تسببت الأمطار الغزيرة التي شهدتها العديد من دول العالم خلال الأسابيع الماضية في تشكيل فيضانات مدمرة أدت لمقتل عشرات الأشخاص وأيضاً قطع الكهرباء والاتصالات عن مناطق سكنية بأكملها، ما أدى إلى رفع حالة التأهب القصوى في بعض الدول.
في حين نشرت وكالة الفضاء الأمريكيّة Nasa دراسة حذرت خلالها من أنّ ظاهرة القمر المتذبذب قد تؤدي إلى فيضانات لم تشهد الأرض مثيلاً لها.
ما هي ظاهرة القمر المتذبذب؟
تذبذب القمر ليس شيئاً جديداً وإنما ظاهرة عرفها البشر منذ القدم، وهي حالة تقوم برفع مستويات سطح البحر والمساهمة مع عوامل المناخ الأخرى في التسبب بالفيضانات، وفقاً لما ذكرته صحيفة New York Times الأمريكية.
وتحدث ظاهرة القمر المتذبذب عندما تتغير زاوية القمر بالنسبة إلى خط الاستواء الأرضي بسبب دوران محوره المائل بنحو 5 درجات عن مستوى مداره حول الأرض، فيحدث ما يسمى الدورة العقدية التي تمتد على مدار 18.6 عام.
وتؤثر هذه الدورة على حركة المد والجزر في كوكبنا، ففي النصف الأول منها تعمل على جعل المد المرتفع منخفضاً، أما الجزر فتجعله مرتفعاً، في حين أنّ النصف الثاني منها يجعل المد والجزر أضخم من ذي قبل.
ما علاقة ظاهرة القمر المتذبذب بالفيضانات في العالم؟
ووفقاً لتقرير نشرته وكالة ناسا الأمريكيّة في مجلة Nature Climate Change، فإنَّ سبب زيادة الفيضانات في العالم يعود جزئياً إلى ظاهرة تذبذب القمر، التي يتوقع أن تؤدي إلى مزيد من الفيضانات هنا على الأرض، وأن تلحق أضراراً كبيرة بالبنية التحتية وإجلاء تجمعات سكانية.
وبما أننا حالياً في الجزء الأخير من ظاهرة تذبذب القمر فقد خلصت الدراسة إلى أنّ العالم سيشهد فيضانات أكبر من تلك التي نشهدها اليوم خلال العقد المقبل.
من جهته، قال أحد القائمين على الدراسة الباحث في كلية العلوم البحرية بجامعة جنوب فلوريدا جاري ميتشوم: "إنّ ما يحدث في العالم حالياً يشبه شخصاً يقوم برفرفة ذراعيه داخل حوض استحمام، الأمر الذي قد لا يتسبب بفيضان المياه بشكل فوري، ولكنّ احتمالية ذلك الفيضان ستكون أكبر عند إضافة المياه للحوض".
وأوضح وفقاً لصحيفة Washington Post أنَّ الموجة الصغيرة هي المد وكمية المياه في حوض الاستحمام في ارتفاع سطح البحر، ورغم أنّ الاثنين غير مرتبطين على الإطلاق، فإن الجمع بينهما يعني أنك معرض لفيضان ضخم.
تذبذب القمر لم يبدأ لكننا بدأنا الشعور بتأثيراته
من جهته قال ويليام سويت، عالم المحيطات في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، إنّه عندما تبدأ تغييرات الدورة العقدية القمرية سنشهد فيضانات ضخمة، ومع ذلك فإننا بدأنا الآن نشعر ببعض التأثيرات بالفعل.
وأضاف أنّ ذلك يحدث بالفعل الآن، ومن المرجح أن يستمر الوضع في التدهور مع مرور الوقت.
ما الذي يمكن فعله لتجنب الخسائر؟
وفقاً لتقرير الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي NOAA، فإنَّ الزيادات الطفيفة في نسبة الفيضانات السنوية الناتجة عن ارتفاع المد في طريقها للاستمرار.
وأضاف التقرير أنه يتوقع أن يبلغ عدد أيام الفيضانات بحلول 2030 من 7 إلى 15 يوماً في السنة، أما بعد عقدين من الزمن فيتوقع أن تصل إلى ما متوسطه 25 إلى 75 يوماً من الفيضانات سنوياً.
في حين يرى بن هاملينغتون، رئيس فريق تغيير مستوى سطح البحر في ناسا، أنه لا يمكن فعل الكثير خلال السنوات القليلة المقبلة، لكن رغم ذلك هناك بعض الإجراءات التي يجب اتخاذها للتخفيف من حدة الفيضانات مثل محاولة الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري والحفاظ على ارتفاع مستوى سطح البحر.
يذكر أنّ عشرات الأشخاص توفوا منذ مطلع يوليو/تموز 2021 بسبب موجات أمطار غزيرة تسببت بالعديد من الفيضانات المدمرة، لاسيما في ألمانيا التي اعتبرتها الكارثة الطبيعية الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، وأيضاً بلجيكا وهولندا والصين وتركيا.