إذا كنت شاهدت مسلسل Peaky Blinders وتأثرت بحرفية أبطال المسلسل وحبكته الدرامية، ربما تساءلت عن تاريخ عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية.
مسلسل Peaky Blinders عرض في عام 2013 وقدم 4 مواسم حتى الآن، وجذب أنظار المشاهدين والنقاد، وحصد عدداً كبيراً من الجوائز، آخرها جائزة البافتا لأفضل مسلسل درامي.
ورغم إظهار المسلسل احتراف شباب عائلة بيكي بلايندرز العنف واستخدام السلاح، لكن الوضع الحقيقي لم يكن بهذه الحرفية.
إذ إن تاريخ عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية يختلف عن التفاصيل في مسلسل Peaky Blinders.
سواءً لبُعد الفترة الزمنية التي عاشت بها هذه العصابة أو لأغراضٍ درامية بين الحقيقة والمسلسل.
في هذا التقرير نأخذكم في عوالم عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية، من هم وكيف بدأت قصتهم لنفرق بوضوح بين الحقيقة والخيال.
تاريخ عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية مرتبط بمدينة برمنغهام
منذ عام 1870 وبعدما سقطت مدينة برمنغهام في أزمة اقتصادية وحالة فقرٍ شديدة، انتشرت الجريمة بالشوارع. ليصبح المسرح مهيّأ لظهور عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية وغيرها من العصابات.
في برمنغهام أصبح من المعتاد أن يكوِّن الشباب مجموعات إجرامية ويتّخذون أماكن يفرضون عليها سطوتهم.
أفراد العصابة يرتدون ملابس موحَّدة، وعادةً ما تحدث مشاحنات بين هذه العصابات بصورة دورية تؤدي لإصابات وفي بعض الأحيان إلى الوفاة.
واحدة من أشهر العصابات هناك: عصابة السلوغرز Sloggers ، يقودها جون أدريان منذ العام 1870، وكانوا معروفون باستخدام أحزمة السراويل كأسلحة ليقيّدوا بها الضحايا قبل ضربهم.
ولكن سريعاً ما انشقّت عن هذه العصاب، عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية.
عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية.. بعيداً عن الأساطير
الشائع عن مصدر الإلهام باسم عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية هو سلاح أفراد العصابة الشهير "موس الحلاقة" الذي كانوا يخبئونه في حواف القبعات المسطّحة التي يرتدونها.
وكما شاهدنا في مسلسل Peaky Blinders كثيراً ما استخدم الأبطال هذه القبعات بما فيها من أمواس الحلاقة سلاحاً يقطعون به آذان وأنوف الضحايا.
لكنّ تلك الأسطورة غير حقيقية، فأستاذ التاريخ البريطاني كارل شين صرّح بأن ذلك غير منطقيّ وأن اسم "بيكي" كان الاسم الشائع لهذه القبعات المسطّحة التي اعتاد أفراد العصابة ارتداءها.
بالإضافة إلى أنّ أمواس الحلاقة في تلك الحقبة كانت سلعةً للطبقة الغنية المرفهة، وغالية الثمن بالنسبة لأفراد العصابة والمجتمع الذي يعيشون فيه.
كذلك نقطة إخفاء الموس في القبعة واستخدامه في القتل ما هي إلا إضافة من الكاتب جون دوغلاس في روايته Walk Down Summer Lane ومنها انتقلت إلى مسلسل Peaky Blinders، وفق صحيفة Birmingham Mail البريطانية.
عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية.. عصابة بذوق خاص وجرائم ساذجة
أفراد عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية كانوا مجموعة من الشباب ذوي الذوق الخاص والمميز، ورسموا صورةً أنيقةً لأنفسهم ميّزتهم عن باقي العصابات.
ارتدوا ملابس موحّدة تتكوَّن من القبّعات المسطّحة الشهيرة المائلة على أحد جانبي الرأس، وربطات العنق، والسراويل الواسعة من الأسفل.
مع السترات ذات الأزرار النحاسية، والأحذية ذات الكعوب الحديدية، بل إن بعضهم اعتاد ربط وشاح حريري حول أعناقهم زيادة في التميّز.
على الجانب الآخر جرائمهم لم تكن مميزة مثل مظهرهم، بل كانت ساذجة في الكثير من الأحيان.
ففولر وبايلز كانا مسؤولان عن سرقة الدرّاجات، وماك هيكي كان يسرق المتجر بجوار منزله بانتظام، وهو متجر فقير لا يحصل إلا على أقل القليل.
كما كانوا يحصلون على الإتاوات مقابل الحماية التي يفرضونها على البعض، والمتاجرة في السوق السوداء.
بل إنّ التقارير التاريخية حولهم أفادت بأنهم "مجموعة من الشباب الحمقى الذين يترنحون سكارى في مجموعات، ولا يقومون سوى بإهانة ومضايقة المارة".
من أعضاء عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية؟
تكوّنت عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية من مجموعة شباب صغار السن ذوي وجوه ملائكية يصعب أن تتّخذها بجدية بالفعل.
أعضاؤها هم: هاري فولر، وإيرنست بايلز، وستيفن ماك هيكي، وتوماس جيبلرت، وسنتناول هنا شخصيات أفراد العصابة بالتفصيل:
هاري فولر
أفادت وثائق الشرطة بأن هاري فولر ارتكب جرائمه عندما كان فقط في التاسعة عشرة من عمره.
هارلي من مواليد عام 1885 وكان وسيماً ذا وجهٍ طفوليّ وشعر بني فاتح وعينين رماديتين، مع ندبة دائرية على الخد الأيسر.
تم القبض عليه في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول عام 1904 لسرقته دراجة، بالإضافة لقضائه شهراً في السجن بسبب إهانته للشرطة.
إيرنست بايلز
تم القبض على إيرنست بايلز بذات الجريمة وهي سرقة الدراجات من خارج مصنع، وذلك عندما حاول بيع الدراجة، وسُجن لمدة شهران على هذه الجريمة.
وولد بايلز في 1885 وكان له شعر بني فاتح وعينان رماديتان، مع وحمة على الخد الأيمن بالقرب من الأنف.
ستيفن ماك هيكي
وُلد عام 1879، وكان بشعر أسود وعينين بنيتين، ووشمين أحدهما على الذراع اليسرى اتخذ شكل امرأة، والآخر على الذراع اليمنى حمل اسم لويزا.
دخل السجن في 24 أكتوبر/تشرين الأول عام 1904 لاقتحامه وسرقته متجراً بالقرب من منزله، وسُجن لمدة 8 أشهر.
توماس جيلبرت
أكبر أفراد العصابة سناً، فهو من مواليد 1866 وكان أصلع بعينين بنيتين وشعر بني وشارب كبير، وأحد أصابع يده كان مقطوعاً مع علامة على ركبته اليمنى.
وتم إلقاء القبض عليه في 18 من أكتوبر/تشرين الأول عام 1904 ولكن لم يتم تحديد السبب وراء ذلك.
لكن غالباً يرجع ذلك كونه أحد أعضاء هذه العصابة ولكن لم يقم بجريمة فعلية تم إمساكه متلبساً بها مثل رفاقه.
تاريخ عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية مختلف عن المسلسل
تاريخ وقوع الأحداث نقطة خلاف أخرى بين مسلسل Peaky Blinders والحقيقة.
عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية كانت ذروة نشاطهم في تسعينيات القرن التاسع عشر، بينما يدور مسلسل Peaky Blinders في العشرينيات من القرن العشرين، وتحديداً بعد الحرب العالمية الأولى.
وفي البحث الذي قام به كارل شين أوضح أن العصابة في مسلسل Peaky Blinders بعيدة عن بيكي بلايندرز الأصليين.
وتشبه عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية إلى حدٍّ كبير عصابة أخرى ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى تدعى "أولاد برمنغهام" والتي اكتسبت قوة كبيرة وأصبحت الأكثر إخافة في البلاد.
لا وجود للقائد تومي شيلبي
أما تومي شيلبي فلم يكن له وجود في تاريخ عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية، لكن كان له وجود في تاريخ عصابة "أولاد برمنغهام".
إذ يشبه تومي شيلبي رئيس هذه العصابة والذي كان يُدعى "بيلي كيمبر".
وهو مثل شيلبي ذهب إلى الحرب العالمية الأولى ليعود أكثر عنفاً وقوة، وقد كان رجلاً ذكياً ذا مهارات قتالية عالية، وشخصية جذابة.
في النهاية عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية كانوا مجرد عصابة من الهواة.
وقد اكتسبت عصابة بيكي بلايندرز الحقيقية سمعة كبيرة بسبب أناقتهم وليس قوتهم ولا عنفهم.
ولكن يبدو أن اسمهم كان جذاباً كعنوان للمسلسل الذي استلهم أحداثه من عصابة أخرى أتت بعد 20 عاماً تقريباً.