ليست الوحيدة لكنها أشهرها.. تعرَّف على 7 أشكال أخرى من الحكم مختلفة عن “الديمقراطية”

هناك أنظمة حكم أخرى غير الديموقراطية، لكنّ الديموقراطية هي أفضل نظام حتى الآن

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/13 الساعة 14:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/13 الساعة 14:35 بتوقيت غرينتش
الديمقراطية تتراجع حول العالم - تعبيرية/IStock

عادة ما يُطلق على الحكومات أو أنظمة الحكم أنّها "ديكتاتورية" أو "ديمقراطية"، وغيرها من المسميات والمصطلحات. ورغم أنّ هذه المصطلحات ليست ثابتة، إذ إنّها تطوّرت عبر الزمن والأحداث والأماكن المختلفة، فإنّها ظلّت بنفس المعنى العام.

كما ينظر الكثير من الناس إلى النطاق السياسي الذي يتراوح من الحكومات الشيوعية في أقصى اليسار إلى الحكومات الفاشية في أقصى اليمين وغيرها من تصنيفات لأنظمة الحكم طبقاً لميولهم السياسية. إلا أنّ علم السياسة ينظر إلى أنظمة الحكم تلك على أنها أكثر تنوعاً مما نتصور طبقاً لمحددات ثابتة تحدد شكل نظام الحكم بعيداً عن التحيزات السياسية والفكرية. 

في هذا الإطار، سنرى أن الكثير من أنظمة الحكم في الدول ليست إلا مجموعة متداخلة ومتشابكة من هذه المفاهيم المختلفة، وبكلمات أخرى؛ فهناك أنواع كثيرة مختلفة للحكم يمكن أن تتبع الدولة نفسها أكثر من واحدة أو تُصنف بأكثر من نوع، وفي هذا التقرير نقدم إليك سبعة أنظمة حكم.

الكريتوقراطية.. حكم القضاة

تُعرف الكريتوقراطية على أنها نظام حكم يسود فيه القضاة، أي يتولون فيه زمام الحكم، إذ إن المصطلح في الأصل كلمة يونانية تنقسم إلى قسمين: "Kritís" وتعني "حكم"، واللاحقة "arch-" تعني "قاضٍ"، لذا فإن "kritarchy" تعني "حكم القضاة".

في نظام الكريتوقراطية، تزداد قوة القضاة بشكلٍ كبير مقارنةً بالقضاة التقليديين في باقي الدول الأخرى، ويُعد مفهوم "سيادة القانون" في الدول الكريتوقراطية، هو حكم القضاة وتحكمهم في القرارات الاستراتيجية. 

ووفقاً لقاموس أوكسفورد، فإن الكريتوقراطية هي نظام سياسي تكون فيه العدالة هي المبدأ الحاكم، وفي حين يرى بعض الخبراء أن الكريتوقراطية في الأساس نظام اجتماعي وقانوني، يعتبره البعض الآخر نظاماً سياسياً.

لا يُعرف على وجه التحديد نظاماً احتل فيه القضاة سُدَّة الحكم ويقتصر عليهم، إلا أن ورقة بحثية من جامعة بنسلفانيا ذكرت أنه في أيرلندا القديمة – ما قبل الميلاد – وحتى القرن الثالث عشر كان يقوم الحكم فيها على قانون بريون وهو ما احتل بموجبه القضاة السلطة. 

الديمقراطية
المحكمة العليا الأمريكية /IStock

أما في الوقت الحالي فتتمتّع الدول الديموقراطية بسلطة قضائية قوية، ما يجعلها تتَّسم ببعض ملامح النظام الكريتوقراطي، إلا أن السلطة التنفيذية المنتخبة بكل تأكيد تظل هي الحاكم الفعلي. 

ومثالاً على ذلك؛ فقد اُعتبر قرار لجنة الانتخابات الفيدرالية في الولايات المتحدة في عام 2010 الذي قضى بعدم أحقية الحكومة تقييد النفقات المستقلة للحملات السياسية من قبل الشركات نموذجاً على دور وسلطة المحكمة العليا الكبير في السياسة الأمريكية.

 البلوتوقراطية: سلطة الثراء 

على مر التاريخ، تمكّن رواد الدول البلوتوقراطية داخل المجتمعات من اكتساب السيطرة والاحتفاظ بها من خلال المظاهر الفاخرة والتنافسية للثروة التي كانت لديهم.

كانت قرطاج، في تونس حالياً، مثالاً لنظام البلوتوقراطية القديمة؛ إذ كان ملوك قرطاج الأوائل قادة عسكريين، وكان التاج – أي الحكم – يكون لمن يدفع أكثر.

لذا فالبلوتوقراطية هي شكل من أشكال الحكم، تكون فيها الطبقة الحاكمة مميزة بالثراء، إلا أن المصطلح أصبح يُستخدم في الوقت الحالي للدلالة على خضوع العملية السياسية للتمييز والسماح – عن قصد أو غير قصد – للأثرياء بالسيطرة على معظم الجوانب السياسية والاقتصادية في المجتمع. 

فعادةً ما يُطبَّق حكم البلوتوقراطية إما بشكلٍ مباشر عن طريق سنّ سياسات اقتصادية مفيدة للأثرياء، مثل الإعفاءات الضريبية للاستثمار، أو بشكلٍ غير مباشر من خلال جعل الموارد الاجتماعية الحيوية مثل التعليم والرعاية الصحية في متناول الأثرياء أكثر من الفئات الأكثر فقراً. 

يرى الخبراء أنّ حكم البلوتوقراطية في العالم اليوم أصبح موجوداً في العديد من الحكومات، ومن المرجح أن تُصِبح سمةً دائمة في أنظمة الحكم التي لا تسمح بإجراء انتخابات حرة منتظمة مثل الأنظمة السلطوية.

وبحسب تقرير نشرته نيويورك تايمز؛ فإنّ روسيا لديها أعلى مستوى من عدم المساواة في الثروة في العالم، ووفقاً لتقرير صادر عن Credit Suisse في عام 2013؛ فقد سُجِّل أن الانفجار في الثروة في الطبقات الثرية في روسيا  أدى إلى أعلى مستوى من عدم المساواة في الدخل بين المواطنين؛ إذ يمتلك 110 شخص فقط 35٪ من ثروة البلاد والتي يُقدر عدد سكانها بحوالي 144.5 مليون نسمة وذلك في عام 2019.

الغيرونتوقراطية وقيادة الشيوخ

بعدما نالت معظم المستعمرات الإفريقية استقلالها عن الحكم البريطاني والفرنسي، سرعان ما سادت الاضطرابات والفوضى في معظم البلدان الإفريقية وظهر في بعضها ما يسمّى "الآباء المؤسسون"؛ وهم من اعتبروا مؤسسي الدول المستقلة، وهكذا جعلوا أنفسهم فوق القانون في محاولةٍ للاحتفاظ بالسلطة.

وُلدت تلقائياً وفي ظروف كتلك ثقافة استثنت الشباب الإفريقي من المشاركة النشطة في السياسة، ونتج عن هذا نظام حكم يحتفظ بالسياسيين "كبار السن" قادةً بشكلٍ دائم، كآباء للشعب، ما يعطي الحكم سمة تتسم بالوصايا على حقوق الشعب. 

تُعرف الغيرونتوقراطية باعتبارها شكلاً من أشكال حكم الأقلية الذي تكون السلطة فيها من قِبَل قادة هم أكبر سناً بكثير من معظم السكان البالغين. 

وفي العديد من الهياكل السياسية، عادة ما تتراكم السلطة داخل الطبقة الحاكمة مع تقدُّم العمر، مما يجعل الأكبر سناً هو صاحب أكبر سلطة. وكتعريفٍ مبسّط، فالغيرونتوقراطية هي نظام حكم تكون فيه القيادة محجوزة بشكلٍ كامل للشيوخ.

وفي دراسة بحثية عن سمة الحكم الغيرونتوقراطي في إفريقيا، رصدت الدراسة وضع أغلب الحكام الأفارقة في السنين الأخيرة، وذكرت أن الوضع مؤخراً في القارة لا يقدم الكثير من الأمل بإشراك الشباب سياسياً.

ومن بعض ما رصدته الدراسة البحثية انتخاب الرئيس "محمد بخاري" رئيساً لنيجيريا في عام 2015 فى سن 73، كما كان رئيس غانا "نانا أكوفو أدو" يبلغ من العمر 73 عاماً أيضاً وقت انتخابه في عام 2017، كذلك انتُخب رئيس ملاوي "بيتر موثاريكا" في عام 2014 وكان يبلغ من العمر 74 عاماً، وأعيد انتخاب رئيس جنوب إفريقيا "جاكوب زوما" للمرة الثانية في عام 2014 وكان يبلغ من العمر 70 عاماً.

أنظمة الحكم
الرئيس الجنوب أفريقي السابق جاكوب زوما/ wikimedia.commons

الأنوقراطية.. المرحلة الانتقالية من الاستبداد والديمقراطية

الأنوقراطية مصطلح يستخدم لوصف نوع النظام الذي يتميز بصفاتٍ متأصلة في عدم الاستقرار السياسي وعدم الفاعلية في الحكم بالإضافة إلى "مزيجٍ غير متماسك من السمات والممارسات الديمقراطية والاستبدادية". 

هذه الأنواع من الأنظمة معرّضة بشكل خاص لتفشي النزاع المسلّح والتغييرات غير المتوقعة أو المعاكسة، وعلى الرغم من استخدامها الشائع، تفتقر الأنوقراطية إلى تعريفٍ دقيق.

تُعَرَّف الأنوقراطية بشكل عام على أنها خليط من ديمقراطية جزئية وديكتاتورية جزئية. وهناك تعريف آخر يصنف الأنوقراطية على أنها "نظام يسمح ببعض وسائل المشاركة من خلال سلوك المعارضة، ولكن لديه تطور غير مكتمل لآليات معالجة الفساد السياسي".

بسبب طبيعة الأنوقراطية غير الواضحة وبسبب طبيعتها المزدوجة، لا نستطيع الجزم ما إذا كانت دولةٌ ما تعيش في طور الأنوقراطية، إلا أنّ الدراسات تُظهر أن يوغوسلافيا تاريخياً كانت أحد النماذج على الأنوقراطية.

كانت يوغوسلافيا دولة كبيرة في أوروبا الشرقية في النصف الأخير من القرن العشرين، لكن مع حلول التسعينات تصاعدت التوترات بين المجموعات العرقية المختلفة في يوغوسلافيا؛ بما في ذلك الكروات والصرب والألبان والبوسنيون والمقدونيون وغيرهم، وتفتت الدولة لدولٍ منفصلة جديدة شُكلت بعد حروبٍ عدة كلّفتهم العديد من الأرواح، ليصبحوا عِدَّة دول؛ هي: البوسنة والهرسك، كرواتيا، كوسوفو، مقدونيا، الجبل الأسود، صربيا، وسلوفينيا. 

وبذلك، كانت التوترات في يوغوسلافيا، والانتخابات المتنازع عليها، وسخط الجماعات العرقية السياسية المتباينة؛ هي العوامل الرئيسية التي جعلت من يوغوسلافيا السابقة أنوقراطية، كما أن الركود السياسي وسيطرة الجيش على القرارات الاستراتيجية أثناء الحروب الأهلية كان له عامل كبير أيضاً في تنامي الأنوقراطية في البلاد. 

ولطبيعة الحكم المزدوج الذي تتصف به الأنوقراطية؛ عادة ما تُذكر الأنظمة الأنوقراطية في أدبيات التحوُّل الديمقراطي باعتبارها أنظمة مرشحلة للانتقال بنجاحٍ إلى الديمقراطية من خلال الأنوقراطية، وهو ما قد يجعل الأنوقراطية تُعتَبَر المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد من طور الاستبدادية إلى طور الديمقراطية. 

التكنوقراطية.. الحكم المعتمد على المهنية

في معظم الحكومات في جميع أنحاء العالم، يتم اختيار التكنوقراط – الكفاءات غير المؤدلجين – لرئاسة الإدارات الخدميّة الرئيسية التي تتطلَّب مهارات وخبراء متخصصين، إلا أن نظام الحكم التكنوقراطي يجعل التكنوقراط في سُدَّة الحكم كمصلحين للأوضاع الاقتصادية وقادةً للتنمية. 

على سبيل المثال، تعتمد البنية التحتية للمُدُن بشكلٍ كبير على خبرة المهنيين مثل المهندسين المعماريين والمتخصصين في المساحة الذين يقومون بتصميم وتخطيط وبناء مراكز المدن الرئيسية، وفي الأنظمة التكنوقراطية يصل هؤلاء لكرسي الحكم.

بناءً على هذا المفهوم للتكنوقراطية؛ ينظر البعض إلى الاتحاد السوفييتي على أنه كَوَّن حكومة تكنوقراطية، وذلك بسبب العدد الكبير من المهندسين الذين تم جلبهم إلى الحزب الشيوعي وتمت ترقيتهم بسرعة خلال فترة التصنيع في الثلاثينيات، إلا أن الأيديولوجية السياسية الشيوعية واشتراط الولاء لها كانت بلا شك هي الخط الرئيسي في سياسة حكم الاتحاد السوفييتي، وهو ما قد نافى بشكلٍ واضح سِمَة التكنوقراطية عن حكومات الاتحاد السوفييتي المتعاقبة.

تُعرف التكنوقراطية على أنها نظام حكم يتبلور حول أن يكون اختيار صانعي القرار بناءً على خبراتهم في مجالٍ مُعيَّن، ويعتمد هذا النظام بالأساس على مهارات وقدرة الأفراد على الإنجاز بدلاً من انتماءاتهم السياسية والحزبية، إذ يتبع التكنوقراط نهجاً قائماً على البيانات والأبحاث لحل المشكلات، إذ تقوم سياسة الحكومة على يد فنيين يسترشدون بحلول علمية وتكنولوجية. 

ظهر مصطلح "التكنوقراطية" المشتق من الكلمة اليونانية "tekhne" التي تعنى "المهارة"،  إلى الصدارة في الولايات المتحدة عندما شكل المهندس هوارد سكوت مجموعة من المهندسين في عام 1919؛ اقترحوا شكلاً جديداً للإدارة والتحكم في الاقتصاد كرد فعل على الكساد الكبير، إذ كان يُعتقد آنذاك أن المهنيين ذوي المهارات العالية مثل العلماء والمهندسين هم أفضل من يتعامل مع المشكلات الاقتصادية من السياسيين الذين يتم انتخابهم لشغل مناصب بناءً على شعبيتهم وأدائهم في الحملات الانتخابية.

الأستراتوقراطية والدكتاتورية 

تُعرّف الأستراتوقراطية على أنّها نظام الحكم الذي يترأسه قادة الجيش بشكل دستوري قانوني، وتختلف عن الديكتاتورية العسكرية بأنّ قادة الجيش يتولون السلطة بسلطة القانون، والتي تُنفذ في الدول التي تتبع التقاليد العسكرية في حكمها. 

يكون لقادة الجيش في هذه الدول الحقّ في الانتخاب أو الحكم، وليس من الضروري أن تكون تلك الدول استبدادية. إلا أن الخبراء يرون أن الواقع اليوم؛ تقترب فيه الأستراتوقراطية لتصبح ديكتاتورية عسكرية لعدم وجود نموذج مثالى يطبق نظام الحكم هذا.

وفي تقرير صادر عن صحيفة Aspenia online، قدَّرت الصحيفة أن التغيرات السياسية التي حدثت في مصر بعد الربيع العربي وما اّلت إليه بعد أحداث 30 يونيو/حزيران عام 2013، تجعلها تقترب من  "الأستراتوقراطية"، إذ ترى أن السيسي أصبح مهيمناً على مفاصل الدولة المصرية. ويوضح التقرير احتمالية تحويل السيسي نظام الحكم إلى ما يُسمى "الأستراتوقراطية"، إذ سيمكّنه وضعه من فتح حكمٍ دائم يفرض العسكريين حكاماً وحيدين للبلاد.

النووقراطية ونفوذ العقل!

كانت إحدى أولى المحاولات لتطبيق النووقراطية هي "مدينة الحكماء" لفيثاغورس التي خطط لبنائها في إيطاليا مع أتباعه. 

فكما تمنى أفلاطون أن تصبح النووقراطية النظام السياسي المستقبلي للجنس البشري بأكمله، لتحل محل الديمقراطية (سلطة الجماهير)، التي يراها غوغائية، وكذلك أشكال الحكم الأخرى.

فالنوقراطية أو "أرستقراطية الحكماء" هي كما عرّفها أفلاطون نظام الحكم الذي يتولى الفلاسفة عملية صنع القرار فيه، وطُورت النظرية بعدها على يد العديد من المفكرين والفلاسفة. 

الكلمة نفسها مشتقة من اليونانية kratos وتعني "السلطة" أو "القوة" والثانية noos وتعني "العقل" أي سلطة العقل. لذلك تُعرف على أنها نظام اجتماعي وسياسي "يقوم على أولوية العقل البشري" أي أن أصحاب العقول الناضجة هم من يستحقون السلطة، إلا أن التاريخ والحاضر لم يشهدا نموذجاً مطبقاً على الأرض يجسد النووقراطية، فهل قد يحمل المستقبل تحقيقاً لأمنية أفلاطون؟ 

تحميل المزيد