مفارقات جائزة نوبل للأدب

الأمر الآخر الذي أدى إلى الاستغراب أن الأسماء الأدبية المرشحة هذه السنة أسماء لها وزنها الأدبي المعترف به نحو: نجوجي واثينجو، وهاروكي موراكامي، ودون دوليو وآخرين، إلا أن لجنة الجائزة اعتادت خرق أفق التوقع والخروج عن المسار المنطقي من التفكير عند المهتمين والدارسين، كما أنها في السنوات الأخيرة لم تذهب لأسماء ذات وقع أدبي قوي عالمياً

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/18 الساعة 03:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/18 الساعة 03:08 بتوقيت غرينتش

تساهم الجوائز الأدبية في نشاط الحياة الثقافية عموماً والأدبية خصوصاً، وتأثيرها قوي في تحقيق الشهرة والترويج الأدبي، خاصة في عصرنا الحالي، بسبب تشابك الحدود بين الاقتصاد والثقافة بشكل كبير والجوائز عموماً تتعرض إلى انتقادات واتهامات كثيرة تحول الجائزة من أداة تكريم واحتفاء إلى أداة إدانة وتشكيك.

ومن أبرز هذه الجوائز جائزة نوبل للأدب، وتعد من أهم جائزة عالمية في القرنين 20 و21، وربما تستمر قروناً أخرى، وذلك لمردودها المادي المرتفع، وكذلك مردودها المعنوي الذي يعود على الفائز بكثير من النفع، خاصة الأدباء المغمورين منهم، الذين لم تكن لتتسنى لهم الشهرة لولاها، وهي جائزة تمنح كل سنة لكاتب قدم للإنسانية أدباً مثالياً، كما أوصى صاحبها "ألفريد نوبل" في وصيته، وبرغم عالميتها وصداها الواسع وتنافس الأدباء للحصول عليها لم تسلم من الاتهام والتشكيك في اختياراتها فكل جائزة تسلم للفائز تفتح أبواباً من التساؤلات لا حصر لها.

ويعد فوز بوب ديلان هذا العام من المفارقات الصارخة في تاريخ الجائزة، صحيح سبقتها مفارقات كثيرة في تاريخها سنتوقف عندها، ولكن فوز بوب ديلان يعد من مفارقاتها، فهو شاعر غنائي ويمارس الغناء والتلحين وبالتالي تصنيفه أدبياً صعب، خاصة عند المدارس النقدية التقليدية في الأدب، ولكن الأمر انفتح في هذا القرن مع الدراسات الثقافية والنقد الثقافي، وأصبح الانفتاح على التخصصات الأخرى، خاصة الفنية، من صلب الثراء الأدبي، ولم يعد هناك اكتفاء بالأدب الرسمي، خاصة أن الآداب الموازية أصبحت أكثر شهرة لشعبيتها وقربها من القراء العاديين، وقربها من الواقع وبساطة لغتها، وانحصار الأولى على النخبة؛ لهذا هناك من الدارسين من تنبَّأ بموت النقد الأدبي الأكاديمي الصارم.

لكن الأمر الآخر الذي أدى إلى الاستغراب أن الأسماء الأدبية المرشحة هذه السنة أسماء لها وزنها الأدبي المعترف به نحو: نجوجي واثينجو، وهاروكي موراكامي، ودون دوليو وآخرين، إلا أن لجنة الجائزة اعتادت خرق أفق التوقع والخروج عن المسار المنطقي من التفكير عند المهتمين والدارسين، كما أنها في السنوات الأخيرة لم تذهب لأسماء ذات وقع أدبي قوي عالمياً، فاعتقد الدارسون أن هذه السنة لا بد فيها من العودة إلى إعطاء الجائزة لمن يستحقها أدبياً وفنياً جمالياً.

وليس فقط بسبب التصنيف الأجناسي المختلف، فقد منحت لأليس مونرو بسبب كتابتها لجنس القصة القصيرة في زمن قل فيه الاهتمام بهذا الجنس، وطغت الرواية على كل الأجناس، وأصبحت ديوان العالم كذلك الصحفية البيلاروسية التي فازت بها العام الماضي، ولعل هذه خطة الجائزة، خاصة أنها تميزت في مسارها التاريخي بمراحل متنوعة تضع في كل مرة معايير جديدة للتقييم، ولعلها هذه الفترة أرادت التنويع الأجناسي، فلجأت إلى الشعر الغنائي الشعبي الذي يلامس مضامين إنسانية، ولا بد أن نشير إلى أن المعيار المشترك عادة للجائزة هو المضمون لا الشكل، ولهذا تتهم أنها جائزة أيديولوجية لا فنية.

وسنعرض بعضاً من مفارقات الجائزة التي سببت حالة الجدل والاتهام الواسع لها:

– حصل عليها الكاتب "صول بيلو" اليهودي المغمور وسط مرشحين أفذاذ في ذات العام أندريه مالرو، جراهام جرين و"سيمون دي بوفوار"، وحصل عليها كذلك "عجنون صموئيل" الذي جاء في تقرير اللجنة أن كتاباته ممثلة لرسالة إسرائيل إلى العصر.

– انحصار الجائزة على مبدعي الشمال من الكرة الأرضية دون الجنوبيين منها.
– منحت الجائزة لكتاب محليين لم يذع صيتهم مثل "كلود سيمون" الفرنسي الذي تساءل الناس عنه أهو رجل أم امرأة.
– منحت جائزة واحدة للعرب.
– حرمان الروس من الجائزة فلم يتحصل عليها أديب منهم حتى 1958 عندما فاز بها الأديب والشاعر بوريس باسترناك كأول أديب روسي مقيم في بلده ولم ينَلها ليو تولستوي أعظم أدباء الروس رغم فارق الجودة والشهرة.
– منحت الأكاديمية السويدية جائزة نوبل للأدب عام 1953 لسياسي الحرب العالمية الثانية رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل.
– فاز بها الشاعر الإنجليزي روديارد كلبنغ المعروف بآرائه العنصرية في قوله الشهير بأن الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد