محطات مأساوية عديدة مرَّ بها الشعب اللبناني مُنذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية في العام 1990، فبعد 15 عاماً من الحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين، لم ينعم اللبنانيون بالراحة، وعانوا على مدى السنوات الماضية من العديد من الاشتباكات والاغتيالات والتفجيرات.
أحداث مأساوية يعيشها لبنان اليوم
من اغتيال ضابط المخابرات اللبناني إيلي حبيقة، ورئيس الوزراء رفيق الحريري، إلى الاجتياح الإسرائيلي واشتباكات الأحزاب فيما بينها في أحداث 7 أيار (مايو)، نستعرض أبرز الأحداث المأساوية التي عاشتها بيروت منذ أن وضعت الحرب الأهلية أوزارها.
اغتيال إيلي حبيقة (2002)
في 24 يناير/كانون الثاني 2002، انفجرت سيارة ضابط المخابرات اللبناني إيلي حبيقة الذي كان أيضاً وزيراً وبرلمانياً سابقاً في الحكومة اللبنانية أمام منزله في منطقة الحازميّة في بيروت الشرقية، ما أدى إلى مقتله إضافة لثلاثة أشخاص كانوا برفقته.
كما أدى الانفجار لأضرار كبيرة في عدّة سيارات كانت في المنطقة، واندلاع حريق في المبنى الذي كان يقطنه ضابط المخابرات.
وجاء اغتياله حبيقة عقب عزمه الذهاب إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي للإدلاء بشهادته حول مجزرتي صبرا وشاتيلا 1982 التي وقعت إبان الاجتياح الإسرائيلي لبيروت بقيادة أرييل شارون.
ويتهم حبيقة بالمسؤولية عن ارتكاب المجزرتين عندما كان زعيم ميليشيا القوات اللبنانية المسيحية التي ارتكبت المجزرة بحق مئات الفلسطينيين القاطنين في المخيمين.
اغتيال رفيق الحريري (2005)
في يوم 14 فبراير/شباط 2005 اُغتيل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري أثناء مرور موكبه قرب فندق سان جورج في بيروت إثر انفجار شاحنة كانت مفخخة بنحو ألف كيلو من مادة TNT المتفجرة.
وتوفي أيضاً نحو 21 شخصاً بينهم حراس شخصيون للحريري ووزير الاقتصاد اللبناني السابق باسل فليحان، إضافة لعدّة مدنيين.
وبعد وفاته توجهت أصابع الاتهام لعناصر من حزب الله اللبناني وهم سليم عياش وحسن مرعي وأسد صبرا وحسين عنيسي، إلى جانب ضلوع النظام السوري في العملية، فتم تشكيل محكمة دولية خاصة لمعرفة الجهة التي وقفت وراء اغتياله، ولا تزال إلى الآن تعمل على إصدار الحكم.
اغتيال سمير قصير (2005)
شهدت منطقة الأشرفية ذات الأغلبية المسيحية وسط بيروت في 2 يونيو/حزيران 2005 اغتيال الصحفي اللبناني سمير قصير الذي كان يعمل حينها في صحيفة "النهار".
وتوفِّي قصير بمجرد تشغيله لسيارته أمام منزله بسبب زرع عبوة ناسفة فيها، فيما أصيبت امرأة كانت ترافقه بجروح.
لم تعرف الجهة التي كانت تقف وراء اغتياله، لكنه كان معروفاً بمواقفه المعارضة للوجود العسكري السوري في لبنان، وأيضاً معارضاً لسياسة الحكومة اللبنانية التي كان دائماً ما يصفها بـ"النظام البوليسي".
اغتيال جبران تويني (2005)
رغم أنه كان يستقل سيارة مصفحة، تعرض النائب اللبناني ورئيس مجلس إدارة صحيفة "النهار" جبران تويني للاغتيال رفقة 3 من مرافقيه في 12 ديسمبر/كانون الأول 2005 إثر تفجير سيارة مفخخة استهدفت موكبه أثناء مروره من منطقة المعامل الصناعية في ضاحية المكلس شرق بيروت.
وبعد ساعات من اغتياله نقلت وكالة "رويترز" بياناً قالت إنه وصلها من قبل جماعة غير معروفة سمَّت نفسها "المناضلين من أجل وحدة وحرية بلاد الشام" أعلنت فيه مسؤوليتها عن اغتياله.
وعُرف عن التويني معارضته للوجود السوري في لبنان، وأول شخصية إعلامية لبنانية ترسل خطاباً إلى بشار الأسد تدعوه فيها لسحب قوات بلاده من لبنان.
حرب يوليو/تموز (2006)
بعد أنّ شن عناصر حزب الله عملية أطلقوا عليها اسم "الوعد الصادق" وأسروا خلالها جنديين إسرائيليين قرب الحدود الجنوبية للبنان في 12 يوليو/تموز 2006، اقتحمت القوات الإسرائيليّة الجدار الحدودي، وفي اليوم التالي بدأت الغارات الجوية على عدّة مناطق جنوب وشمال بيروت، لا سيما مطار رفيق الحريري وعدّة مناطق أخرى ما أدى لمقتل وإصابة مئات المدنيين.
استمر القصف المتبادل والاشتباكات نحو 34 يوماً، حتى بدأ تطبيق قرار "وقف الأعمال العدائية" بين الطرفين والذي نص عليه قرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، في 14 أغسطس/آب.
اغتيال بيار أمين الجميّل (2006)
اغتال 3 مجهولين وزير الصناعة اللبناني حينها بيار أمين الجميّل إثر إطلاقهم النار على سيارته التي كانت تسير في منطقة الجديدة في ضاحية بيروت الجديدة، يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2006
وكان بيار الجميل من عائلة سياسية، إذا كان والده وعمه رئيسين لجمهورية لبنان وهما أمين الجميل وبشير الجميل، فيما كان جده بيار الجميّل مؤسس حزب الكتائب السياسي.
اغتيال أنطوان غانم (2007)
قُتل النائب في البرلمان اللبناني عن حزب الكتائب أنطوان غانم، إثر اغتياله بسيارة مفخخة استهدفت سيارته في منطقة سن الفيل في بيروت الشرقية، وذلك في 19 سبتمبر/أيلول 2007.
واتهمت قوى "14 آذار" النظام السوري بالوقوف وراء عملية اغتياله الذي جاء قُبيل أيام قليلة من بدء الانتخابات الرئاسية في لبنان.
اغتيال وسام عيد (2008)
أثناء توجهه للقاء أحد المحققين الدوليين في قضية اغتيال رئيس مجلس الوزراء السابق رفيق الحريري تم اغتيال الرائد وسام عيد باستهداف سيارته أثناء مرورها في منطقة الحازمية في بيروت الشرقية في 25 يناير/كانون الثاني 2008.
بعد اغتياله كشفت وسائل إعلام لبنانية أنّ عيد كان يعمل على تحليل بيانات الاتصالات المتعلقة بقضية اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، وبأنه اكتشف أرقام الهواتف التي تم استخدامها خلال العملية، وبالتالي وُجِّهت أصابع الاتهام للنظام السوري وحلفائه في لبنان.
أحداث 7 أيار (2008)
تعتبر أحداث 7 مايو/أيار 2008 من أخطر المعارك التي حصلت في بيروت منذ الحرب الأهلية اللبنانية، وكانت بين تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة، وحزب الله وحركة أمل والحزب السوري القومي الاجتماعي والحزب الديمقراطي اللبناني من جهة أخرى.
اندلعت تلك الاشتباكات بعد إصدار مجلس الوزراء اللبناني لقرارين؛ يقضي الأول بإقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي العميد وفيق شقير، فيما يأمر الثاني بمصادرة شبكة الاتصالات التابعة لحزب الله باعتبارها غير شرعية وغير قانونية وتشكل اعتداءً على سياسة الدولة والمال العام.
فاندلعت اشتباكات بين قوات حزب الله وأنصار تحالف "14 آذار" الذي يضم المستقبل والحزب التقدمي، واستمرت أسبوعاً كاملاً راح خلاله عشرات القتلى والجرحى.
قبل أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق في العاصمة القطرية الدوحة يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وانتخاب رئيس جديد للبلاد، وتطبيق قانون الانتخابات المقر عام 1960 مع بعض التعديلات.
اغتيال وسام الحسن (2012)
جاء اغتيال اللواء وسام الحسن، رئيس شعبة المعلومات التابعة للأمن الداخلي اللبناني، إثر تفجير سيارة مفخخة كانت محشوة بنحو 50 كيلوغراماً من المتفجرات أثناء مرور سيارته في شارع إبراهيم المنذر بالأشرفية في بيروت الشرقية يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 2012.
وتوفي في التفجير الحسن ومرافقه، و8 أشخاص كانوا في مبنى قديم ركنت عنده السيارة المفخخة، إضافة لإصابة نحو 80 مدنياً.
وتتعدد الأسباب التي تتحدث عن أسباب اغتياله، منها ما يقول إن السبب هو تمكنه خلال 4 سنوات من خدمته بترؤس شعبة المعلومات من اكتشاف أكثر من 30 شبكة تجسس تعمل لصالح إسرائيل، فيما تقول مصادر أخرى إن السبب الرئيسي هو اكتشافه أنّ الوزير السابق ميشال سماحة تلقى أسلحة وأموالاً من النظام السوري بغرض القيام بعمليات تهدف لزعزعة الاستقرار في لبنان.
تفجير السفارة الإيرانية (2013)
على عكس التفجيرات الأخرى التي كانت تتم غالباً عن طريق تفخيخ السيارات، كان حادث تفجير السفارة الإيرانية في بيروت 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، الأول من نوعه الذي يتم عن طريق شخصين انتحاريين.
وأدى التفجير المزدوج إلى مقتل 23 شخصاً بينهم دبلوماسي إيراني، إضافة إلى إصابة أكثر من 100 شخص، وقد تبنَّى التفجير كتائب تدعى "عبدالله عزام".
انفجار بئر حسن (2014)
هزَّ انفجاران ضخمان المستشارية الثقافية الإيرانية كانا ناتجين عن سيارتين مفخختين انفجرتا في منطقة بئر حسن بالضاحية الجنوبية لبيروت في 19 فبراير/شباط 2014.
وأدى التفجيران إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 100 آخرين بجروح، وفق ما ذكرته وزارة الصحة اللبنانية.
اشتباكات الجيش والمتظاهرين (2019-2020)
ومنذ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019 بدأت في لبنان سلسلة احتجاجات شعبية للاعتراض على القرارات الحكومية التي خططت لرفع الأسعار، خاصة البنزين والتبغ، كما كانت ستستحدث ضريبة جديدة على استخدام تطبيقات المكالمات الهاتفية على الإنترنت مثل واتس آب.
بدأت هذه الاحتجاجات بإغلاق الناشطين للشوارع المهمة التي تربط بين غرب وشرق بيروت، وتمددت لتصل إلى غالبية المدن اللبنانية.
وخلال هذه الاحتجاجات سقط نحو 7 مدنيين ونحو 50 جريحاً نتيجة اشتباكات اندلعت بين قوات الجيش والمدنيين قرب المؤسسات الحكومية.
في 4 أغسطس/آب عام 2020، اندلع انفجار هائل في مرفأ بيروت، أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة نحو 6 آلاف آخرين، ودمّر أحياء بأكملها في العاصمة.
وعزت تحقيقات للسلطات اللبنانية حول كارثة مرفأ بيروت إلى انفجار كميات هائلة من نترات الأمونيوم المخزنة، تُقدر بنحو 2750 طناً مخزنة منذ العام 2014، في المرفأ رقم 12، دون أي إجراءات وقائية.
أزمة اقتصادية خانقة (2021)
تسببت كارثة انفجار مرفأ بيروت التي تبعتها تداعيات تفشي فيروس كورونا في العالم إلى انهيار كبير في الاقتصاد اللبناني، بحيث بات يعيش أكثر من 50% من اللبنانيين تحت مستوى خط الفقر، كما ارتفعت أسعار المواد الأساسية إلى نحو 700%، تزامناً مع فقدان الليرة اللبنانية لأكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار، وذلك وفقاً لتقرير نشرته صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية.
وتسبب هذا الانهيار الاقتصادي في اندلاع مظاهرات متفرقة في البلاد، وفقدان المواد الأساسية للحياة اليومية مثل الخبز والسكر والوقود، مع تواصل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة.
أحداث 14 أكتوبر/تشرين الأول (2021)
اندلعت اشتباكات عنيفة في بيروت الخميس 14 أكتوبر/تشرين الأول 2021 بعد أن قام أشخاص مجهولون بإطلاق نار على مظاهرة لمؤيدين لجماعة "حزب الله" وحركة "أمل" في العاصمة اللبنانية بيروت كانوا ينددون بقرارات رفض عزل المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار.
وقتل حتى لحظة تحديث الخبر 3 أشخاص وأصيب مثلهم، فيما لم يُعرف على الفور مصدر إطلاق النار، في حين يسيطر التوتر على أحياء في العاصمة، مترافقاً مع انتشار عناصر من الجيش.