بسبب شجرة! حرب غاشمة كانت على وشك الاندلاع بين أمريكا والكوريتين.. تفاصيل عملية «بول بونيان»

عربي بوست
تم النشر: 2019/08/31 الساعة 11:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/31 الساعة 11:05 بتوقيت غرينتش

هل سمعت عن عملية بول بونيان؟ في أغسطس/آب من عام 1976، هاجم الجنود الكوريون الشماليون مجموعة من الرجال الأمريكيين والكوريين الجنوبيين الذين قاموا بتقليم شجرة حَوْرٍ في المنطقة التي تفصل بين الكوريتين والمشمولة بحراسة أمنية مشددة.

في خضم الهجوم، تعرض ضابطان أمريكيان للضرب بالفؤوس والعصي حتى الموت، وبعد ثلاثة أيام من المداولات التي دخل فيها حتى البيت الأبيض، قررت الولايات المتحدة الرد باستعراض هائل للقوة.

تم تعبئة مئات الرجال، تساندهم قوة خاصة، مع طائرات الهليكوبتر وقاذفات B52 وحاملات الطائرات.. لقطع الشجرة.

أخبر ستة من الرجال الذين شاركوا في المهمة غير العادية هيئة الإذاعة البريطانية BBC عن مشاركتهم في مهمة البستنة الأكثر درامية في التاريخ.

المكان

معسكر صغير محايد يقع في المنطقة الأمنية المشتركة (JSA) على الحدود بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، في المنطقة المعروفة باسم المنطقة المنزوعة السلاح (DMZ).

تم إنشاؤه بموجب شروط الهدنة الموقعة في عام 1953 والتي أنهت الحرب الكورية.

في العام 1976، كان بإمكان الحراس والجنود من كلا الجانبين التجوّل في المنطقة الصغيرة، بحيث كان الكوريون الشماليون والكوريون الجنوبيون والحرس الأمريكي يختلطون ويتواصلون.

العلاقات

يقول بيل فيرجسون الذي كان يبلغ من العمر حينها الثامنة عشرة، وكان جزءاً من مجموعة دعم الجيش الأمريكي في المنطقة الأمنية المشتركة (JSA) تحت قيادة نقيب يدعى آرثر بونيفاس الشهير، "أراد النقيب بونيفاس حقاً أن نفرض شروط الهدنة". وتابع: "لقد شجعونا على تخويف الكوريين الشماليين للسماح بحرية الحركة الكاملة داخل منطقة JSA".

يذكر فيرجسون وفقاً لموقع BBC Mundo الإسباني أنه أثناء وجوده هناك قام الكوريون الشماليون بكسر ذراع أحد الحرس الأمريكيين عندما قاد سيارته الجيب بطريق الخطأ خلف مبناهم الرئيسي، مبنى بانمونكاك.

في هذه الأثناء، شجع الملازم الأمريكي ديفيد زيلكا الرجال على الخروج للقيام بدوريات بالعصي الكبيرة، وضرب جدران ونوافذ ثكنات كوريا الشمالية، واستخدامها كأسلحة إذا لزم الأمر.

يقول مايك بيلبو، صديق بيل فيرغسون وزميله في الكتيبة في JSA: "أخذَنا زيلكا إلى تلك الدوريات السرية ووجدنا جنوداً تابعين لكوريا الشمالية واعتدينا عليهم بالضرب.

كانت كل هذه الأعمال العدائية مقدمة لحادث الشجرة، الذي كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.

الحادث

تمنع فروع الشجرة الرؤية بين نقطة تفتيش ونقطة مراقبة، لذلك تم إصدار أمر لفريق من الرجال الأمريكيين والكوريين الجنوبيين بتهذيبها.

في المحاولة الأولى، اعترضت كوريا الشمالية، مدعيةً أن أي أعمال بستنة تتطلب إذناً من كلا الطرفين وأحبطت الأمطار الغزيرة التي هطلت هناك فجأة المحاولة.

عندها، ظهرت مجموعة من الكوريين الشماليين، مطالبين بالتوقف عن قطع الفروع، لكن النقيب بونيفاس تجاهلهم.

في الأثناء هاجم الكوريون الشماليون المنطقة وباستخدام العصي والفؤوس أزاحوا بالقوة المسؤولين عن البستنة، وضربوا النقيب ومعه الملازم الأمريكي مارك باريت حتى الموت.

الرد

دقت صفارات الإنذار في جميع أنحاء المنطقة منزوعة السلاح وكانت القوات في حالة تأهب قصوى.

وصلت الأخبار سريعاً إلى العاصمة واشنطن، حيث دعا وزير الخارجية هنري كيسنجر إلى شن هجوم على ثكنات كوريا الشمالية لضمان "احتمالات مرتفعة في محاصرة الأشخاص الذين فعلوا ذلك".

أراد كيسنجر أن يكون الرد رادعاً ، إذ رأى أن الرد إن لم يكن على قدر الحدث فإن الكوريين سيكررونها.

ناقش القادة العسكريون والسياسيون أفضل طريقة للرد، ووافق الجميع على شيء واحد: يجب أن تقطع الشجرة.

العملية

وضع القادة خطة لجزّ الشجرة باستعراض هائل للقوة.

أُطلق عليها اسم عملية بول بونيان، التي سميت باسم حطاب عملاق في الفولكلور الأمريكي، وكان من المقرر إجراؤها في 21 أغسطس/آب.

يتذكر جونسون: في الليلة التي سبقت قطع الأشجار، "استدار الضابط المسؤول عن العملية ووضع علامة X بطبشور كان في يده وكتب على اللوح اسم وحدتنا، وكلفني بمهمة وضع متفجرات في معسكر ليبرتي بيل لتدمير القاعدة في حال هاجمها الكوريون الشماليون وحاولوا الاستيلاء عليها.

مستعدون لعدم العودة

أمضى الجنود الليلة في التحضير لمهمتهم الخاصة؛ لضمان ما يعرف باسم "جسر العودة" لمنع قوات كوريا الشمالية من دخول منطقة JSA والتدخل في قطع الشجرة.

كانت المهمة على قدر من الأهمية لدرجة أنهم كانوا مستعدين لعدم العودة، والموت فداء إنجازها وقطع الشجرة.

اللحظة الحاسمة

وصلت فرقة يقودها بيل فيرغسون ومايك بيلبو لمكان الشجرة ومعهم رجال مسلحون فقط بالمسدسات ومقابض الفؤوس

استخدموا سلماً لتسلق الشجرة، ووقف شخص خلف كابينة الشاحنة يقطع أحد الفروع، وآخر يقطع فرعاً آخر بالمنشار.

وبينما كانت القوات الأمريكية تقطع الشجرة، دخلت القوات الكورية التي وصلت إلى المنطقة في شاحنات وحافلات محمية بمدافع رشاشة.

يتذكر العديد من الجنود الأمريكيين أنهم والقوات الخاصة الكورية الجنوبية التي رافقتهم قد أخفوا أسلحة ثقيلة تحت أكياس الرمال على أرضية شاحناتهم.

حتى أن بعض الكوريين الجنوبيين قاموا بربط ألغام كلايمور على صدورهم وأمسكوا المتفجرات بأيديهم، بينما حاول الكوريون الشماليون الهجوم.

لكن الكوريين الشماليين لم يتدخلوا

بمجرد قطع الفروع، انسحبت القوات الأمريكية والكورية الجنوبية بسرعة، على الرغم من أن القوات الأخرى في المنطقة المنزوعة السلاح ظلت في حالة تأهب، وانتهت العملية بأكملها في أقل من 45 دقيقة في ظل حالة من التأهب.

شعر الجنود بأنهم أحرجوا الكوريين الشماليين، وأن قطع الشجرة سيثير غضبهم، لكن قطع الشجرة كان مجرد رد على قتل ضابطين أمريكيين ورأى الأمريكان أن ذلك لم يكن منصفاً.

تغيرت القواعد في JSA بعد فترة وجيزة من عملية بول بونيان، إذ تم فصل الكوريين الشماليين عن قوات الأمم المتحدة بحاجز خرساني صغير.

لم تكن كوريا الشمالية متحمسة لهذا الاتفاق؛ لكنها رضخت بالفعل، وكان ذلك بمثابة إعراب نادر عن الأسف من الزعيم الكوري الشمالي آنذاك كيم إيل سونغ بسبب وفاة الجنديين الأمريكيين والذي جعل العالم يدرك أن الاستعراض الأمريكي الهائل للقوة قد ردع كوريا الشمالية فعلياً.

بقيت القوات في معسكر ليبرتي بيل وJSA في حالة تأهب قصوى بعد العملية، في حالة وقوع أعمال انتقامية، ومرّت أسابيع قبل عودة الرجال إلى روتينهم المعتاد.

تحميل المزيد