منعت أجهزة الرقابة المصرية عرض إحدى المسرحيات قبل ساعات من موعد عرضها الأول الأحد 18 مارس/آذار 2018 في القاهرة، في حلقةٍ أخرى من مسلسل انتهاك الحكومة المصرية لحرية التعبير، وفق ما ذكرت صحيفة The Washington Post الأميركية.
وصعّد مخرج مسرحية "قبل الثورة" أحمد العطّار من احتجاجه على طلب الرقابة المصرية حذف 5 مشاهد من مسرحيته، حيث ألغى عرضي الأحد والإثنين، التي يقوم ببطولتها اثنان من الممثلين وتصور مشاعر القهر والاحتقان التي سادت مصر قبل ثورة يناير/كانون الثاني 2011.
وأكد العطار أنَّ حذف 5 مشاهد كما طلبت الرقابة من شأنه أن يشوِّه المسرحية.
وتعد المسرحية -التي كان من المقرر أن تُعرَض لـ6 ليالٍ على مسرحٍ سعته 100 متفرج- جزءاً من فعاليات مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة، والذي يُعد بدوره أكبر الفعاليات الفنية في وسط القاهرة ويحصل على تمويله في معظمه من اليونسكو وكذلك مؤسسات وسفارات أجنبية.
وذكر بيان أصدره منظمو المهرجان أنَّ العطار -الذي ألَّف المسرحية وأخرجها- رأى أنَّ حذف 5 مشاهد من المسرحية يؤثر سلباً على البناء الدرامي والعمل الفني ككل، ويفرغه أيضاً من مضمونه الفني والأدبي، مما يتعذر معه تقديم العرض بهذه الصورة المشوهة.
ويشنَّ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حملةً على المعارضة وحرية التعبير، وتُصعِّد السلطات ضغوطها قبيل الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها قريباً، والتي يُتوقع أن يفوز فيها السيسي باكتساح دون منافسة تقريباً. ويُذكَر أنَّ السيسي قد وصل إلى سدة الحكم عام 2013 بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي الذي كان مثاراً للانقسام في المجتمع.
وبعدما اعتقل السيسي كل مَن وجد فيه احتمالية أن يكون منافساً قوياً له أو أخرجه من السباق الانتخابي بطريقةٍ أو بأخرى، من المتوقع أن يُصوِّت المصريون في الفترة ما بين 26 و28 من مارس/آذار إما للسيسي أو لسياسي آخر مغمور داعم للسيسي ولم يقم بأي حملة انتخابية. وتملأ صور السيسي معظم الشوارع والميادين الرئيسية في البلاد.
في هذه الأثناء، اتخذت السلطات نهجاً صارماً في التعامل مع أي وسيلة إعلامية تنتقد الحكومة، واعتقلت الكثير من الصحفيين، في الوقت الذي وصف فيه النائب العام الصحفيين المنتقدين للحكومة بـ"قوى الشر" التي "تحاول النيل من أمن وسلامة الوطن ببث ونشر الأكاذيب والأخبار غير الحقيقية".
وتُعَد واقعة مسرحية "قبل الثورة" ثاني مناسبة تقوم فيها السلطات بمنع مسرحية قبيل الانتخابات؛ فقد سبق اعتقال 6 أشخاص شهر مارس/آذار 2018 لمشاركتهم في مسرحية على مسرح أحد نوادي القاهرة اعتُبِر أنَّها تتعرض بالإهانة لقوات الأمن بسبب إشارتها إلى ضابط شرطة مثير للجدل قتل سياحاً إسرائيليين عام 1985.
وتقدَّم العطار -المدير الفني للمهرجان- بتظلمٍ إلى لجنة رقابة ثانية لتشاهد العرض الإثنين 19 مارس/آذار على أمل أن تسمح له بعرض المسرحية دون حذف المشاهد الخمسة.
وحظي العطار مؤخراً بتقدير في الأوساط الأوروبية عن أعماله الاجتماعية الساخرة، وخصوصاً عن آخر أعماله عام 2014 "العشاء الأخير"، الذي ينقد فيه النخبة القاهرية والسلطة الأبوية الطبقية، وحظيت باستقبال وترحيب في كافة المهرجانات المسرحية.
وفيما يتعلق بمسرحية "قبل الثورة"، يقول العطار إنَّه بالرغم من أنَّه يرى أنَّ الوقت لا يزال مبكرًا لتناول أحداث 2011 من الناحية الفنية، فإنَّه كان يأمل أن يناقش بعض الظروف التي أدَّت إلى الثورة التي أطاحت بحسني مبارك الذي حكم مصر لعقود.
وفي مقابلةٍ مع وكالة أنباء أسوشيتد برس، قال العطار: "أريد أن أنقل العواطف التي سادت هذه الفترة. أعتقد أنَّها كانت فترة عصيبة سادها القمع والهزيمة، أعني أنَّها كانت فترة غايةً في الصعوبة. لذا أردتُ للجمهور أن يشعر بذلك".