اشتهرت الجاسوسة الهولندية ماتا هاري على مدى عقود حتى حازت لقب "جاسوسة الجواسيس"، رغم حياتها الطبيعية التي عاشتها في البداية وشهرتها كراقصة.
هيا بنا نلقي نظرة عن قرب على ماتا هاري ذات الجسم الرشيق وحياتها المليئة بالأسرار..
الاسم الحقيقي
وُلدت هاري في مدينة يوفاردن التابعة للولايات الفريزية الهولندية، عام 1876 من أم إندونيسية وأب هولندي، والاسم الحقيقي لها هو مارغريتا جريتشي، فيما كان والدها يعمل تاجراً، وعندما أفلسوا بدأوا بالعمل في التسويق العقاري.
وقد بدأت مارغريتا التي عاشت طفولتها بشكل طبيعي، تلقّي تعليمها بذهابها إلى مدرسة المعلم في مدينة ليدن الهولندية، عندما أتممت سن الثامنة عشرة.
تزوجت بضابط أُعجبت به من إعلان
أرادت ماتا الزواج من ضابط رأته في إعلان بإحدى الجرائد، كانت مجرد مزحة من أصدقاء الضابط الذي عاد لهولندا لقضاء عطلة قصيرة من خدمته العسكرية في إندونيسيا، وعلى إثر هذه المزحة وصلت حوالي 15 رسالة للضابط، لكنه قرأ واحدة فقط، كانت تعود لمارغريتا.
وفي 24 مارس/آذار عام 1895 التقيا ببعضهما، وتزوجا في العام نفسه، وبعد حوالي 8 أشهر جاء طفلهما نورمان إلى العالم، ثم سافرت معه إلى بعثة دبلوماسية في الهند، بعد أن توفي طفلهما الأول، ورزقا بطفلة.
لكن الضابط الشاب كان يضربها حين تأبى الذهاب إلى أحد أصدقائه لتقترض له المال، حتى فوجئت به يقول لها يوماً: "إنني أحتاج المال وأنت جميلة، ويمكنك أن تجدي عشاقاً كثيرين، أنا لست غيوراً، وكل ما أريده منك أن تأتيني بالمال"، لترفض وتأخذ ابنتها وتهرب.
راقصة عالمية
كان الرقص يجذب انتباه مارغريتا، صاحبة الجمال الآخاذ كثيراً، بدخول القرن الجديد، فكانت تذهب باستمرار إلى جزيرة جافا، والتي كانت مستعمرة هولندية، وتتألفُ معظمها من الهنود، حيث تعلمت الرقص.
وبعد طلاقها، أقامت في باريس، وكان الشيء الوحيد الذي تستطيع فعله لكسب لقمة العيش هو الرقص. ومع ازدياد المعجبين بها، ذاع صيتها خارج باريس، وأصبحت راقصةً مشهورة عالمياً.
جمالها قرَّبها من السياسيين
مع بدء الحرب العالمية الأولى عام 1914، كانت تلك الراقصة المتعة الوحيدة للشعوب التي لم تهتم بالحرب، وبدأ يعجب بها بعض الساسة ورجال الدولة المهمين.
لذا، فكَّر الألمان في استخدام ماتا هاري كورقة رابحة، وذات مرة فوجئت بأحد ضباط المخابرات الألمانية في حجرتها، وعرض عليها العمل مباشرة لحساب المخابرات الألمانية، ووافقت.
وبحسب موقع Mynet التركي، فقد بدأت بتلقي التدريبات في الجاسوسية بمدرسة إسبيوناج في مدينة لورش الألمانية، وبعودتها إلى باريس عام 1915 استمرت من حيث توقفت في عملها كراقصة.
وبعد ذلك بفترة وجيزة، قُدِّم إليها عرض من الذين شكُّوا في عملها كجاسوسة، وهم الفرنسيون، وذلك لكي تعمل كعميل مزدوج لصالحهم، وعلى الرغم من قبولها العمل كعميل مزدوج لصالح الحكومة الفرنسية، إلا أنهم لم يثقوا بها.
ورغم ذلك أعطوها مهمة العمل مع 6 وكلاء فرنسيين في بلجيكا، لكن ماتا هاري قتلت العملاء الفرنسيين الستة، الذين من المفترض أن تعمل معهم رمياً بالرصاص في غضون أسبوعين، وقد أثار هذا غضب الفرنسيين.
اقتراب نهايتها وإدانتها
كانت هاري تحرق باستمرار الأشخاص الموثوقين لدى الحكومات الفرنسية والهولندية، فكانت تتقرب إلى ضباط دول الوفاق مثل فرنسا وإنكلترا وروسيا في عام 1916، وتجمع المعلومات عنهم، وتوصلها للألمان من خلال رسالة مشفرة مكتوب فيها "أرسل رسالة إلى طفلي".
وقد حقَّق الألمان العديد من الانتصارات تلك الفترة بفضلها، لكن هذه الانتصارات لم تدُم طويلاً، فقد سئمت الحكومة الفرنسية من هذا الوضع، وكانت تبحث عن سبب لإلقاء القبض على ماتا هاري.
ورغم أنها كانت على علاقة بعدد من المسؤولين والسياسيين، لكن عملها في الرقص كان يغطي على أي اتهامات تطولها، لذا لم يستطع أحد أن يثبت كونها جاسوسة لعدم وجود أدلة.
وفي عام 1917، نشرت الصحف خبر اعتقال مارغريتا بتهمة التجسس لحساب ألمانيا؛ إذ ألقي القبض عليها بعد عودتها من مدريد، حيث حضرت اجتماعاً للاستخبارات الألمانية، بحسب موقع Mynet التركي.
وبتفتيش منزلها عُثر على 30 ألف سند تجاري كانت تحتفظ بها في منزلها، لتحكم السلطات الفرنسية عليها بالإعدام؛ لحملها كل هذا القدر من المال مع تهم الخيانة والتجسس وقتلها 15 ضابطاً -واحد منهم فقط استطاع إطلاق النار عليها- التي لم يوجد دليل مادي صريح على صحتها.
أُحضرت هاري لمنصة الإعدام، يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول عام 1917، حيث قالت للعملاء الفرنسيين قبل إعدامها: "عندما تقتلونني، لن يكون أي شيء في أيديكم، ماذا يعني؟ هل ستنتصرون في الحرب؟!".