تم اختراعه مرتين بالصدفة
خلال الحرب العالمية الثانية، كانت الشركات في جميع أنحاء الولايات المتحدة تسعى إلى دعم المجهود الحربي للجيش الأمريكي، من بينها شركة "The Eastman Kodak" التي يعمل فيها مخترع اسمه، الطبيب هاري ويسلي كوفر.
ابتكر هذا الطبيب بالصدفة مُركباً جديداً أثناء محاولته صنع منظار بندقية بلاستيك بزاوية رؤية واضحة لجنود الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
ووفقاً لما ذكره موقع Today I Found out فقد كان المركب المُستخدم اسمه "سيانوأكريلات" وهو متين لدرجة مذهلة، لكنّه كان لزجاً جداً في الاستخدام.
لذلك قرر كوفر وفريقه التخلي عن الفكرة؛ لأنها لم تكن مناسبة، تخيل أنّ تكون هذه المادة شديدة الالتصاق قرب عينيك، إنها أمرٌ سيئ فعلاً.
اكتشافه للمرة الثانية
ولكن بعد أكثر من 10 سنوات أعاد كوفر، الذي بات يُعرف باسم "Mr. Super Glue"، اكتشاف هذا المركب اللاصق أثناء بحث البوليمرات المقاومة للحرارة لصناعة قباب الطائرة النفاثة.
وجد كوفر أن تلك المركبات اللاصقة "سيانوأكريلات" لا تحتاج إلى أي حرارة أو ضغط للصق الأغراض ببعضها البعض وإبقائها على وضعها بصورة دائمة.
من هنا، حصل كوفر وفريق شركة "Eastman" على براءة هذا الاختراع وقرّروا طرحه للبيع تجارياً تحت اسم "Eastman 910″، الذي تغيّر لاحقاً إلى "Super Glue" الذي لا يزال ثابتاً حتى يومنا هذا في الولايات المتحدة، بينما له العديد من الأسماء التجارية الأخرى في الدول العربية.
إنقاذ أرواح الجنود الأمريكيين في حرب فيتنام
بسبب هذا الصمغ القوي استفاد الأطباء العسكريون خلال حرب فيتنام من خصائصه اللاصقة لإنقاذ أرواح الجنود الأمريكيين، وفقاً لما ذكرته مجلة Military Times الأمريكية.
في تلك الحرب كان معظم الجنود المصابين بجروح خطيرة خارج القاعدة العسكرية يلقون مصرعهم بسبب النزيف قبل الحصول على الرعاية الطبية الملائمة.
ولذلك استفاد الأطباء بفضل اختراع كوفر، رش الصمغ اللاصق القوي مباشرةً على الجلد لوقف النزيف حتى يتاح للمريض الوصول إلى مستشفى لتلقي العلاج اللازم.
الصمغ لم يحصل على الموافقة لاستخدامه طبياً لاحقاً
رغم إنقاذه عدداً كبيراً من الجنود من موت محتم، لم تحصل المادة الكيميائية المستخدمة في الصمغ على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، لأنَّها قد تسبب تهيجاً للجلد.
لكن في عام 1998، وافقت إدارة الغذاء والدواء على استخدام أحد مشتقات نفس المادة الكيميائية (2-octyl-cyanoacrylate) في صورة ضمادة سائلة لإغلاق الجروح ووقف النزيف قدر الإمكان.