"الأرض تهتز تحت أقدامنا"، بهذه الجملة عبر أحد سكان حي بستان القصر الشعبي بمدينة حلب السورية، عما يحسّ به إثر تعرض منطقته لغاراتٍ جديدةٍ شنتها طائرات النظام السوري الجمعة 29 إبريل/نيسان 2016.
الطائرات الروسية وطائرات النظام السوري الحربية كثفت من وتيرة استهدافها أحياء حلب خلال اليومين الماضين، حيث خلّفت على الأقل 100 قتيل بينهم أطفال ونساء ومئات الجرحى.
وليست هذه أول مجزرة تتعرض لها المدينة السورية العريقة، سواءاً منذ انطلاق الثورة ضدّ نظام الرئيس بشار الأسد في العام 2011 أو على مرّ تاريخها.
فيما يلي نستعرض أبرز المجازر والأحداث الدموية التي مرّت على المدينة التي تعد إحدى أقدم المدن التي سكنها البشر:
استباحة حلب ومجازر التتار
في العام 1260، سقطت مدينة حلب في يد التتار، وهي أول مدينة شامية واجهت الغزو المغولي بعد سقوط بغداد، حيث خرج هولاكو في العام 1259 مع حلفائه من أمراء جورجيا وأرمينيا من عاصمة دولته مراغة في أذربيجان، متجهاً إلى الشام، فاستولى على مدينة ميافاريقين عاصمة ولاية ديار بكر، وكانت تحت سيطرة الملك الكامل محمد الأيوبي.
لكن بعد عدة مواجهات سقطت المدينة في 25 يناير/كانون الثاني 1260، وأباح هولاكو المدينة لجنوده لمدة 7 أيام، فقتلوا الكثير من أهلها وسبوا العديد من النساء والأطفال، كما نهبوا القصور والممتلكات، وبعد أن انتهوا قاموا بحرقها.
معارك الانكشارية مع الأشراف
الإنكشارية هي طائفة عسكرية من المشاة العثمانيين شكّلوا تنظيماً خاصاً، فكانت لهم ثكناتهم العسكرية وشاراتهم ورتبهم وامتيازاتهم، قبل أن يعلنوا العصيان والتمرد في وجوه الدولة العثمانية، لكنهم كانوا واسعي النفوذ في العديد من الولايات التابعة لها.
ويذكر المؤرخ كامل الغزي، في كتابه "نهر الذهب في تاريخ حلب"، صراع الإنكشارية مع طائفة الأشراف في العام 1798، حيث استطاع الإنكشارية قتل الكثير منهم بعدما ضمنوا لهم خروجهم آمنين من مسجد "الأطروش"، لكنهم نكثوا بعهدهم.
كما تذكر موسوعة المعارف البريطانية وقوع مجزرة في حلب في العام 1814 على يد الإنكشارية، إلا أن تفاصيلها مبهمة.
الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين
رغم قلة الوثائق التاريخية التي تسرد تفاصيل الواقعة، إلا أن رسالة مراسل صحيفة Times البريطانية إلى جريدته ذكرت بعض تفاصيل "قومة حلب"، وهي مجزرة وقعت في 16 أكتوبر/تشرين الأول من العام 1850 ضمن أحداث فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين القاطنين في حي الصليبة والجديدة بحلب، والتي نتج عنها مقتل 14 ألف شخصاً ونهب بيوت وكنائس.
كان سبب المجزرة تعاظم نفوذ وثراء المسيحيين من سكان حلب مقارنةً بالمسلمين، حيث كان يرى مسلمو المدينة موكب القسيس ماكسيموس الثالث المظلوم، علامة من علامات سيطرة المسيحيين على المدينة.
لكن بدأت أحداث العنف، بعدما قرر سكان المدينة المسلمون رفض التجنيد الإجباري، حيث خرجت جماعات مسلمة مسلحة للهجوم على مساكن المسيحيين، بعدما فشلوا في اقتحام محل إقامة والي حلب العثماني مصطفى ظريف باشا.
مجازر 1980 ضد الإخوان المسلمين
شهدت مدينة حلب في العام 1980العديد من المجازر التي وقعت على يد النظام بهدف القضاء على جماعة "الإخوان المسلمين"، كان أهمها مجزرة حي المشارقة التي أسفرت عن مقتل 100 شخصاً تم دفنهم في مقابر جماعية.
بالإضافة إلى مجزرة سوق الأحد التي وقعت يوم 13 يوليو/تموز 1980 وراح ضحيتها أكثر من 192 قتيلاً، ومجزرة بستان القصر في 12 أغسطس/آب 1980 وحصدت 35 ضحية من المدنيين، إضافة إلى مجزرتي حي الكلاسة والقلعة.
المجازر منذ الثورة حتى الآن
تعرضت حلب عقب انضمامها للمدن المؤيدة للثورة للعديد من المجازر، كانت بدايتها في منتصف العام 2012، بعد دخول الجيش الحر إليها، وسيطرته على الجزء الشرقي من المدينة.
وفي 3 أكتوبر/تشرين الأول 2012، قتل أكثر من 60 شخصاً، معظمهم من المدنيين، في انفجار 3 سيارات مفخخة في حلب شمال غربي سوريا، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي 15 يناير/كانون الثاني 2013، قُتل 87 – غالبيتهم من طلاب جامعة حلب – بقذيفة سقطت على الجامعة، وتبادل النظام والجيش الحر الاتهامات بالمسؤولية عنها.
في 29 يناير/كانون الثاني 2013، عُثر في نهر قويق بحي بستان القصر في حلب على جثث قرابة 80 شاباً، معظمهم كانت أيديهم مقيدة خلف ظهورهم.
وفي أواخر مايو/أيار 2013، قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن القوات النظامية أعدمت قرابة 50 من السجناء بسجن حلب المركزي.
وفي 22 يونيو/حزيران 2013، أفادت المعارضة السورية بمقتل 191 شخصاً في مجزرة بقرية "رسم النفل" بريف حلب، على يد النظام.
وفي 15 سبتمبر/أيلول 2015، قُتل 35 شخصاً، منهم 14 طفلاً من خلال إصابتهم بصاروخ قُذف من جانب المعارضة السورية نحو الجانب الغربي للمدينة.