عندما يتعلق الأمر بالنزاعات الإقليمية في جميع أنحاء العالم فإن القائمة تطول، إذ إنه يوجد نحو 150 نزاعاً جارياً حتى الآن، مُعظمها في آسيا وإفريقيا ومنطقة المحيط الهادي.
ولكن أيضاً في أوروبا والأمريكتين هناك نزاعات أيضاً، مثل تلك الدائرة بين ثاني وثالث أكبر دول العالم، الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.
ما هي النزاعات الإقليمية وكيف نشأت؟
بداية فإنّ النزاعات الإقليمية تحدث عندما يدلي الممثلون الرسميون لدولة ما ببيانات صريحة تدعي السيادة على قطعة معينة من الأراضي التي تطالب بها أو تديرها دولة أخرى، فمنذ العام 1816 دار أكثر من 800 نزاع إقليمي حول العالم، وفقاً لما أكده مشروع ارتباطات قضية الحرب ICOW، المتخصص في دراسة القضايا الخلافية في السياسة العالمية.
وأدت الكثير من النزاعات الإقليمية إلى نزاع عسكري بشكل متكرر أكثر من الأنواع الأخرى من النزاعات الدبلوماسية التي تنطوي على قضايا بحرية أو نهرية أو اقتصادية أو ثقافية أو غيرها من القضايا.
ووفقاً لـOxford Bibliographies، فقد دارت معظم الحروب بين الدول المتورطة في نزاع إقليمي واحد أو أكثر.
ومن المرجح أن تخوض البلدان التي تشترك في حدود متجاورة حروباً مع بعضها البعض، بخلاف الدول غير المتجاورة، خاصة إذا كانت لديها خلافات حول أجزاء معينة من الأراضي بسبب الموارد الطبيعية أو المواقع الدينية أو مطالبات الوطن التاريخية.
وأيضاً هناك بعض النزاعات التي انتهت بشكل ودي أو على شكل صفقة تجارية كالنزاع الروسي- البريطاني على ألاسكا، الذي انتهى ببيعها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في 18 أكتوبر/تشرين الأول عام 1867، مقابل 7.2 مليون دولار.
ففي أعقاب عقودٍ طويلة من الاستكشاف، استولت روسيا على ألاسكا عام 1741، وأنشأت فيها أولى مستعمراتها بأمريكا الشمالية في 1784 على يد شركة Shelikhov-Golikov Co وهي إحدى منظّمات تجارة الفراء العاملة في المنطقة ظاهرياً -بالنيابة عن الإمبراطورية الروسية القيصرية.
واعتمد المستوطنون فيها على تجارة جلود القضاعة البحرية (ثعلب الماء) باهظة الثمن، ولكن للأسف بعد سنوات ازدادت الأمور سوءاً لأنّ صائدي الفراء الروس اصطادوا حيوانات القضاعة البحرية بشكلٍ مبالغٍ فيه، لدرجة أنّ الحيوانات اختفت تقريباً من منطقة شمال المحيط الهادئ.
وفي العام 1853 اندلعت حرب القرم وفيها أصبحت ألاسكا مُهدِّدةً بأن تصير عبئاً على الإمبراطورية الروسية التي قررت حكومتها بيعها بعد نفاد مصدر الرزق منها.
وفي أواخر خمسينيات القرن الـ19، بدأت روسيا تفكِّر في بيع ألاسكا وكانت مقاطعة كندا أفضل من يشتريها نظراً لحدودها الممتدة مع ألاسكا بطول 2,475 كم، ولكن العقبة التي وقفت أمام إتمام الصفقة كانت أنَّ كندا لا تزال تحت سيطرة بريطانيا العُظمى، فاتجهت الأنظار نحو الولايات المتحدة، التي كانت في ذلك الوقت حليفة سرية للروس.
وبالطبع فقد كانت أمريكا الطرف الرابح تماماً في هذه الصفقة، فبعد 50 عاماً من البيع، درَّ اكتشاف الذهب في ألاسكا أكثر من مليار دولار من الثروة الجديدة لأمريكا، وزاد من أرباحها أيضاً وفرة الأخشاب والسلمون والنّفط في أراضيها.
أخطر النزاعات الإقليمية في العالم حالياً
ومن بين أشهر النزاعات الإقليمية الدائرة في العالم حالياً، التي تُعتبر بمثابة قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة مُسببة حرباً عسكرية بين الدول المتنازعة:
- نزاع "شبه جزيرة القرم" بين روسيا وأوكرانيا
- نزاع "جامو وكشمير" بين الهند وباكستان
- نزاع "أراضي التبت" بين الصين والهند
- نزاع "جزر بحر الصين الشرقي" بين الصين واليابان
- نزاع "جزيرة قبرص" بين تركيا واليونان
- نزاع " ترانسدنيستريا" بين روسيا ومولدوفا
النزاعات الإقليمية بين أمريكا وكندا
يرى بعض الناس أن الحدود المشتركة بين أمريكا وكندا هي أطول خد حدودي غير محمي في العالم، وهذا صحيح! لكن ذلك لا ينفي أن بين الدولتين ما بينهما من خلافات واختلافات، واليوم توجد بين الدولتين 5نزاعات حدودية كبيرة قائمة وفقاً لما ذكره موقع World Atlas.
نزاع مضيق مدخل ديكسون
مدخل ديكسون هو مضيق عرضه 50 متراً يقع على الحدود الأمريكية الكندية، بين ولاية ألاسكا الأمريكية ومقاطعة كولومبيا البريطانية في كندا، وقد سُمي المضيق نسبة لجورج ديكسون، الذي استكشف المنطقة عام 1787.
قبل وصول الأوروبيين، كانت المنطقة موضع اشتباكات بين السكان المحليين، غير أن النزاع الحدودي الحقيقي يرجع إلى القرن الـ18، حين كانت بريطانيا وروسيا تستعمران المنطقة.
بنهاية القرن الـ19 كانت الولايات المتحدة الأمريكية تُسيطر على ألاسكا، وكانت كولومبيا البريطانية المتاخمة قد أصبحت مقاطعة كندية، بينما أدى اكتشاف الذهب في المنطقة إلى إعادة إحياء النزاع الحدودي حول مدخل ديكسون.
وفي عام 1903، عُقدت محكمة للتحكيم الدولي بهدف ترسيم الحدود بين الدولتين في مضيق ديكسون، إذ رسمت تلك المحكمة خطاً في المضيق يُعرف باسم الخط A-B ليكون جزءاً من اتفاقية حدود ألاسكا.
لكن حتى اليوم لا تتفق الدولتان على معنى ذلك الخط، إذ تعتبر كندا أن الخط A-B هو الحدود البحرية الدولية بين الدولتين في المنطقة.
وفي عام 1977 رسمت الولايات المتحدة حداً بحرياً في المنطقة من تلقاء نفسها، وذلك الخط يتقاطع مع الخط A-B وينتج عن تقاطعهما أربع مناطق: اثنتان في الشمال واثنتان في الجنوب، وتُطالب كلتا الدولتين بالمنطقتين الشماليتين، بينما لا تُطالب أيهما بالمنطقتين الجنوبيتين.
وترجع أهمية ذلك النزاع الحدودي اليوم لحقيقة أن مياه مدخل ديكسون تعج بأسماك السلمون بالغة الأهمية لصناعة الصيد في كلتا الدولتين.
نزاع الممر الشمالي الغربي
الممر الشمالي الغربي هو ممر بحري يصل المحيط الأطلسي شرقاً بالمحيط الهادي غرباً، عبر المحيط المتجمد الشمالي، ويقع في المياه الإقليمية الكندية المقابلة لمدينة نونافوت وإقليم الشمال الغربي.
ولا يوجد خلاف على أراضي المنطقة، لكن الخلاف يدور حول مياه الممر، إذ تعتبر كندا أغلب مياه الممر جزءاً من مياهها الإقليمية، وبالتحديد المياه التي تضم أرخبيل القطب الشمالي.
غير أن الولايات المتحدة تعتبرها مياهاً دوليةً، بمعنى أنها لا يجب أن تخضع حصراً لسلطة دولة بعينها.
أما أهمية الخلاف ترجع إلى أن الممر الغربي يُمكن أن يكون حلقة وصل بين المحيطين الأطلسي والهادي، خصوصاً في حقبة التغير المناخي.
نزاع بحر بيوفورت
يتجاوز بحر بيوفورت المياه الإقليمية للولايات المتحدة وكندا، ويقع شمال ولاية ألاسكا الأمريكية وإقليمين كنديين هما إقليم يوكون والإقليم الشمالي الغربي.
يدور النزاع الحدودي بين الولايات المتحدة وكندا حول المكان الذي يجب أن تقع فيه الحدود البحرية الدولية بين إقليم يوكون وألاسكا.
ويعود سبب الخلاف إلى الثروات الطبيعية التي تعج بها المنطقة، وصحيح أن البحر يغطيه الجليد معظم أوقات السنة، لكن تغير المناخ تسبب في ذوبان كبير للجليد في البحر الذي يعج باحتياطيات ضخمة من النفط والغاز، بالإضافة إلى الثروة السمكية العملاقة التي يضمها.
نزاع مضيق خوان دي فوكا
يربط مضيق خوان دي فوكا بحر ساليش في الشرق بالمحيط الهادي في الغرب، ويبلغ طوله حوالي 154.5 كم، ويقع بين جزيرة فانكوفر في كندا وولاية واشنطن في الولايات المتحدة.
والخلاف بين البلدين يدور حول الحدود البحرية التي يبلغ طولها 320 كيلومتراً.
نزاع جزيرة ماشياس سيل
تقع جزيرة ماشياس سيل في خليج مين في المحيط الأطلسي، وعلى بعد نحو 16 كم جنوب شرق مدينة كاتلر بولاية مين الأمريكية، وهي جزيرة صخرية صغيرة طولها 550 متراً، وعرضها 250 متراً.
وترجع أهمية الجزيرة للثروة الضخمة من الأسماك والكركند التي تضمها المياه المحيطة بها.