"كان لا بد من أن أنضم إلى المؤامرة، وأن أطمئن الرجال العرب، فالأفضل لنا أن نفوز بدلاً من أن نخسر، حتى وإن نكثنا بوعدنا"، هذا ما قاله "لورنس العرب" مبرِّراً خداعه لأصدقائه في الجزيرة العربية بعد أن وعدهم بأنهم سيحصلون على وطن حر مستقل فيما إذا وقفوا بصف بريطانيا ضد الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى.
لكن الحقيقة أن اتفاقية "سايكس بيكو" كانت ترسم آنذاك لتقسيم الوطن العربي بين فرنسا وبريطانيا بعد الحرب، ولم تكن وعود لورنس للعرب سوى وسيلة لإقناعهم بالوقوف في وجه العثمانيين.
عدا عن كونه ضابطاً بريطانياً محنكاً يتنقل مرتدياً الزي العربي كما صورته السينما الغربية، وعدا عن كونه نكث بوعوده لمن كانوا يحسبون أنهم أصدقاؤه، هناك العديد من الزوايا الأخرى المثيرة للاهتمام في حياة هذه الشخصية المثيرة للجدل، قد لا يعرفها الكثيرون منكم.
10 أمور لا تعرفها عن لورنس العرب
إليكم 10 معلومات قد لا تعرفونها حول حياة توماس إدوارد لورنس كما وردت في موقع History:
1- وُلِدَ خارج إطار الزواج، ولم يعرف هويته الحقيقية إلا بعد وفاة والده
ربما لا يعلم الكثيرون أن توماس لورنس يحمل اسم عائلة والدته عوضاً عن والده، لأنه جاء نتيجة علاقة غير شرعية بين سارة لورنس والأرستقراطي الأيرلندي توماس تشابمان الذي كانت سارة تعمل مربية لبناته الأربع.
حدث ذلك في عام 1879، عندما كانت والدة لورنس تبلغ من العمر 18 عاماً فقط، فبعد فترة من عملها في منزل الأرستقراطي تشابمان، نشأت علاقة بين الاثنين نتج عنها ابنهما توماس، الذي بقيت هوية والده سراً لفترة من الزمن.
لكن سرعان ما اكتُشِفَت الفضيحة، وترك تشابمان زوجته وانتقل إلى بريطانيا مع محبوبته الجديدة.
ورغم أنهما لم يتزوَّجا قط، قد تبنَّيا اسم عائلة سارة "لورنس" عوضاً عن اسم "تشابمان"، وتظاهرا بأنهما زوجان.
ولم يعرف توماس لورنس هوية والده الحقيقية إلا بعد وفاته في عام 1919.
2- "لورنس العرب" الحقيقي كان رجلاً قصير القامة
مع أن الممثل البريطاني بيتر أوتول، الذي يبلغ طوله 190.5 سم هو الذي لعب دور البطولة في فيلم "Lawrence of Arabia"، إلا أنه لم يكن شبيهاً على الإطلاق بلورنس الحقيقي.
إذ لم يتجاوز طول لورنس العرب الـ165 سم.
وربما كان قصر قامته ناتجاً عن التهاب الغدة النكافية الذي أصابه في طفولته.
3- سافر لأولِ مرة إلى الشرق الأوسط حين كان طالباً يدرس علم الآثار في أكسفورد
أمضى لورنس صيف عام 1909 مسافراً وحده عبر أرجاء سوريا وفلسطين لمسح القلاع الصليبية أثناء إعداده أطروحته الدراسية.
إذ سار على قدميه حوالي ألف ميل (1600 كيلومتر)، وأُطلِقَ عليه النار وسُرِقَ وتعرَّض لضربٍ مُبرِح. ورغم رحلته الشاقة، عاد بعد عامٍ من تخرُّجه إلى سوريا أثناء مشاركته في بعثةٍ استشكافيةٍ برعاية المتحف البريطاني.
وكان من شأن السنوات التي قضاها في المنطقة أن تُعمِّق معرفته باللغة العربية وتزيد من تقاربه مع العرب.
4- لم يحظَ بيومٍ واحدٍ من التدريب في ساحة المعركة
في عام 1914، عيَّنَ الجيش البريطاني لورنس في بعثةٍ استشكافية في صحراء النقب وشبه جزيرة سيناء، وقد كانت تلك الرحلة في الواقع غطاءً لمسحٍ عسكري سري للمنطقة التي يسيطر عليها العثمانيون.
وبمجرد أن اندلعت الحرب العالمية الأولى، انضمَّ لورنس إلى الجيش البريطاني بصفته ضابط استخباراتٍ في القاهرة.
شغل وظيفةً مكتبية لما يقرب من عامين قبل أن يُرسَل إلى الجزيرة العربية في عام 1916، وقد استطاع أن يحقق ما حققه في الجيش البريطاني دون حصوله على أي تدريبات عسكرية كسائر الضباط الآخرين.
5- فَقدَ لورنس شقيقين خدما أيضاً في الجيش في الحرب العالمية الأولى
لقي شقيقا لورنس الأصغر منه، فرانك وويل، حتفهما أثناء قتالهما على الجبهة الغربية، بفاصلٍ زمني يبلغ شهرين بين الأول والآخر.
وربما كان ذلك هو السبب الذي دفعه إلى ترك عمله الآمِن في القاهرة والمشاركة العسكرية في القتال وقت اندلاع الثورة العربية عام 1916.
6- لم يذع صيته إلا بعد الحرب
لم يحقق لورنس شهرة تُذكر إلا مع نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918.
غير أنه، حين انطلق مراسل الحرب الأمريكي لويل توماس في جولة محاضراتٍ في عام 1919 تحكي عن مهمته في الشرق الأوسط، قدم "لورنس العرب" على أنه بطل حرب ومن هنا ذاع صيته على الصعيد الدولي.
7- رَفَضَ وسام الفروسية
في 30 أكتوبر/تشرين الأول 1918، استدعى الملك جورج الخامس لورنس إلى قصر باكنغهام.
أمل لورنس أن ذلك اللقاء الخاص سيناقش حدود الجزيرة العربية المستقلة، لكن في المقابل رغب الملك في تقليده وسام الفروسية.
واعتقاداً منه أن الحكومة البريطانية خانت العرب بتخلِّيها عن وعد الاستقلال، أخبر لورنس الملك بهدوء أنه يرفض هذا الشرف، قبل أن يدير ظهره ويخرج من القصر.
8- عمل لورنس لدى ونستون تشرشل
في 1921، أصبح تشرشل، الذي صار لاحقاً رئيساً للوزراء، وزيراً للمستعمرات، وعيَّنَ لورنس مستشاراً لشؤون العرب.
وما قد لا يعرفه البعض أن الاثنين كان صديقين مقربين.
9- بعد الحرب العالمية الأولى أُعيدَ تجنيده تحت أسماءٍ مُستعارة
بعدما أكمل خدمته الدبلوماسية لدى تشرشل، عاد لورنس إلى الجيش في عام 1922 بعد أن أُعيدَ تجنيده في سلاح الجو الملكي.
لكن في محاولةٍ لتجنُّب وهج الشهرة، فقد دَخَلَ الجيش مرةً أخرى باسمٍ مُستعار، وهو جون هوم روس.
وبعد أشهرٍ تالية، كشفت الصحافة سره، وخرج من سلاح الجو.
أُعيدَ تجنيده بعد ذلك كعريفٍ في فرقة الدبابات الملكية، لكن تحت اسمٍ مُستعار آخر، وهو توماس إدوارد شو، وهو إشارة إلى صديقه الكاتب الأيرلندي الشهير جورج برنارد شو.
ونشر لورنس لاحقاً ترجمةً إنجليزية لملحمة "الأوديسة" لهوميروس تحت اسم توماس إدوارد شو، وحافظ على هذا الاسم المُستعار حتى وفاته.
10- تُوفِّيَ لورنس في حادث درَّاجة نارية
كان لورنس مُحِباً لقيادة الدرَّاجات النارية، وقد امتلك سبعة درَّاجات نارية من طراز Brough Superiors.
وفي صباح يوم 13 مايو/أيَّار 1935، أسرع لورنس بإحدى درَّاجاته النارية، وكانت من طراز Brough Superior SS100، في الريف الإنجليزي، وفجأةً رأى صبيَّين على درَّاجةٍ هوائية في طريقه الريفي الضيِّق، وانحرف لمفاداتهم.
إلا أن إحدى عجلتيّ درَّاجته النارية انفصلت عن الدرَّاجة، وارتطم رأسه بالمقود.
لم يتعافَ لورنس من إصاباته الدماغية الشديدة، ووافته المنية في عمر الـ46 في 19 مايو/أيَّار.