تناقش هموم ٥ ملايين مصري.. “العطر” أول مسرحية للصم

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/11 الساعة 05:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/11 الساعة 05:53 بتوقيت غرينتش

"شاب من الصم وقع في حب فتاة سوية، لكنه كان متردداً في التقدم لخطبتها لأنه كان مقتنعاً بأن أهلها سيرفضون. لكن حبيبته شجعته ليحدث ما توقعه ويرفضه أهلها بسبب إعاقته".. هذا هو مضمون مسرحية "العطر" أول عرض مسرحي للصم وضعاف السمع في مصر.

8 من الصم والبكم يشاركون في بطولة المسرحية التي تعرض قريباً بالقاهرة، كما قال فتوح أحمد، رئيس البيت الفني للمسرح التابع لوزارة الثقافة المصرية، في حوار خاص مع "عربي بوست".

سألنا رئيس البيت المسرحي بمصر لماذا تحمستم لعرض "العطر" بشكل خاص؟

العرض من اختيار المخرج محمد علام، وتحمسنا له لأنه يناقش هموم 5 ملايين أصم في مصر – وهو عدد كبير للغاية – لا يستطيعون غالباً أن يلتحقوا بالدراسة الجامعية؛ لأنها تخلو من مترجمي الإشارة، وبالتالي قد يقف مستواهم التعليمي عند المدارس الثانوية أو الفنية.

فقلنا لن نذهب إلى وزير التعليم أو نرسل له بخطاب يتحدث عن مشكلاتهم، وإنما سنقدم تلك المشكلات من خلال عرض مسرحي، ونوجه دعوة للمسؤولين لمشاهدته.

المسرح في المشفى

لكم تجربة سابقة في تقديم عرض لجمهور خاص من قبل في مسرحية "حوش بديعة"..

عرض "حوش بديعة" قُدّم ضمن بروتوكول مع مستشفى العباسية للأمراض النفسية والعقلية. وحضر العرض أكثر من 300 مريض من نزلاء المستشفى. ولا أستطيع وصف سعادتي في ذلك اليوم. قبل العرض قلت في كلمتي إنني أرفض الصورة الذهنية السلبية التي تشكلت لدينا عن الأمراض النفسية بسبب البرامج والأفلام والرسومات الكاريكاتيرية، والوصف الشائع عن تلك المستشفى ونزلائها؛ لأن ما يعانون منه أمراض نفسية يعاني منها الجميع، ولكنهم أشجع لأنهم يعترفون بالمرض ويتوجهون للعلاج.

وبعد الانتهاء من كلمتي قال لي مدير المستشفى: "الكلمة دي تأثيرها النفسي يساوي شهرين من العلاج".

ويضيف فتوح أحمد أن هذه المبادرة ستستمر، "لأنني عرفت أن أهالي المرضى يذهبون بهم للمستشفى وقد لا يزورونهم بعدها ربما إلا في المناسبات.. ويصل الأمر بالبعض إلى الامتناع عن تسلم ذويهم حين يتوفون بالمستشفى.. ليتم دفنهم في مقابر الصدقة. وأرى أن من يمارسون هذا الجحود هم المرضى، لذلك علينا أن نهتم بتلك الفئات التي تحتاج لعلاج غير تقليدي".

مسرح للجنود

وماذا عن عرض "عاشقين ترابك" الذي قدمته في معسكرات الأمن المركزي؟

"هذا العرض كان استمراراً لهدفي، وهو الوصول للعقول في كل مكان، هذا غير أنه عرض في الكثير من المحافظات المصرية، وقُدّم للجنود والضباط بمعسكرات الأمن المركزي مجاناً، وحضره ما بين 2000 و3000 متفرج.

تركيزي على هذا النوع من العروض جاء بعد ما حدث من انفلات في الشارع المصري، وأرى أن سببه بالأساس هو إهمال العقول.

فهناك مقولة للرئيس الراحل جمال عبدالناصر أضعها أمامي دائماً وهي: "بناء العقول أهم من بناء المصانع". ومهما حصلنا على مساعدات من دول أخرى لن يحدث تطور في بلدنا طالما أن العقول لا تزال متوقفة عن العمل، لذلك أكثف جهودي للوصول إلى العقول وتطويرها من خلال المسرح.

وماذا عن مسرح الشباب.. هل سيتم تقديم عروض خاصة بالشباب على مسارح الدولة؟

80٪ من العروض التي قدمتها منذ توليت مسؤولية البيت الفني للمسرح شبابية، ومنها على سبيل المثال عرض "روح" الذي شارك في المهرجان القومي للمسرح وحصل على 8 جوائز من بين 20 جائزة.

وقد راهنت على الشباب دائماً، وبحثت عن الموهوبين في الإخراج منهم، سواءً كانوا من موظفي البيت الفني أو من خارجه للاستعانة بهم، لأن 70% من نجاح العرض هو المخرج، فالمخرج الجيد يختار سيناريو جيداً ويشكل فريق عمل قادراً على تقديمه في أفضل صورة، هذا بالطبع بالإضافة إلى الاستعانة بالنجوم الكبار، فهم ليسوا مثل خيل حكومة نتخلص منهم مع تقدم العمر، بل على العكس نستفيد من خبراتهم.

مسرح "غاضب"

هل نمر حالياً بمرحلة مسرح يقدم الضحك من أجل الضحك، ومسرح آخر موازٍ "غاضب" – إن صح التعبير؟

بالنسبة لي عندما أقرر أن أقدم مسرحاً أقدمه لعامة الجمهور وليس للمتخصصين، إضافة إلى أن 90% من أعمالي مغلفة بالضحك، لأني أريد أن أوصل قضايا بعينها للمصريين بطريقتهم المفضلة وهي الضحك والسخرية.

ومع كامل احترامي لما يقدمه أشرف عبدالباقي مثلاً في "مسرح مصر" من عروض ضحك من أجل الضحك، وهو هدف في حد ذاته، لكن يجب ألا يكون الضحك مجرد استظراف و"إفيهات".

من هنا فنحن في البيت الفني للمسرح نقدم عروضاً كوميدية يمكن أن تحضرها العائلات دون خوف من سماع إفيهات جنسية أو ألفاظ خارجة، على عكس العمل في القنوات التلفزيونية الذي قد يجعل العمل يخضع لرؤية تلك القنوات.

غيبوبة..

وهل من تطورات تتعلق بمسرحية "غيبوبة" التي تم منع عرضها في بعض محافظات مصر؛ لاحتوائها على ما رآه البعض هجوماً على ثورة يناير وشبابها؟

سيتم عرض المسرحية مرة أخرى على خشبة مسرح السلام، وسيتم تصويرها تلفزيونياً، وكان من المفترض استئناف عرضها ولكننا توقفنا بسبب مشكلة أثارها صحفي حول كود الحماية المدنية، رغم أن المسرح ليس فيه مشاكل تأمينية، وكل ما حدث هو تغيير كود الحماية في كل المنشآت الخاصة بالدولة ومن ضمنها المسارح.

وماذا عن مشكلة المسرحية في محافظة السويس؟

المسرحية ليس فيها مشاكل، وما حدث مجرد موقف تم تضخيمه.. ففي قصر ثقافة السويس كان هناك شابان يرغبان في الدخول دون تذاكر مع عائلتيهما، وعندما قوبل ذلك بالرفض، قاما بالحديث عن أن المسرحية تهاجم 25 يناير، فانسحبنا مع أن المسرحية لا تهاجمها.

مع "الدولة" وليس "النظام"

ولكن ربما كانت تصريحات وآراء الفنان أحمد بدير تسببت في بعض المشاكل للعرض أو خلق حاجز نفسي بينه وبين الجمهور؟

أحمد بدير فنان وطني ويحب البلد جداً، ولكني على المستوى الشخصي ضد أن يعلن الفنان موقفه السياسي؛ لأنه ملك الجميع، وذلك ما طبقته في كارنيه المسرح المصري ليدخله الجميع. فأنا مع الدولة وليس النظام، ومع أن يجد كل مصري نفسه في كل عرض يُقدم؛ لذا وجب التنوع في تقديم العروض.

علامات:
تحميل المزيد