العام الماضي شهد عالم الآثار موجة من الحماس إثر الأخبار التي تناثرت عن احتمالية وجود حجرات خفية في قبر توت عنخ آمون، والتي قد تضم بقايا وثروات الملكة نفرتيتي، كانت قصة لا ينقصها شيء، كنز مدفون ومومياء واحدة على الأقل، بالإضافة إلى أمل جديد لصناعة السياحة المتعثرة في مصر.
كانت هناك مشكلة واحدة فقط، وهي أن الموقف الحالي يشير إلى أن هذه القصة ليس لها أساس من الصحة، ويقول العلماء إن القاهرة أخفت الأدلة التي توصل إليها أحد الأبحاث الجديدة، وفق تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، الخميس 12 مايو/أيار 2016.
في نوفمبر/تشرين الأول الماضي أشعل ممدوح الدماطي، وزير الآثار المصري آنذاك، حماس العالم حين أعلن عن احتمالية تبلغ 90% بوجود غرفة غير مكتشفة في مقبرة توت عنخ آمون تم التوصل إليها عبر مسح الرادار، وهو التصريح الذي أضاف وزناً لنظرية عالم المصريات البريطاني ريتشارد ريفز، التي افترضت احتواء المقبرة على موقع دفن نفرتيتي سليماً، وهي الملكة التي يعتقد الكثيرون أنها كانت زوجة أب لتوت عنخ آمون، وربما سبقته في الحكم كفرعون.
أجرت جمعية "ناشيونال جيوغرافيك" أيضاً هذا العام مسحاً ثانياً باستخدام تكنولوجيا متقدمة لاختراق التربة، وأرسلت تقرير المسح إلى وزارة الآثار المصرية.
على الرغم من ذلك، لم تكشف الوزارة عن النتائج، ما أثار شكوكاً حول تعارض هذه النتائج مع الاحتمال الذي تم الإعلان عنه، وأشعل صراعاً داخلياً في القاهرة، بالإضافة إلى استبدال الدماطي في مارس/آذار الماضي.
أما دين جودمان، الجيوفيزيائي المتواجد بكاليفورنيا الذي قام بتحليل نتائج المسح الجديد، فقد أعلن عدم قدرته على التعليق بسبب اتفاق عدم الكشف مع جمعية "ناشيونال جيوغرافيك".
وكان موقع "ناشيونال جيوغرافيك" قد نقل عنه في وقتٍ سابق قوله بعدم العثور على حجرة مجوفة، حيث قال: "كان يجب أن نحصل على انعكاس قوي إذا كان هناك فراغ، لكن لا يوجد شيء. وعلى الرغم من أن بيانات المسح قد تكون غير موضوعية أحياناً، لكن ليس في هذه المرة بالذات، من الجيد أن تحصل على نتائج واضحة ومقنعة في موقع بهذه الأهمية".
كما أضاف المتحدث باسم جمعية "ناشيونال جيوغرافيك": "لقد أرسلنا المسح الذي قامت به ناشيونال جيوغرافيك مصحوباً بتعليق جودمان إلى وزارة الآثار المصرية، لذا يجب أن توجه الأسئلة بشأن نتائج المسح للوزارة".
مع ذلك لم تكن هناك إجابة على هاتف المكتب الصحفي للوزارة، وأعيدت الرسالة الإلكترونية مع رسالة آلية تفيد بأن عنوان البريد الإلكتروني المقصود لم يعد صالحاً. ولم تكن هناك إجابة أيضاً على الطلب الذي أرسل لريفز، عالم المصريات بجامعة أريزونا، للتعليق على هذا الأمر.
بينما قال لورنس كونيرز، أستاذ الإنثروبولجيا بجامعة دنفر مؤلف كتاب استخدام الرادار المخترق للتربة في علم الآثار: "جاءت ناشيونال جيوغرافيك وجمعت مجموعتين من البيانات، مستخدمة أحدث المعدات والهوائي المناسب لكل منهم. مسحوا أحد الجدران التي يعلمون بوجود مساحة فراغية وراءها لاستخدامها كمثال، في هذه الحالة كانوا يعرفون ما الذي يبحثون عنه. بعد ذلك مسحوا كل الجدران القائمة عدة مرات، وبحسب ما فهمته فلم تكن هناك أي إشارة لوجود مساحة من الفراغ".
كما أضاف: "أظن أن المصريين في حالة من الإنكار بشأن هذا الأمر".
كان التفاؤل المبدئي بشأن وجود حجرات خفية في المقبرة قد زاد مع مسح الرادار الذي أجراه الأخصائي الياباني المخضرم هيروكاتسو واتانابي. وهي النتائج التي تقع تحت المجهر خاصة بسبب رفض واتانابي مشاركة البيانات الأصلية التي بنى عليها استنتاجاته.
وكان قد أخبر موقع "ناشيونال جيوغرافيك" أثناء أحد المؤتمرات التي انعقدت في القاهرة، بأنه غيّر معداته على مدار 40 عاماً قضاها في المجال، بحيث لم تعد بياناتها مقرؤة للآخرين، وأضاف: "أشعر بالحزن حين يقول أحدهم إنه يود التحقق من البيانات"، لكنه عبّر عن ثقته التامة بنتائجه "أثق ببياناتي تماماً".
هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية.