في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 1918، قبل التصديق على التعديل الثامن عشر، أقر الكونغرس الأمريكي قانون حظر الكحول زمن الحرب المؤقت، الذي حظر بيع المشروبات الكحولية التي تحتوي على نسبة كحول تزيد عن 1.28%.
استغرق الأمر عامين قبل أن يدخل حيز التنفيذ وتبدأ عناصر الشرطة بمداهمة ومصادرة جميع المشروبات وتلفها.
كان الحظر ناجحاً في تقليل كمية المشروبات الكحولية المستهلكة، ومعدلات الوفاة بتليف الكبد، ودخول المستشفيات العقلية الحكومية بسبب الذهان الكحولي، والاعتقالات بسبب السكر العام، ومعدلات التغيب عن العمل.
إلا أنه في المقابل حفز انتشار النشاط الإجرامي المنظم وعمل المافيات السوق السوداء، فتحولت شيكاغر مرتعاً لهذه الأعمال غير القانونية، ناهيك عن عصابات نيويورك.
وفي 22 مارس/آذار 1933، وقع الرئيس فرانكلين روزفلت على قانون كولين-هاريسون ليضفي الشرعية على البيرة التي تحتوي على نسبة كحول تبلغ 3.2% ونبيذ يحتوي على نسبة منخفضة من الكحول.
في 5 ديسمبر/كانون الأول 1933، ألغى التصديق على التعديل الحادي والعشرين التعديل الثامن عشر. ومع ذلك لا يزال القانون الفيدرالي للولايات المتحدة يحظر تصنيع المشروبات الكحولية المقطرة دون تلبية العديد من متطلبات الترخيص التي تجعل إنتاج المشروبات الروحية لاستخدام المشروبات الشخصية أمراً صعباً للغاية.
لماذا حظرت أمريكا الكحول؟
ساعدت الضوابط الاجتماعية غير الرسمية في المنزل والمجتمع في الحفاظ على الاعتقاد السائد بأن تعاطي الكحول أمر غير مقبول. إذ "تمت إدانة السكر ومعاقبته، ولكن فقط كإساءة لعطية وهبها الله".
لم يُنظر إلى الشراب نفسه على أنه مذنب، فالإفراط كان تصرفاً طائشاً شخصياً، وعندما فشلت الضوابط غير الرسمية، حضرت العواقب قانونية.
ولكن بعد فترة وجيزة من حصول الولايات المتحدة على الاستقلال، حدث تمرد الويسكي في غرب ولاية بنسلفانيا احتجاجاً على الضرائب التي فرضتها الحكومة على الويسكي، بحسب ما نشر موقع History.
على الرغم من أن الضرائب كانت تُفرض في المقام الأول للمساعدة في سداد الديون الوطنية، إلا أنها تلقت أيضاً دعماً من بعض الإصلاحيين الاجتماعيين، الذين كانوا يأملون في أن تؤدي "ضريبة الخطيئة" إلى زيادة الوعي العام بالآثار الضارة للكحول.
ولكن تم إلغاء ضريبة الويسكي بعدما وصل الحزب الديمقراطي الجمهوري برئاسة توماس جيفرسون للحكم العام 1800.
ساعدت جمعية الاعتدال الأمريكية (ATS)، التي تشكلت عام 1826، في بدء أول حركة اعتدال وعملت كأساس للعديد من المجموعات اللاحقة التي ستنشط على عقود داعية لحظر الكحول.
بحلول عام 1835، وصل عدد أعضاء ATS إلى 1.5 مليون عضو، وشكل النساء 35% إلى 60% من فروعها.
استمر الحراك الداعي إلى حظر الكحول- المعروف أيضاً باسم الحملة الصليبية الجافة – في أربعينيات القرن التاسع عشر، بقيادة الطوائف الدينية، وخاصة الميثوديون حتى تم سنه في تعديل دستوري العام 1920.
استمر الحظر حتى عام 1933، وبسبب صعوبة تنفيذ القرار للطبيعة الجغرافية الشاسعة للولايات المتحدة والموارد البشرية القليلة، تم إلغاء التعديل 18 بالتعديل الدستوري الحادي والعشرين، لكنه منح الولايات حق منع الكحول.
كان الحظر في أوائل القرن العشرين مدفوعاً في الغالب من قبل الطوائف البروتستانتية في جنوب الولايات المتحدة، وهي منطقة تهيمن عليها البروتستانتية الإنجيلية المحافظة اجتماعياً مع حضور كبير للكنيسة المسيحية.
تأثير قانون حظر الكحول
وفقاً لبحث أكاديمي أجري عام 2010 حول تداعيات قانون حظر الكحول فإن الحظر أدى إلى تقليل استهلاك الفرد للكحول والضرر المرتبط بالكحول، ولكن هذه الفوائد تآكلت بمرور الوقت مع تطور السوق السوداء المنظمة.
وبينت إحدى الدراسات التي استعرضت الاعتقالات في حالة السكر على مستوى المدينة أن الحظر كان له تأثير فوري، ولكن بلا تأثير طويل المدى.
ووجدت دراسة أخرى تناولت "إحصاءات الوفيات والصحة العقلية والجريمة" أن استهلاك الكحول انخفض في البداية إلى حوالي 30% من مستوى ما قبل الحظر؛ ولكن على مدى السنوات العديدة التالية، ارتفع إلى حوالي 60-70% من مستوى ما قبل الحظر.
أما فيما يتعلق بالتداعيات الاقتصادية، فتبين أن حظر الكحول أثر سلباً على الاقتصاد الأمريكي متسببا بخسارة 226 مليون دولار من عوائد ضريبية.
ولم تصِب توقعات مؤيدي القرار أن يقبل الناس على العصائر والمشروبات غير الكحولية.
هل حظرت دول أخرى الكحول؟
شهد النصف الأول من القرن العشرين فترات حظر المشروبات الكحولية في العديد من البلدان:
من 1907 إلى 1948 في جزيرة الأمير إدوارد بكندا.
من 1907 إلى 1992 في جزر فارو.
من عام 1914 حتى عام 1925 في الإمبراطورية الروسية والاتحاد السوفييتي.
من عام 1915 حتى عام 1933 في آيسلندا (كانت البيرة لا تزال محظورة حتى عام 1989).
من عام 1916 إلى عام 1927 في النرويج.
من عام 1919 حتى عام 1932 في فنلندا.
من 1920 إلى 1933 في الولايات المتحدة.