موسم صيد الغزلان.. موت الإله وتناسخ الأرواح.. رواية جديدة لأحمد مراد

يعد مراد من أشهر الروائيين المصريين، خاصة بين جيل الشباب، كما أن رواياته تتصدر باستمرار قوائم الكتب الأعلى مبيعاً (Best seller) في المكتبات المصرية، وهي الرواية السادسة لمراد بعد "فيرتيجو، تراب الماس، الفيل الأزرق، 1919، أرض الإله".

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/09 الساعة 03:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/09 الساعة 03:47 بتوقيت غرينتش

صدر في الأسبوع الماضي، عن دار الشروق رواية "موسم صيد الغزلان"، للكاتب المثير للجدل أحمد مراد، التي انتظرها القراء بشوق بالغ منذ إعلان صدورها، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على صفحة أحمد مراد الشخصية، بموقع فيسبوك.

يعد مراد من أشهر الروائيين المصريين، خاصة بين جيل الشباب، كما أن رواياته تتصدر باستمرار قوائم الكتب الأعلى مبيعاً (Best seller) في المكتبات المصرية، وهي الرواية السادسة لمراد بعد "فيرتيجو، تراب الماس، الفيل الأزرق، 1919، أرض الإله".

وكعادة مراد في التجديد، يُطل علينا من المستقبل برواية فلسفية عاطفية ممزوجة بنكهته المفضلة من الأحلام والهلاوس، وتناقش العديد من القضايا الشائكة عن الإلحاد، وموت الإله كأثر للتطور العلمي، وتصور الإنسان ووصوله لمرتبة الآلهة، ونظرية التطور، ومحاولة الإجابة عن لغز الموت، الذي لا تحله فكرة الإلحاد، ويقدم مراد حلاً بتناسخ الأرواح وإعادة تدويرها على مدار تاريخ الأرض.

تدور أحداث الرواية في المستقبل، في توقيت اجتياح العالم لحُمي المُذنب، حول نديم، عالم البيولوجيا ودكتور في علم النفس التطوري، الذي يعشق صيد الغزلان "النساء"، ويزهد في زوجته مريم التي يعدها كائناً مقدساً، لا يرغب فيها ولا يتركها لغيره، تبدأ أحداث الرواية بحلم غامض وغريب ينتاب نديم عن امرأة جميلة ذات شعر أحمر تاليا، وفي اليوم التالي يقابلها في إحدى محاضراته بصحبة زوجها "طارق".

ومن هنا يبدأ نديم في رحلة صيد "الغزالة حمراء الشعر"، ويخوض من أجلها رحلة روحية خاصة، بعيداً عن التكنولوجيا، في "الملاذ"، داخل القاهرة القديمة، الذي يديره زوجها طارق ليصل لمرحلة الصفاء الذهني ويتواصل مع ذاته، وفي أثناء تلك الرحلة تنتابه الأحلام والهلاوس عن ماضيه، وعلاقته الشائكة بوالدته وأبيه، عن وفاة ابنته سُلاف، وعن حيواته السابقة، كحاوٍ وحداد وحاخام، وفي النهاية يكتشف أن الحقيقة الوحيدة هي الحب، فالحب هو السبب المنطقي الوحيد من خلق هذا الكون.

جاء وصف مراد وتصوره لأجواء الديستوبيا المستقبلة، والتطور الحضاري والتكنولوجي في الرواية جميلاً وباهراً ومتقناً، بداية من جفاف وادي النيل نتيجة لنزاعات المياه، وذوبان جليد القطبين وغرق الدلتا والإسكندرية، وهجر القاهرة، وتطور وسائل التواصل الاجتماعي، والهولوجرام، والروبوتات الذكية، والعلوم الطبية، واستبدال الأعضاء البشرية التالفة أو المصابة بالشيخوخة بأخرى صناعية، والقضاء على الأمراض، وصولاً إلى اختيار نوع الأجنة، ومعدل ذكائها، وصفاتها الوراثية -ما يتيح لك اختيار الطفل الذي تحلم به طالما يمكنك دفع التكلفة المناسبة لذلك- والتعلم عن طريق زرع المعلومات داخل المخ، بدون عملية التعليم الطويلة المعقدة، ولعل ذلك يعد أفضل أجزاء الرواية على الإطلاق.

إلا أن الرواية بها العديد من الإخفاقات الأخرى، فـ"نظريات صيد الغزلان" الخاصة بنديم أشبه بتعليمات مملة وفجّه، وقد تذكرك بقواعد الفتاة الإسطنبولية في رواية "لقيطة إسطنبول لإليف شفق"، إلا أنها أكثر تصادماً ووقاحة، ونذكر منها:

"الجرأة في لمس أو لعق شيء منها "عَرق، بقايا طعام، عُقلة إصبع" له تأثير سحري، يجري كموجة كهربية من أسفل ساقيها وحتى خديها". (صـ 111)

"لا تتردد في استعراض جسدك دون أن يبدو الأمر مفتعلاً، بشرط أن تمارس تمارين البطن والصدر، فالمرأة لا تحب أن ينافسها ذكر حجم ثدييه أكبر من ثدييها". (صـ 100)

يعيب الرواية أيضاً ضعف رسم الشخصيات، التي جاء أغلبها باهتاً مقتصراً على الوصف الشكلي، مثل "تاليا وسُلاف ومريم"، الشخصية الوحيدة التي رُسمت بشكل جيد إلى حد ما، كانت شخصية نديم بحيرته وأنانيته، وبنظرته الجنسية للمرأة، وأسئلته الوجودية.

وستجد النساء خاصة صاحبات الدعوات النسوية "الفيمنست"، بعض الحساسية أثناء قراءة الرواية، فلم يتخل "مراد" عن حشر المشاهد الجنسية الصريحة والمقززة في بعض الأحيان، وتصويره المرأة كأداة جنسية، "طأها بعنف، حتى ينفك "Extension"، حتى تتساقط رموشها الصناعية، حتى تحتك أسنانها بالبلاط، وحتى تلتقم خيوط السجادة مثل المكرونة الإسباجيتي، بنهم، واحرص على عدم التعلق بها، فتفشي العاطفة بداخلك سيجعل القلب يستأثر بالدم حتى يختنق العقل". (صـ253)

ومما لا شك فيه أن تلك الرواية ستغضب المحافظين، والمؤمنين بالديانات السماوية، وستبدو لهم أشبه بالسير على الجمرات، فمراد يصطدم بعنف مع الأديان السماوية، فـيطرح من خلال شخصية نديم الملحد، كثيراً من الأفكار الوجودية والعدمية، فيعلن موت الإله، كما أعلنها نيتشه من قبل "لقد مات الإله ونحن الذين قتلناه".

ويؤمن إيماناً شديداً بنظرية التطور لداروين، معارضاً نظرية الخلق التي تطرحها الأديان السماوية: "الإنسان متخلقش فجأة مهما كانت المقولة دي بتخالف اعتقادات نشأنا عليها، التطور حقيقة علمية، زي الشمس والقمر والنجوم". (صـ331)

في النهاية يقدم مراد للقارئ، وجبة دسمة من الأفكار والتساؤلات، إلا أنها كريهة المذاق، فالحبكة جاءت ضعيفة، وشابها بعض التفكك، ربما لكثرة الأفكار التي رغب في طرحها.

الرواية غير متاحة PDF

السعر 50 جنيهاً

عدد الصفحات 333

علامات:
تحميل المزيد